لقاءات آل سعود بالصهاينة ..ما نصيب الأمة وقضيتها المركزية فيها!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
لقاءات آل سعود بالصهاينة ..ما نصيب الأمة وقضيتها المركزية فيها!؟
الكاتب عبدالعزيز المكي
لم ينته الجدل بعد، حول لقاء واجتماع الجنرال السعودي أنور عشقي المقرب من البلاط السعودي قبل شهرين تقريباً مع مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية دوري غولد المقرب من نتنياهو، في ندوة سياسية بواشنطن بحثت ملف الشرق الأوسط، وما تلاها من مقابلة مثيرة خصَّ بها عشقي أحد القنوات الإسرائيلية .. وامتدح فيها نتنياهو ووصفه بالرجل الواقعي !! نقول لم ينته الجدل حول هذا اللقاء، حتى أطلّ علينا موقع ((والاه)) الإسرائيلي بتقرير مفصل عن لقاء آخر سعودي إسرائيلي، وهذه المرة اللقاء تم بين الجنرال السابق الأمير تركي الفيصل مدير المخابرات السعودية السابق مع يائير لابيد رئيس حزب ((هناك مستقبل)) الإسرائيلي، واكتسب هذا اللقاء طابعاً رسمياً، بعد أن كانت اللقاءات السعودية الإسرائيلية، تتم من خلال المشاركة في محاضرة أو ندوة سياسية، وان كانت مقصودة، ما يعني ذلك بنظر المراقبين نقلة نوعية في هذا اللقاءات وللإشارة كان تركي الفيصل قد حضر قبل فترة ندوة سياسية للوزيرة الإسرائيلية تسيبي ليفنى وحينها تمنت ليفنى أن يكون تركي الفيصل بجوارها على المنصة ،عندما شارك الرجل بمداخلة أثبت فيها حضوره ومتابعته لهذه الوزيرة الإسرائيلية ومحاضرتها التي ألقتها في تلك الندوة التي أجريت في إحدى الدول الأوربية.
وفي الحقيقة، إن لقاء تركي بلابيد لم يضف جديداً في العلاقات السعودية – الإسرائيلية، لان هذه العلاقات قديمة، وكتب حولها الكثير من الكتاب والباحثين العرب والمسلمين والغربيين، وقالوا إن هذه العلاقات بدأت منذ نشوء هذين الكيانين (الصهيوني والوهابي) المتزامن تقريبا من رحم الاستعمار البريطاني وزرعهما في جسم الأمة الإسلامية لتدميرها واستهداف مقدساتها واستنزاف ثرواتها، لكن كانت العلاقات واللقاءات تجري في الخفاء، كي لا تشكل إحراجاً للكيان السعودي الذي يلبس عباءة إسلامية ويتلطى وراء عناوين وشعارات، مثل "خادم الحرمين الشريفين" و"المدافع عن المسلمين السنة" وما إلى ذلك. أما اليوم، فما تمر به المنطقة، وما يتعرض له النظام السعودي من تحديات لعل أهمها التحركات الجماهيرية التي استهدفت الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة في المنطقة العربية، مثل نظام القذافي ونظام زين العابدين بن علي في تونس ونظام حسني مبارك وغيرهم، فهذه الحركة الجماهيرية التي أطلق عليها في الإعلام العربي "الربيع العربي" حتمت على النظام السعودي التحرك على المكشوف مع الكيان الصهيوني، وهذا الأخير، وجد في هذه الظروف فرصة مناسبة في الإعلان عن هذه اللقاءات، لرفع الحرج عن الأنظمة سيما النظام السعودي، لدفعها إلى التعامل بشكل علني ودون تردد مع الكيان الصهيوني.. وللإشارة تعرضنا في مقال نشر على هذا الموقع المحترم إلى التعاون الإسرائيلي السعودي في الحرب والعدوان على الشعب اليمني المظلوم والذي ما يزال مستمراً يحصد يومياً العشرات من أرواح الأبرياء، و بينّا بشكل وثائقي آفاق هذا التعاون والمشاركة الإسرائيلية في هذا العدوان، وهنا من الجدير الإشارة أيضاً إلى المشاركة الإسرائيلية الفعالة في معركة باب المندب مع أنصار الله والجيش اليمني، حيث تتواجد قوات بحرية إسرائيلية وغواصتان قرب المضيق،وساهمت هذه القوات بقصف مواقع أنصار الله والجيش اليمني طيلة استمرار المعارك بين قوات التحالف السعودي والإماراتي وقطر، ومن مرتزقة السعودية، أنصار الرئيس الفار منصور هادي عبد ربه، وبين أنصار الله والجيش اليمني .
ما الجديد في هذا اللقاء؟
الجديد في هذا اللقاء، هو الإعلان عنه من قبل الإسرائيليين دون أن تنفي السعودية كما تفعل في السابق، وهذا يعني أن الحرج رفع عن النظام السعودي وبات لا يعير أية أهمية للرأي العام الإسلامي، ما دامت الأولوية في حساباته، تمثل المحافظة على بقاء ووجود آل سعود في الحكم !!
على أن هذا اللقاء يؤشر إلى جملة أمور، نرى من الضرورة بمكان الإشارة إليها ومنها ما يلي:
· يؤشر هذا اللقاء والإعلان عنه، إلى تسارع وتيرة التعاون والتنسيق بين آل سعود وآل صهيون، فيما يخص مواجهة الأمة عامة ومحور المقاومة خاصة، وفيما يخص العدوان على الشعب اليمني بشكل أخص، وهو تعاون وتنسيق متسارع تجلّى بأوضح صورة، عند ما تحدث رئيس الأركان الإسرائيلي السابق بني غانتس عن قلقه وقلق الكيان الصهيوني من الوضع في باب المندب أكثر من إقلاقها من النووي الإيراني، أقدم النظام السعودي على مهاجمة مواقع أنصار الله والجيش اليمني في باب المندب بهدف السيطرة عليها وانتزاعها من الجيش اليمني وأنصار الله وحلفائهم .. وفيما المعارك ما زالت متواصلة، فإن البوارج الحربية البحرية الإسرائيلية تشارك في هذه المعارك إلى جانب السعوديين وحلفائهم ومرتزقتهم كما أشرنا قبل قليل .
وأيضاً تجلّى هذا التعاون في الموقف المشترك والمتطابق إلى حد التمام، من مشاركة روسيا في محاربة داعش، حيث تناغمت التصريحات السعودية والصهيونية المعارضة لهذه المشاركة، والمحرضة ضد روسيا، والمشوهة لضرباتها ولدورها في الأزمة السورية!!
· توظيف الكيان الصهيوني هذه اللقاءات في محاولة كسر القيود والحواجز النفسية مع الأمة الإسلامية، الشعوب العربية تحديداً، لأن هذه الحواجز باتت مرفوعة مع أكثر الأنظمة العربية ومنها النظام السعودي، لكن الشعوب العربية بأحرارها ومخلصيها ما زالت ترفض التطبيع مع العدو الصهيوني وقبوله في جسم المنطقة. ولأن الأمة تعتبر الصهاينة أعداءها وغاصبي قدسها فإن ذلك يشكل مانعاً معرقلاً لاندفاع الأنظمة نحو تفعيل تطبيعها مع هذا الكيان الغاصب، لذلك يحاول العدو الصهيوني بكل الطرق ومنها توظيف مثل تلك اللقاءات، تدجين الأمة وتعويدها على الاعتراف بواقع وجود هذا الكيان والتعاون والتعامل معه.
· توظيف العدو الصهيوني لهذه اللقاءات في تسويق مشروعه المعروف الذي يسمى بمشروع السلام الإقليمي، والقفز على ما يسمونه مشروع السلام الفلسطيني الإسرائيلي، وينص المشروع الإقليمي، على إنهاء حالة العداء والحروب بين الكيان الصهيوني والدول لعربية وإقامة علاقات طبيعية مع هذا الكيان بكل ما يترتب عليها من تطبيع سياسي وثقافي واجتماعي واقتصادي، مقابل حماية هذه الأنظمة مما يسمونه الخطر الإيراني أو الأخطار الأخرى، كما يتضمن هذا المشروع تصفية للقضية الفلسطينية عبر استيعاب الدول العربية اللاجئين الفلسطينيين والموافقة على إقامة كيان فلسطيني مسخ في غزة والضفة الغربية منزوع السلاح لا حول له ولا قوة... والكيان الصهيوني على ما يبدو يرى أن الظروف والمناخات باتت مواتية لطرح هذا المشروع مجدداً، نظراً لتسارع التنسيق والتعاون بينه وبين الدول العربية الخليجية خصوصاً، والسعودية بصورة أخص، نظراً لازدياد حاجة النظام السعودي للحماية الإسرائيلية، ولمساعدته في الضغط على الإدارة الأمريكية.
تقرير موقع ((واللا)) الإسرائيلي أشار بوضوح إلى أن لابيد بحث مع تركي الفيصل عقد مؤتمر إقليمي للسلام بين إسرائيل والدول العربية، ونقل عن لابيد القول انه أي السعوديون يعلمون إنني لن أقبل بحق العودة، ولم نتحدث عن تقسيم القدس أو عن الانسحاب من جولان، ولكن الاتفاق كان حول وجود أساس لعقد مفاوضات إقليمية وليس فقط فلسطينية ..ويقول لابيد أيضاً في هذا الإطار .. انه كان من المقرر أن يكون هذا الاجتماع جزءاً من عملية بدأت في المنطقة وفي واشنطن ومن الواضح أن الفيصل لم يأت من تلقاء نفسه. وبالنسبة إلى موقفه الذي يتعارض بشكل أساسي مع المبادرة السعودية التي تدعو إلى الانسحاب إلى حدود عام 1967م، وتقسيم القدس وحق العودة قال لابيد إن هذا ليس هو الوقت المناسب لمناقشة ذلك، وقول لابيد يكشف الجهد والمسعى الذي يقوم به النظام السعودي للتمهيد لاحتضان العرب لهذا الكيان الغاصب عبر المشروع الإقليمي للسلام حسب تسميتهم، والذي يحقق للعدو كما أشرنا تصفية القضية الفلسطينية وخندقة العرب تحت قيادة الكيان الصهيوني في مواجهة إيران ومحور المقاومة. ويبدوا أن النظام السعودي بات أكثر من الكيان الصهيوني إلحاحاً وتوقاً لإقامة هذا الحلف، بتهيئة الظروف والأجواء اللازمة لذلك، كما يؤشر تسارع لقاءات المسؤولين والأمراء السعوديين مع المسؤولين الصهاينة، نظراً لمأزق النظام المتفاقم في اليمن نتيجة عدوانه على هذا البلد، ونظراً لشعوره بان التحالف مع الكيان الصهيوني سيحميه من السقوط الذي بات هاجساً يساور الأمراء السعوديين أكثر من أي وقت مضى.
ارسال التعليق