لماذا يتعثر مخاض ولادة ملك جديد في السعودية؟
[ادارة الموقع]
من حق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن يقلق على مستقبله ومصيره في المملكة ومن الطبيعي جداً أن نجده يلهث للوصول إلى السلطة المطلقة "العرش" بأسرع وقت ممكن، خاصةً وأن الأمر تأجل مراراً وتكراراً، أضف إلى ذلك أن كم الانتكاسات التي تعرض لها ولي العهد خلال الأشهر القليلة الماضية كافية لإحداث هذه الثورة وهذا الجموح بداخله للاسراع بعملية تنصيبه "ملكاً"، ولكن اخشى ما نخشاه ان يكون هذا التنصيب يشابه المشاريع الخيالية التي أطلقها ونفذها وتلقى نتائجها في خياله فقط، فهل سيسعف القدر ولي العهد في الوصول إلى العرش أم إن الانتكاسات ستتوالى وتستمر بشكل طبيعي وفقاً لما زرع الأمير الشاب خلال الأعوام الماضية؟!.
توقعات وحقائق
خلال اليومين الماضيين نشر المغرد الشهير "مجتهد" مجموعة تغريدات أبرزت حجم القلق الذي يعاني منه ولي العهد خلال هذه الفترة، ونقل "مجتهد" الذي يتابعه أكثر من 2 مليون شخص على تويتر عن ما وصفهم بمطلعين على أحوال محمد بن سلمان، أن ولي العهد بدأ ينظر جديا في التعجيل بأمر تنصيب نفسه ملكا للسعودية، خوفا من تحركات قد تحدث ضده من أفراد العائلة بعد تصريحات الأمير أحمد بن عبدالعزيز الخطيرة التي حملت رسالة هامة، وتابع "مجتهد" قائلا: "خوفا من أن يترتب على تصريح أحمد تحرك من العائلة ضده قبل أن يصبح ملكا بشكل رسمي، ويتوقعون أن يتم ذلك قريبا جدا ما لم يحصل ما يمنعه".
ويبدو ان الاطلالة الأخيرة للأمير أحمد بن عبد العزيز نجل الملك المؤسس وشقيق الملك السعودي، ارخت بظلالها على المشهد السياسي السعودي، واحدثت جدلاً داخل القصور الملكية، وفي ظهور للخلافات على السطح ، تقدم الأمير السعودي البارز، أحمد بن عبد العزيز، المشهد الرافض لما يحدث من شقيقه الملك سلمان ونجله محمد في اليمن، وبرز رفضه خلال الساعات الأخيرة، كعلامة على وصول الرفض إلى حد مهم بحسب مراقبين.
وانتشر مؤخرا مقطعا مصورا على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيه الأمير أحمد" شغل منصب نائب وزير الداخلية في السعودية (1975 — 2012)"، أمام مقر اقامته في لندن يتحدث إلى المتظاهرين الغاضبين الذين كانوا يهتفون هتافات منددة بسياسات العائلة الحاكمة في المملكة، قائلا لهم: بأن أسرة "آل سعود" لا دخل لها بهذه السياسة وأن المسؤولية تقع كاملة على الملك سلمان وولي عهده.
وأدان الأمير أحمد الحرب على اليمن بطريقة بغير مباشرة وقال: "أنا تمنيت الحرب في اليمن توقف اليوم قبل بكرة"، وزاد الأمير على ذلك وانتقل للبحرين ، في دلالة على رفض سياسية المملكة خارج اليمن كذلك حيث رد على محتج آخر دعاه لوقف ما وصفه بـ"القمع في البحرين"، بقوله : "إن شاء الله".
نتائج تصريحات الأمير أحمد وسلسة الانتكاسات الطويلة التي تعرض لها ولي العهد في الملفات الداخلية والخارجية، بدأت تظهر نتائجها في القصور الملكية التي تواردت منها أخبار تفيد بأنه بالأمس أعيد تسجيل بيان تنحي الملك من منصبه من جديد، ومن المقرر أنه سيكون قريبا ربما الساعات أو الأيام القليلة المقبلة، بحسب حساب "العهد الجديد".
وأضاف الحساب في تغريدته: "لكن شخصياً لا أجزم بحسم محمد بن سلمان تردده في الموضوع، لأن سبق أن تم تجهيز الأمور لإعلان التنحي ثم قرر تأجيله، فهل يفعلها هذه المرة أم لا يستطيع؟ لنرى!".
خطط ولي العهد
بعد أن فشل ولي العهد في ادارة أزمات البلد وسياستها الخارجية وخسر "العمود الفقري" في تمويل رؤيته الخاصة "2030" التي كانت تهدف لتقليل الاعتماد على النفط بعد أن تم توقيف بيع أسهم من شركة أرامكو العملاقة، يتجه الأمير الشاب حاليا لتعزيز مفهوم "القومية السعودية" ودفعها نحو المزيد من العلمانية، وقد ظهر هذا الكلام جليا من خلال مهاجمته المستمرة للدعاة ورجال الدين، فخلال موسم الحج تم اعتقال أحد أئمة المسجد الحرام صالح آل طالب، وتمت محاكمة الداعية سلمان العودة وتوجيه 37 تهمة ضده، قضلاً عن المساعي لإعدامه، ولكن هناك مجموعة من الأسئلة تخطر في البال حول هذا التوجه الجديد لولي العهد.
1- كيف يريد الأمير الشاب تعزيز القومية ووضع البلاد على سكة العلمانية وهي مبنية بالأساس على الدعوة كما قال والده الملك سلمان وهي دولة توحيد قائمة على الكتاب والسنة، وبالتالي هذا يتعارض مع العلمانية التي تعمل على اخراج الدين من الفضاء العام ورده إلى ضمير الفرد، والسعودية تؤسس مشروعيتها على الدين الذي يناقض مفهوم العلمانية.
2- ما ذكرناه في النقطة الأولى يقود إلى إنهاء المبدأ الذي تقوم عليه المملكة ويجبرها على التوجه نحو صناديق الاقتراع وممارسة الديمقراطية التي لا تملك أي شيء منها، فلا يوجد برلمان في المملكة ولا انتخابات، فعلى اي أساس ستكون هذه العلمانية، هل هو مفهوم جديد يريد ان يطرحه ولي العهد مثلا "علمانية ملكية على أساس الدين"؟!.
الخروج عن العباءة الدينية في المملكة امر شبه معقد ويكاد يكون مستحيل، وإذا أراد بن سلمان الخوض أكثر في هذا الملف سيواجه نفس المصير الذي واجهه في جميع الملفات التي جرب بها.
ارسال التعليق