أزمة السفير السعودي في بغداد.. هل تعيد العلاقات بين البلدين إلى نقطة الصفر؟
جاء طلب الخارجية العراقية، رسميًا، من المملكة العربية السعودية، تغيير سفيرها في بغداد، بعد تسعة أشهر فقط من وصوله للعراق، واستئناف العلاقات بين البلدين بعد قطيعة استمرت نحو 25 سنة، ليعيد العلاقت بين البلدين إلى نقطة الصفر، خصوصًا بعد التصعيد الطائفي ضد السفير السعودي، وازدياد الأصوات الرافضة لوجوده، خصوصًا بعد تصريحاته ضد “ميلشيا الحشد الشعبي” الشيعية، والتي تعمل تحت مظلة الجيش العراقي، وما تقوم به ضد أهل السنة في العراق، في المناطق التي يتم تحريرها من “تنظيم الدولة”.
السفير السعودي في بغداد، “ثامر السبهان”، كشف في تصريحات أكثر من مرة أنه “يشعر بالخطر”، وأن هناك تهديد يتعرض له، وأن وجوده في العراق يمثل خطرًا حقيقيًا على حياته بسبب تهديدات أطلقتها عدة جهات ينتمي أغلبها لمليشيا الحشد الشعبي، وهو ما نفته الخارجية العراقية، وقالت إنها لم تتلقَ أي معلومات تفيد ذلك، ولكن هل تتقبل المملكة تغيير سفيرها في العراق، أم تكتفي بتمثيل أقل من مستوى السفير؟ أم تغلق السفارة خشية وقوع تهديدات للعاملين فيها، في ظل حالة الانفلات الأمني وعدم الاستقرار في العراق؟
وزارة الخارجية العراقية، طلبت أمس الأحد، رسميًا من نظيرتها السعودية، استبدال سفيرها لدى بغداد “ثامر السبهان”، وقال المتحدث باسم الوزارة “أحمد جمال”، في بيان مقتضب، إن الوزارة “تطلب من نظيرتها السعودية استبدال سفير المملكة العربية السعودية لدى بغداد”، وطبقًا لوكالة “فارس” الإيرانية الرسمية، أن لجنة العلاقات الخارجية النيابية، دعت في الأول من يونيو الماضي إلى استبدال السفير السعودي لدى بغداد، مشيرة إلى أن تحركاته في بغداد “غير دبلوماسية”، بحسب عضو اللجنة “سميرة الموسوي”.
“الموسوي”، قالت “إننا في لجنة العلاقات متابعين لملف السفير السعودي في بغداد قبل تسلمه المنصب، وكنا نأمل استبداله بشخص آخر؛ لأننا وجدنا في سيرته الذاتية أمور لا تحقق فائدة للشعب العراقي لأن خلفياته استخباراتية، ونحتاج إلى شخص دبلوماسي يقضي على التقاطعات بين البلدين”، وأضافت “منذ أوائل وجود السبهان في السفارة السعودية بدأ يتحرك بشكل غير دبلوماسي، وقرّب بعض الجماعات له بعدها أطلق تصريحاته بحق مؤسسات الدولة العراقية”.
مسؤولون عراقيون “شيعة”، قالوا إن السفير السبهان يصرح بين الحين والآخر، عبر وسائل الإعلام حول مواضيع، غالبًا ما تعد تدخلاً بالشأن الداخلي للعراق، وكان “السبهان”، صرح مؤخرًا أن هناك تخطيط لاغتياله، فيما أكدت قيادة عمليات بغداد تأمين العاصمة بشكل جيد وكذلك البعثات الدبلوماسية، مؤكدة أن “السفارة السعودية لم تخبر الجهات الأمنية بتعرض حركة السفير داخل العاصمة للخطر”، وبحسب الناطق باسم القيادة العميد “سعد معن”، الذي قال في بيان صحفي، إن “سفارة السعودية في بغداد لم تخبر الجهات الأمنية العراقية المختصة عن أية معلومات تشير إلى تعرض حركة السفير داخل بغداد إلى خطر”.
السفير “ثامر السبهان”، رد على مطالبة وزارة الخارجية العراقية باستبداله، قائلاً إن “سياسة السعودية ثابتة ولا ترتبط بالأشخاص، وهي لن تتخلى عن عروبة العراق”، وأضاف “السبهان”، قائلاً إن “العراقيين يعانون من ضغوط وأجندات معينة تفرض سياستها عليهم”، وأوضح أن السعودية تتفهم “الضغوط التي يفرضها مستشارون عسكريون من دول أخرى على العراقيين”، في إشارة إلى التدخل الإيراني، وقال: “أعان الله العراقيين بسبب مجاورتهم لدولة عدوانية ضد جيرانها”، وقال عبر حسابه الرسمي بموقع “تويتر”، بعد إعلان الموقف العراقي: “أنا خادم لهذا الدين ولهذه القيادة حفظها الله، التي تسعى لنصرة الحق وما فيه خير للإسلام والمسلمين وللوطن وأبنائه الذين أعتز وأتشرف أني منهم”.
ومن أبرز التصريحات التي أدلى بها “السبهان”، وأثارت غضب السلطات العراقية، هجومه على إيران وقوله إن الخارجية العراقية لا تعامل السعودية بالكيفية ذاتها التي تعامل بها إيران، وأضاف “السبهان” – في مقابلة بثتها قناة الإخبارية السعودية الرسمية – أن ذلك يظهر جليًا في صمت الخارجية والإعلام العراقيين، عندما تسمح إيران لنفسها بالتدخل في الشؤون السعودية والخليجية، على عكس الهجمات الإعلامية التي تتعرض لها السفارة السعودية عندما يصدر منها أي تصريح أو تعليق، حسب قوله.
وتابع “السبهان” قائلاً إن الساسة والإعلاميين العراقيين يسمحون لأنفسهم بالتحدث عن المملكة وعن دول منطقة الخليج، وضرب مثالاً على ذلك بخروج مظاهرات وصدور مواقف مناهضة عقب تنفيذ حكم قضائي ضد مواطن سعودي، وقال إن الجانب السعودي لا يسمع – في المقابل – من السلطات العراقية أي موقف إزاء السفير الإيراني في بغداد، عندما يتحدث البرلمان الإيراني عن السعودية، ويدعو لطرد الدبلوماسيين السعوديين في العراق.
وأشار السفير السعودي، إلى أنه حين يتحدث دبلوماسيون سعوديون بما فيه صالح العراق وصالح دول المنطقة تكون هناك احتجاجات وكلام بغيض من الجانب العراقي، كما تصدر دعوات لغلق السفارة السعودية وطرد الدبلوماسيين السعوديين في بغداد.
وهاجم “السبهان”، رئيس الوزراء العراقي السابق “نوري المالكي”، الذي انتقد السعودية، وقال إنه خسر سبعين في المئة من أراضي العراق خلال فترة حكمه، في إشارة إلى رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، وتساءل السبهان في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: “ماذا يُتوقع مِمّن حارب العراق ووقف مع إيران”؟ في إشارة إلى دور المالكي ومعارضين عراقيين آخرين خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، وتأتي تصريحات السبهان بعد هجوم شنه المالكي على السعودية في مقابلة مع وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
الكاتب السعودي جمال خاشقجي، هاجم الحكومة العراقية بعد مطالبتها من السعودية تغيير سفيرها في بغداد، وقال في تغريدة عبر حسابه على موقع “تويتر”: “حكومة العراق ضيعت بوصلتها، وتخرج من ثوبها، امتداد العراق وهويته وتاريخه وقوميته هو الجزيرة وعربها، ولكنهم “مرحلة عابرة”، كلنا ثامر السبهان”.
“ثامر بن سبهان السبهان”، ولد في الرياض في عام 1967، يشغل منصب قائد السرية الثانية تدخل سريع في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للأمن والحماية، ودرس في المرحلة الابتدائية بمدرسة عكاظ في الرياض عام 1978، وأكمل المرحلة المتوسطة بمدرسة ابن زيدون – في الرياض 1981، ثم أكمل الثانوية العامة بثانوية الجزيرة في الرياض 1985، وأكمل البكالوريوس في العلوم العسكرية بكلية الملك عبدالعزيز الحربية في الرياض 1988، وحصل على الماجستير في العلوم الشرطيـة بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في الرياض 2007، وعلى الماجستير في العلوم العسكرية بعمان في المملكة الأردنية الهاشمية 2008.
وتدرج “السبهان” في عدة مناصب عسكرية، وأصبح قائد فصيلة في سرية التدخل السريع في كتيبة قوة الشرطة العسكرية الخاصة في الرياض، وعين قائد فصيلة في السرية الرابعة في كتيبة قوة الشرطة العسكرية الخاصة للأمن والحماية، وأصبح فيما بعد مساعد لقائد السرية الرابعة في كتيبة قوة الشرطة العسكرية الخاصة، إلى أن وصل إلى رتبة قائد السرية الثانية تدخل سريع في كتيبة قوة الشرطة العسكرية الخاصة للأمن والحماية، ثم قائد سرية تدخل سريع، ثم مساعد قائد كتيبة قوة الشرطة العسكرية الخاصة للأمن والحماية، ومساعد قائد مجموعة أمن وحماية، ثم مساعد الملحق العسكري في الجمهورية اللبنانية، وملحق عسكري في لبنان، حتى أصبح سفيرًا للمملكة في العراق.
ارسال التعليق