حدث وتحليل
صفقة القرن: "شد حبال" أمريكي فلسطيني.. وتوقيع عربي على بياض
[ادارة الموقع]
تصر الادارة الاميركية على الحديث عن قرب الاعلان الرسمي لصفقة القرن والبدء بتطبيقها، علما ان التنفيذ الفعلي لهذه الصفقة قد بدأ اميركيا منذ فترة ليست ببسيطة ومن مؤشراتها قرار الريئس الاميركي دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة لكيان الاحتلال الاسرائيلي ومن ثم خطوة نقل السفارة الاميركية في الكيان من تل ابيب الى القدس المحتلة.
بالاضافة الى ذلك يسجل سلسلة طويلة من الانحياز الاميركي لصالح الاحتلال وعدم النظر الى أي مصلحة فلسطينية حتى بالنسبة لمن قبل بالدخول في مسار التفاوض مع الاسرائيليين والغرق في مستنقع الاتفاقات والتنسيق مع سلطات الاحتلال، وبالتحديد لم يراع الاميركي مصلحة السلطة الفلسطينية التي واجهت شعبها ومختلف الفصائل عندما استمرت بالالتزام بمسار اتفاق اوسلو وحاولت منع الحراك الشعبي الفلسطيني في الضفة الغربية نصرة لقطاع غزة ودعما لمسيرات العودة الكبرى رفضا للسياسات الاميريكية والاسرائيلية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.
زيارة كوشنير.. والعُقدة الفلسطينية
والحديث الاميركي اليوم عن صفقة القرن وإرسال وفد رفيع المستوى الى المنطقة يضم "صهر ترامب" جيراد كوشنير والمبعوث الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط جيسون غرينبلات، يهدف لابلاغ مختلف الاطراف العربية والخليجية بالخطوات العملية التي يجب تطبيقها وآلية الاعلان والبدء بتنفيذ الصفقة، حتى ان احد ابرز اهداف الزيارة سيكون محاولة البحث عن سبيل لفك أحد أهم العُقد القائمة امام الصفقة ألا وهي الرفض الفلسطيني الكامل للخطة وعدم القبول بالسير بها حتى من قبل السلطة الفلسطينية، وقد سربت بعض المعلومات ان كوشنر ارسل رسالة واضحة ان لا مشكلة لدى الاميركيين بتغيير قيادة السلطة وبالتحديد رئيسها محمود عباس والإتيان بمن يقبل التوقيع والسير بكامل البنود التي وافقت عليها بعض الدول العربية والاسلامية وعلى رأسها السعودية.
وفي سياق متصل، قال كوشنير"الرئيس عباس يقول إنه ملتزم بالسلام، وليس لدي أي سبب لعدم تصديقه... مع ذلك، أشكك في مدى قدرته أو رغبته في أن يميل إلى إنهاء الصفقة"، وتابع "لديه نقاط الحوار التي لم تتغير خلال السنوات الـ25 الماضية لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام في ذلك الوقت، ومن أجل الوصول الى صفقة على الجانبين أن يتحركا وأن يلتقيا في نقطة ما بين مواقفهما المعلنة"، واضاف "لست متأكدا من قدرة الرئيس عباس على القيام بذلك"، كلام واضح لكوشنير بالتصويب على عباس لدفعه للتعاون اكثر بخصوص صفقة القرن والايحاء بامكانية تغييره والتخلي عنه نتجية وقوفه وحيدا ضد الموقف العربي والخليجي الراضخ للإرادة الاميركية بالعمل على تمرير صفقة القرن والاطاحة بالقضية الفلسطينية.
علما ان مواقف القيادات التابعة للسلطة الفلسطينية تعتبر ان حضور هذا الوفد الاميركي الى المنطقة لا يدل على القدرة الاميركية بتجاوز محمود عباس والسلطة الفلسطينية بقدر ما هو دليل عجز عن اقناع كل العرب بالسير بالصفقة لانهاء القضية الفلسطينية بدون مراعاة القوانين الدولية واطر المرجعيات الدولية والاممية، ورأت هذه القيادات ان "كلام كوشنر يظهر أن الإدارة الأميركية تحولت في ملف السلام في الشرق الأوسط من دائرة التفاوض إلى فرض حلول مايعني اسقاط ملف المفاوضات نهائيا"، واشارت الى ان "كوشنر أوضح صراحة أن مواقف مصر والسعودية والأردن وقطر والإمارات وضعت حدا لكل حملات التشكيك التي يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"، وأكدت أن "الموقف شامل ومحدد بأن مبادرة السلام العربية هي الأساس، وتقضي بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967".
التخلي عن الفلسطينيين.. ورهان السلطة
لكن هذا الموقف الذي تعتمد عليه السلطة والاقتناع ان محمود عباس لا يزال ضرورة للحل ولا يمكن تجاوزه واصرارها على القبول بالمفاوضات مع الاحتلال بأشكال مختلفة، يتناقض مع الوقائع التي اعلنت عنها العديد من الدول العربية وفي طليعتها مملكة آل سعود على لسان ولي العهد محمد بن سلمان الذي اعلن صراحة قبل فترة حق الاسرائيليين باقامة كيانهم على ارض فلسطين حيث انتقد الفلسطينيين لرفضهم ما يعرض عليهم من مخططات، ودعا "الفلسطينيين للتوقف عن التذمر والقبول بما يقدم لهم"، علما ان من ابرز ما يقدم للفلسطينيين من ضمن صفقة القرن(وقيل ان ابن سلمان وافق عليه وعمل على تسويقه عربيا وفلسطينيا) ان يقبل الشعب الفلسطيني بأبو ديس عاصمة لهم بدل القدس المحتلة، بالاضافة الى شطب حق العودة عبر القبول بجزء من شبه جزيرة سيناء بدلا عن القدس ومساحات من الضفة الغربية.
وهنا تجدر الاشارة الى انه منذ سنوات تنبه القيادات الفلسطينية من مختلف الفصائل في الداخل والشتات مما يحاك لحق العودة من تمهيد للشطب من بوابة تخفيض التقديمات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين(الاونروا) التابعة للامم المتحدة، التي تحاصر من باب الإنفاق والدعم المالي حيث يتم تخفيض الدعم الاميركي وحتى الاوروبي بالاضافة الى تخفيض الدعم العربي لها ما دفعها الى تخفيض خدماتها للفلسطينيين في الداخل ودول الشتات، وفي هذا السياق لفتت المصادر الفلسطينية الى ان "الحديث الاميركي عن مشروع إنساني لقطاع غزة يعني استمرار فصل الضفة الغربية عن القطاع وهو أمر خطير بحد ذاته، خاصة مع غض النظر عن الحديث عن دولة فلسطينية على حدود العام 1967 وعن القدس المحتلة وكأن المدينة باتت خارج التداول بحسب الحسابات الاميركية".
كما انه لا يجوز للسلطة الفلسطينية اليوم الرهان اكثر فأكثر على مسارات التسوية والمفاوضات مع الاحتلال بما يخالف كل خيارات الشعب والفصائل الفلسطينية على تنوعها التي تشدد على ضرورة وقف التنسيق ليس فقط مع الادارة الاميركية بل بالدرجة الاولى يجب وقف التنسيق الامني وغير الامني مع الاحتلال وقطع كل العلاقات به، وبالتالي من باب اولى على الفلسطينيين القيام بذلك قبل مطالبة الانظمة العربية والاسلامية بقطع العلاقات ووقف التطبيع وغيرها من اشكال التعاون والتواطؤ والهرولة نحو عدو الامة الاول والاخير.
ارسال التعليق