شركات سعودية تتهاوى وأخرى توقف دفع الرواتب للموظفين
التغيير
بدأت ملامح الأزمة الاقتصادية التي تواجهها مملكة آل سعود تتضح تدريجيا بسبب انهيار أسعار النفط وأزمة انتشار "كورونا" الذي تسبب بإجراءات إغلاق قاسية داخل المملكة وفي كافة أنحاء العالم، فيما تتزايد المخاوف من أن تتعمق الأزمة خلال الشهور المقبلة في حال استمرت أزمة "كورونا" طويلاً وفي حال بقاء أسعار النفط على حالها.
ومملكة آل سعود هي أكبر مصدر للنفط في العالم، كما أن مبيعات النفط تشكل نحو 70% إلى 80% من إيرادات خزينة آل سعود، وهو ما اضطر حكومة آل سعود إلى الإعلان مؤخراً بأنها خفضت الإنفاق العام بواقع 50 مليار ريال، كما أعلنت أنها ستقترض 220 مليار ريال خلال العام الحالي 2020.
واضطرت بعض الشركات إلى وقف عملياتها في مملكة آل سعود نتيجة الأوضاع الراهنة، فيما جنحت شركات أخرى إلى تعليق سداد الرواتب لموظفيها بينما اضطرت بعض الشركات إلى دفع جزء محدود من الرواتب بسبب الأزمة التي تواجهها وعلى أمل أن تتمكن لاحقاً من دفع بقية الرواتب المالية المستحقة عليها لموظفيها.
وبحسب المعلومات التي جمعتها "التغيير" من مصادر متعددة في نظام آل سعود طلبت عدم الإفصاح عن هوياتها فإن عشرات المدارس الخاصة لم تدفع الرواتب المالية للمعلمين العاملين فيها، كما أن مدراس أخرى اضطرت إلى دفع أجزاء من الراتب فقط، وذلك على الرغم من أن المدارس استوفت أغلب الرسوم الدراسية سلفا من طلبتها.
وقال أحد المعلمين العاملين في الرياض لــ"التغيير" إن عدداً كبيرا من العاملين في المدارس الخاصة من المعلمين الأردنيين والمصريين والمغتربين من أبناء الجنسيات الأخرى تقطعت بهم السبل حالياً بسبب عدم دفع رواتبهم أو إجبارهم على إجازات بدون راتب، فيما لا يستطيعون العودة إلى بلدانهم بسبب حظر السفر.
وأجبرت عدد من الشركات موظفيها على أخذ إجازات بدون راتب، فيما كان الأسوأ هو ما يتعلق ببعض الشركات الحكومية العملاقة أو القطاع الطبي، حيث كشف طبيب عربي يعمل في مملكة آل سعود أن وزارة الصحة لم تدفع رواتب الأطباء المجازين أو الذين كانوا على سفر ولم يتمكنوا من العودة للمملكة، كما أن عدداً كبيراً من العاملين من منازلهم توقفت أجورهم أيضاً، بحسب ما علمت "التغيير".
"أوبر إيت" تغادر نهائياً
ونشرت جريدة "عرب نيوز" التابعة لنظام آل سعود الصادرة بالإنجليزية خبراً يفيد بأن شركة "أوبر إيت" العالمية المتخصصة بتوصيل الطعام إلى المنازل علقت أعمالها داخل مملكة آل سعود اعتباراً من يوم الاثنين الماضي وذلك تمهيداً لإغلاق كافة أعمالها نهائياً في المملكة.
وكانت "أوبر إيت"، وهو تطبيق يتبع لشركة "أوبر" العالمية، قد بدأت أعمالها في عاصمة آل سعود الرياض في شباط/ فبراير 2018، وبعد عام واحد فقط توسعت إلى مدينة جدة الساحلية غربي المملكة، ثم توسعت نحو المنطقة الشرقية أواخر العام الماضي 2019، لتنهار كافة أعمالها أخيراً وتضطر للانسحاب من مملكة آل سعود وتسريح كافة العاملين فيها.
"صدارة".. 4 آلاف موظف في مهب الريح
وعلمت "التغيير" أن شركة (صدارة للكيماويات)، وهي واحدة من أكبر الشركات المدرجة في سوق الأسهم وإحدى المشاريع التابعة لــ"أرامكو" قد بدأت بالفعل في إبلاغ عشرات وربما المئات من العاملين فيها بإنهاء خدماتهم أو خفض رواتبهم، وذلك بسبب الخسائر المتراكمة والأوضاع الحالية لها.
وتتكبد شركة "صدارة" خسائر قاسية منذ العام الماضي وقبل انهيار أسعار النفط وظهور فيروس "كورونا"، حيث أعلنت أنها تكبدت خسائر صافية في العام 2019 تتجاوز 14.5 مليار ريال، وذلك بعد أن تكبدت في العام السابق (أي 2018) خسائر بلغت 3.9 مليارات ريال.
ويعمل في شركة "صدارة" نحو أربعة آلاف موظف، كما علمت "التغيير" من الموقع الالكتروني للشركة، وهو ما يعني أن المئات من هؤلاء العاملين أصبحوا مهددين بفقدان وظائفهم، فضلاً عن أن من سيستمر منهم في عمله سوف يواجه احتمالات خفض راتبه الشهري.
شركة نسما: إجازات بدون راتب
وحصلت "التغيير" على تعميم إداري من داخل شركة "نسما" القابضة ومقرها مدينة جدة الساحلية، وهي مجموعة شركات عملاقة تأسست عام 1979 وتعمل في عدد من القطاعات المختلفة، حيث تشير الوثيقة إلى خفض في الرواتب وإجبار عدد من الموظفين على إجازات بدون راتب لحين انتهاء أزمة "كورونا".
وبحسب التعميم فإن الموظفين الذين سيستمرون في أعمالهم دون إجبارهم على الإجازة بدون راتب سوف يتم احتساب رواتبهم ومستحقاتهم المالية بناء على عدد ساعات العمل ولن يتقاضوا رواتبهم كاملة.
كما تشير الوثيقة إلى تخفيض ساعات العمل لكافة الموظفين في الشركة بواقع 50%، ما يعني أن الموظفين سيكونون أمام خيار إما "الإجازة بدون راتب" أو "نصف راتب".
شركة المراعي
واضطرت شركة "المراعي" أيضا إلى إبلاغ موظفيها بخفض الرواتب في ظل الظروف الراهنة، وذلك على الرغم من أن نشاطها لا علاقة له بالنفط ولا بالأزمة التي يعاني منها.
وشركة المراعي هي أضخم شركة ألبان في العالم حيث يعمل فيها أكثر من 34 ألف موظف، ويبدو أن الطلب على منتجاتها تراجع بصورة حادة بسبب تراجع التصدير إلى دول الجوار بسبب الإغلاق الكامل والقيود المفروضة على حركة الطيران والسفر.
وبحسب وثيقة حصلت عليها "التغيير" فإن شركة المراعي تعتزم تسريح المئات من العاملين في مصانعها وربما يتوسع العدد في حال استمرت الأوضاع الاقتصادية على حالها في مملكة آل سعود.
ارسال التعليق