قتل المئات من الحجاج جريمة يتحمل مسؤليتها النظام السعودي
بقلم: د. محمد علي الحريشي...
فجيعة كبرى حلت بمئات الأسر في جمهورية مصر العربية وعدد من البلدان الإسلامية منها اندونيسيا والأردن والهند وتونس والعراق وإيران، الذين كانوا ينتظرون بفارغ الشوق والصبر عودة حجاجهم من المشاعر المقدسة عقب أداء مناسك الحج، لكن حملت الأنباء أخباراً محزنة لاتكاد تصدق.
أخبار قتل أولئك الحجيج الذين قتلوا بدم بارد بجوار البيت الحرام على مرأى ومسمع السلطات السعودية دون أن تحرك ساكناً أو تتخذ إجراءات وقائية للحد من الكم الكبير من حالات القتل التي وقعت، التقديرات الأولية تذكر إن قتلى حجاج جمهورية مصر العربية بلغوا أكثر من تسع مائة (900) حاج وحاجة.
العدد مرشح للزيادة وسط تكتم السلطات الصحية والأمنية السعودية على العدد الحقيقي من القتلى (الشهداء) من الحجاج، اليوم يبرز إلى الواجهة سؤال هام جداً، وهو: هل النظام السعودي لديه الكفاءة والأهلية في إدارة مناسك الحج كما أمر به الله سبحانه وتعالى؟
هل النظام السعودي الذي يقع تحت الهيمنة الأمريكية والصهيونية ويقع تحت تاثير الفكر الوهابي الداعشي المنحرف لديه الكفاءة والأهلية في إدارة مناسك الحج والعمرة؟
الجواب معروف لدى الجميع، إذا كان خطيب يوم عرفة «ماهر المعيقلي» الذي خطب أمام أكثر من إثنين مليون حاج في صعيد عرفة لم يورد حتى عبارة واحدة في خطبته عما يتعرض له المسلمون في قطاع غزة وفي عدد من البلدان الإسلامية من مجازر وقتل وحصار وتدمير ممنهج من قبل أعداء الأمة الإسلامية ، فماذا يمكن تسمية النظام الذي أوصل بمناسك الحج إلى ذلك الدرك الأسفل من الإرتهان والتبعية لأعداء الأمة الإسلامية من اليهود وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل.
تأتي مجزرة الحجاج المصريين وعدد من حجاج البلدان الإسلامية في المشاعر المقدسة بمكة المكرمة وبجوار بيت الله الحرام الذي من دخله كان آمنا، لتفضح النظام السعودي الذي دائماً يتبجح ويدعي زوراً وبهتاناً تسخير كل الإمكانيات لصالح خدمة ضيوف الرحمن وتوفير الراحة والأمان للحجاج.
هناك قضية أخرى لاتقل بشاعة عن قتل الحجاج على أيدي النظام السعودي وهي تحديد مبالغ باهضة لمن يريد الحج من المسلمين من مختلف البلدان الإسلامية تتضاعف وتتصاعد المبالغ المالية الباهضة على الحجاج عام بعد آخر، تؤخذ تلك المبالغ من قبل السلطات السعودية تحت مسميات مختلفة منها خدمات الطوافة والسكن والتنقل وغيرها من المسميات فهي مبالغ طائلة وباهضة.
ففي مصر ومعظم بلدان العالم الإسلامي يجمع الحاج كما يقال «تحويشة العمر» يضل سنوات يجمع مبالغ مالية للحج حتى يتشرف بأداء ركن الحج الذي لايصل إليه إلى بشق النفس في ظل واقع التعقيدات الكثيرة التي فرضها النظام السعودي على كل من أراد الحج من البلدان الإسلامية، هنا تضاعفت المأساه لدى اخوتنا المصريين بفقدهم أكثر من الف حاج قتلوا في المشاعرالمقدسة بسبب إهمال النظام السعودي للحجاج، إن الذي حدث للحجاج لايمكن تسميته بغير القتل.
مهما كانت الأسباب يتحمل النظام السعودي المسؤولية الجنائية، يحق لأسر الحجاج الذين قتلهم النظام السعودي في المشاعر المقدسة في موسم الحج رفع دعوات قضائية ضد النظام السعودي، ويحق لممثلي الأمة الإسلامية المطالبة بخلع نظام آل سعود من ولاية الحج.
الحج هو فريضة إسلامية يهم جميع المسلمين ولاتقتصر ولاية الحج على نظام سياسي معين، لقد كانت ولاية الحج في العهود والعصور الإسلامية السابقة ماقبل إستيلاء أسرة آل سعود على المشاعر المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة تخضع لكافة المسلمين، فالسلطنة العثمانية التي سيطرت على معظم البلدان الإسلامية لعدة قرون لم تتدخل في ولاية الحج ولم تتدخل في تنظيم حركة الحجاج أثناء موسم الحج رغم قدرتها على ذلك، لكنها رغم مآخذها وشطحاتها إحترمت قدسية مناسك الحج، وإحترمت مشاعر المسلمين، لقد تراكمت أخطاء النظام السعودي عام بعد عام.
ففي السنوات الماضية حدثت أعداد كثيرة من مجازر الحجاج في مشاعر الحج في منى وفي نفق المعيصم وفي أماكن عديدة، ولقد طغى الكيل وزادت الأخطاء وهذا يتوجب على جميع المسلمين توحيد مواقفهم لنزع ولاية الحج من نظام آل سعود، وهناك خطر قادم على الإسلام والمسلمين وعلى مقدسات المسلمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة وعلى فريضة الحج.
هذا الخطر يتمثل في الهيمنة الأمريكية والصهيونية على النظام السعودي وتدخلهم في أمور الحج وقد بدأت الخطوات بدخول النظام السعودي في المراحل الأولى بعملية التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، ومع بدىء برامج الترفيه التى فتحت بلاد الحرمين أمام مهرجانات المجون والتفسخ الاخلاقي.
فالمواقف السلبية السعودية من مجريات الأحداث في فلسطين فيها دلالات واضحة عن خروج النظام السعودي عن مسؤولياته في إدارة مناسك الحج والعمرة وتسخير تلك المناسك وفق أهواء سياسية ورغبات شيطانية تقف خلفها الصهيونية والماسونية العالمية.
في الختام نعزي أهلنا وإخوتنا في جمهورية مصر العربية الشقيقة وفي مختلف البلدان الإسلامية الذي فقدوا فلذات أكبادهم، نسأل من الله سبحانه وتعالى أن يرحم الشهداء الحجاح الذين قتلهم النظام السعودي وأن يتقبلهم شهداء مؤمنين في جناته وأن يخلف على أهلهم بالخير.
ارسال التعليق