قتل المصلين بالقديح من يقف وراءها ولماذا؟
مجزرة القديح من يقف وراءها ولماذا؟
مشاهد مروعة وبشعة، دمویة تهتز لها الأبدان، وتبكي القلوب، أجزاء بشریة قطعت متناثرة في فناء المسجد، الدماء لونت جدرانه، تلك هي مشاهد مجزرة مسجد الإمام علي علیه السلام في مدینة القدیح في منطقة القطیف بالسعودیة، خلفها تفجیر انتحاري لأحد أتباع التیار الوهابی التكفیري عندما دخل صفوف المصلین یوم الجمعة في المسجد وفجر نفسه بالمتفجرات التي كان قد لغم نفسه بها، أثناء تأدية صلاة الجمعة، ما أدی ذلك إلی استشهاد، اكثر من 120مواطنا مصليا.
هذه المجزرة، المروعة البشعة، هي استمرار للمجازر المروعة التي تابعنا مشاهدها الدمویة الشبيهة بمجزرة القدیح، في المدن الاخرى طیلة أكثر من عقد من الزمان وحتی الآن، وفي باكستان ولبنان ولیبیا وسوریا والیمن، یقوم بها أفراد التیار التكفیري السعودي ...
یوم أمس خرجت المظاهرات العفویة الاحتجاجیة ضد آل سعود، مظاهرات عكست حال الثبات والصمود والدفاع عن المقدسات والتحمل والصبر عند أهلنا في القدیح وباقي المناطق الشرقیة في الأحساء والقطیف ...
وفي أول ردة فعل للنظام السعودي علی الجریمة، جاءت علی لسان مفتي الحكومة الشیخ عبد العزیز بن عبد الله آل الشیخ حیث رأی «ان ما حدت في احد المساجد ببلدة القدیح في القطیف جريمة الهدف منها محاولة إثارة وإيجاد فجوة بین أبناء الوطن داعیا السعودیین إلی أن یكونوا یدا واحدة» علی حد قوله ...
وواضح أن النظام السعودي من خلال تصریح آل الشیخ یرید أن ینفي عنه المسؤولیة بینما كل المؤشرات والدلائل تدین هذا النظام وتؤكد انه یتحمل المسئوولیة كاملة عن هذه الجریمة النكراء وارتكابها بهذه البشاعة التي لا یمارسها إلا أزلام هذا النظام ضد المسلمین، وأسيادهم الصهاینة والأمريكان والبریطانیین ویمكن أن نسوق جملة من هذه الموشرات وهي:
أولا: إن ارتكاب الجریمة جاء متزامنا مع الهجوم العنیف علی الشیعة الذي شنه في خطبة صلاة الجمعة، إمام الحرم المكي الذي یتم تعینیه في البلاط الملكي السعودي، إذ یمثل الخط الديني للنظام ولا يتفوه بأي موقف دون أوامر من النظام السعودي نفسه، فهذا الخطیب شن حملة تحریضیة ضد «الرافضة بحسب وصفه» أي الشيعة ودعا إلی إبادتهم وقتلهم، ما یوشر ذلك إلی مباركة النظام السعودي لأي عملیه قتل تحدث للشيعة. وان هذه الجريمة جاءت بأمر منه او لا اقل بسكوت منه.
وثانیا: إن الإعلام السعودی ومن یدور في فلكه من الإعلام العربي والإسلامي والغربی، باستخدام البتر ودولار، ظل طیلة العقود الماضة یمارس التحریض الطائفي ومحاولة تحشید السنة ضد الشیعة، متبنيا لركن أساسي من أركان المشروع الصهیوني الأمريكي في المنطقة، الذي وضعت اسسه النظریة وخططه التفصیلیة فی مؤتمر هرتزلیا الصهیوني.. والذي حضره كبار خبراء ومفكري ودهاقنة الصهانیة في كل الاختصاصات الأمنية والعسكریة والسیاسة والاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة جاءوا في مختلف بلدان العالم حیث وضعوا استراتیجیة ترتكز إلی محور أساسي وهي استنزاف الامة بإثارة الخلاف السني الشیعي ومنذ ذلك الوقت جند النظام السعودي كل إمكاناته المالیة والسیاسة والإعلامية والأمنية وأخيرا العسكریة في خندق التحریض ومحاولة إثارة الفتنة الطائفیة بین المسلمین.
وثالثا: إن هذا النظام مسئوول مسئوولية مباشرة عن حفظ امن المواطن الذي یعیش في هذه الدولة التي یحكمها آل سعود (القوانين الدولية تقول انه حتى الدول المحتلة مسؤولة عن امن اصحاب الارض )، فكیف تستطیع مخابرات هذا النظام كشف شبكة كبیرة تضم عشرات من التكفیريین الوهابیین الذین تقول السلطات أنهم كانوا یستعدون لارتكاب أعمال تفجیر وقتل في السعودیة، ولا تستطیع كشف وهابی يقوم بهذه المجزرة، سیما وأنها أي الاجهزة القمعية للنظام تحصی حتى الأنفاس علی المواطن السعودي فضلا عن أنها لدیها درایة ومعلومات هائلة عن هؤلاء الإرهابيين، بحكم أنها من تعدهم وتحولهم للقیام بمهمات في سوریا والعراق والیمن، مهمات قتل وتفجیر والاشتراك في الحروب في هذه البلدان التي تشنها جماعات التكفیر ضد مواطني تلك البلدان، وهذا ما اعترف به كبار الساسة الأمريكان وكبار الصحف الأمريكية والغربیة إذن هذا الإرهابي تحرك ولبس الحزام الناسف بإشراف وتوجيه المخابرات السعودیة بدون أدنی شك.
ورابعا: من له مصلحه في ارتكاب هذه الجریمة الشنعاء هو النظام السعودي واسياده الأمريكان والصهانیة لإثارة الفتنة الطائفیة كما اشرنا قبل قلیل بتوتیره الأجواء بين السنة والشیعة وزرع الضغینة وصولا إلی إثارة الحرب الطائفیة بین الاخوة ، وفي الحقیقة إن مصلحة النظام السعودي في ارتكاب المجزرة تتعدی ذلك إلی ما یلي:
آل سعود مصابون بالهلع والخوف من وضع الداخل بسبب التغییرات الأخيرة التي طرأت علی تشكیلة الحكم من ناحیة ومن ناحیة ثانیة بسبب تزاید تذمر الشعب داخل المملكة بسبب انسداد افق اي بارقة أمل للاصلاح ثم الحرب الظالمة التي شنها هذا النظام علی الیمن حیث أكثرية المواطنين یعارضون تلك الحرب وللإشارة فإن الرئیس الأمريكي اوباما في خطاباته الأخيرة أعلن :ان اكثر ما يتهدد النظام السعودي هو الداخل بسبب انسداد افق الإصلاحات ولیس إيران)، ولذلك یحاول النظام السعودي إشغال الداخل بعدو وهمي هو شیعة الأحساء والقطیف فضلا عن إيران، فمنذ سنوات والنظام السعودي وإعلامه سلب هؤلاء الشیعة في المناطق الشرقیة حق مواطنتهم في هذا البلد باتهام بیانات وزارة الداخلیة وبعض مسؤولي النظام أضافه إلی بعض مشایخهم الوهابیین، بأنهم صفویین وإيرانيين وطابور خاص وعملاء للخارج وما إلی ذلك.و
محاوله التغطیة علی فشل الحرب في الیمن، سیما وان الیمنیین بدوا یكیلون الضربات لقوات النظام السعودي علی الحدود وقد تركت هذه الهزائم أصداء واسعة علی الأوساط الاجتماعیة وعلی الرأي العام في الداخل، مما له الأثر في ازدیاد الاحتقاف والتوتر في هذه الأوساط وضد النظام سیما وان هناك قبائل متعاطفة مع متعب بن عبدالله ومقرن بن عبدالعزیز آل سعود وقد شد أنظار الشعب في هذا البلد إلی ما یجري في الداخل.
ولعل الأمر الأهم، محاولة إرعاب وترهیب الإخوة الشیعة في المناطق الشرقیة ثم تخویفهم لمنعهم من التحرك ضد النظام السعودي سیما وان هذه المنطقة أسوة بمناطق السعودیة الأخرى كجدة ونحجران والحجاز وحتى الریاض نفسها تشهد تحركا شعبیا یطالب بالإصلاحات وبالانصاف واحترام الحقوق الإنسانية في هذا البلد، حیث يقمع النظام السعودي بقوة هذا الحراك الجماهیری. فالنظام أراد بهذه الجرعة ایصال رسالة للاخوة الشیعة بامن مصیرهم القتل علی ید التكفیريین وغیرهم ان هم اغتنموا فرصة انشغال النظام بالحرب علی الیمن، وتقدم الیمنیین في داخل الأراضي السعودیة، لكن مراسم التشییع ستتتحولت إلی مظاهرات عفویة عارمة ستكون مفعمة بالتحدي والثبات كما اشرنا.
محاولة النظام الایحاء بانه مستهدف من التنظیمات التكفیریة، ولكن هذا الإيحاء لا ینطلي علی الرأي العام، لأن النظام یشكل المرجعیة الفكریة والمالیة والإعلامية لمنظمات التكفیر بكل أنواعها ومشاربها ومسمیاتها ومازال الحاضنة الرئیسیة باعتراف الامیركان وحتی الصهاینة لتفریخ وإنتاج هذا الجماعات التكفیریة القاتلة والمجرمة، ولذلك حتی لو افترضنا جزافا، بأن لیس للنظام ید تنفيدية في الجريمة فانه یعتبر المسؤول الاول والاخیر بحكم احتضانه ومرجعیته ورعایته المتواصلة لهذه التیارات التكفیریة.
ولا استبعد ان تكون هذا الجريمة تستهدف اضافة الی ما اشرنا إليه زلزله موقف محمد بن نایف وزیر الداخلیة والماسك الأساسي لملف الامن الداخلي، بهدف او تمهید لازاحته من امام محمد بن سلمان الطامح للوصول الی اعلی منصب في حكم آل سعود، فبحسب تغريدات مجتهد وما تنشره الصحافة الأمريكية والغربیة ان ثمة طموح كبیر لمحمد بن سلمان لإزاحة بن نایف عن طریقه لیصبح ولي العهد ولیس وليا لولي العهد، وتقول هذه المصادر ان صراعا خفیا بدأ یستعر بين الرجلین بدعم من المؤیدین في الأمراء وفي القبائل واذا كان ذلك یحقق الهدف لأزلام النظام فلا ضیر في قتل الأبرياء وارتكاب المجازر بحقهم فآل سعود یرتكبون المجازر بحق الأبرياء حالیا في الیمن وارتكبوها علی مدی أكثر من عشر سنوات في العراق وفي اغلب أرجاء الوطن العربي والإسلامي بل وتاریخهم یشهد أيضا علی مجازرهم بحق الأبرياء وقام حكمهم علی جماجم أبناء نجد والحجاز وملحقاتها.
ارسال التعليق