زيارة “سلمان” إلى روسيا إقرار بالتراجع الأمريكي (مترجم)
وصل العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، إلى موسكو، يوم الأربعاء الماضي في أول زيارة رسمية يقوم بها إلى روسيا، في مهمة تشير إلى توسع الدور الروسي في المشهد الجيوسياسي بالشرق الاوسط مع اقتراب الحرب الأهلية السورية من النهاية.
زيارة سلمان إلى روسيا قبل عامين لم تكن متوقعة، إذ تدخلت روسيا في الصراع السوري، وساعدت القوات الجوية الروسية في تحويل مسار الحرب، ودعم الجيش السوري أثناء تحركاته لسحق الإرهابيين، بينما وقفت السعودية ودول الخليج الأخرى مع المعارضة السورية، أما الحكومات الخليجية تتصارع الآن مع بعضها البعض، وسط حقيقة أن بشار الأسد، الرئيس السوري، باقٍ في الحكم.
بالنسبة لروسيا، تُعد رحلة سلمان إقرار بقوة القيادة الروسية في الشرق الأوسط، حيث تحت قيادة فلاديمير بوتين الرئيس الروسي، أصبحت روسيا وسيطا رئيسيا في النضال السياسي في ليبيا، وتعمل على تحسين العلاقات مع دول الخليج العربي التي تسعى للحصول على مساعدة روسيا، وقد أظهر بوتين قدرة مذهلة على تجاوز خطوط التقسيم التقليدية في المنطقة، وكذلك تنمية العلاقات مع الفصائل الفلسطينية ومصر.
يقول يوري بارمين، خبير العلاقات الروسية في الشرق الأوسط، متحدثا من موسكو: بالنسبة للروس، فإنهم بالتأكيد سوف يستمروا في عرض صورة القوة العظمى في الشرق الأوسط، فهم يتطلعون إلى خلق سياقات جديدة، لخلق شراكات جديدة حيث يمكن اعتبارهم فاعلا مؤثرا.
الشراكة الناشئة بين روسيا والسعودية يغذيها شريان الحياة الاقتصادي المشترك، وهو النفط، وتقود الدولتان الآن مبادرة لخفض إنتاج النفط العالمي؛ لزيادة السعر مما يعكس الانحدار الكارثي في أسعار النفط الخام الناجم عن طفرة النفط الصخري في أمريكا الشمالية، وتعتبر روسيا اليوم أكبر دولة خارج منظمة اوبك التابعة للنفط التي تلتزم بخطة كبح الإنتاج، وتنتج الدولتان ما يقرب من ربع النفط العالمي، ويعد النفط الخام مصدر حاسم للدخل لكلتا الدولتين.
ومن المتوقع أن توسع السعودية علاقاتها النفطية مع روسيا خلال زيارة العاهل السعودي، ومن المتوقع أيضا أن توقع أرامكو السعودية، شركة النفط الحكومية العملاقة، سلسلة من الاتفاقيات مع الشركات الروسية حول مبادرات الطاقة، كما تدرس السعودية استثمار أكبر مقاول حفر بترول، شركة أوراسيا للحفر، وفقا لما ذكرته بلومبيرج، ولم يُعلن بعد عن الشكل النهائي وحجم أي استثمار.
وتشير الزيارة إلى أن الحكومة السعودية تتبع نهجا أكثر توازنا للمنافسة الأمريكية الروسية، وهي خطوة تطرح أسئلة استراتيجية لواشنطن، حيث تعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من أقرب حلفاء الولايات المتحدة في العالم العربي، وهي تحالف تقليديا ضد روسيا، ويرجع ذلك إلى دعم السعودية للتكفيريين المناهضين للسوفيات في أفغانستان في الثمانينيات.
ازداد حماس التعاون السعودي الأمريكي بعد زيارة دونالد ترامب، إلى السعودية في مايو الماضي، ومع ذلك تلاشى حماس الحكومة السعودية مع مكافحة إدارة ترامب لإيجاد سبل للتحقق من توسع نفوذ إيران على الأرض في المنطقة، حيث تلعب إيران دورا رئيسيا في معركة هزيمة تنظيم داعش في العراق.
يقول جيرالد فيرستاين، السفير الأمريكي السابق لدى اليمن والمدير الحالي لشؤون الخليج في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: ليس بالضرورة أن يكون ذلك مؤشرا على أنهم يبتعدون عن الولايات المتحدة، ولكني أعتقد أنهم يحوطون على رهاناتهم قليلا على واشنطن، وأضاف: إنهم يريدون التأكد من أن لديهم عددا من العناوين المختلفة التي يمكنهم زيارتها لمتابعة مصالحهم الخاصة.
بقلم : ريهام التهامي
ارسال التعليق