اختراق هاتف بيزوس نكسة كبيرة لبن سلمان
قال المعلق في مجلة “ذي أتلانتك” غرايم وود إن “ولي العهد السعودي يمتحن قدرة أمريكا على العفو”. وقال إن محمد بن سلمان المتهم باختراق هاتف مالك صحيفة “واشنطن بوست” وشركة أمازون ربما راهن على قوة العلاقة الأمريكية- السعودية لكي تتحمل فعلا جديدا ومثيرا للقلق. ويضيف وود إن محمد بن سلمان متهم بخرق قوانين الكياسة (اتيكيت) في الولايات المتحدة وهي القرصنة على هاتف جيف بيزوس أغنى رجل في العالم. وهو نفس الرجل الذي نشرت صحيفته وبشكل متواصل مقالات ناقدة لولي العهد بعد قيام أتباعه بتقطيع جثة واحدا من المعلقين في صحيفته. وبحسب فريق بيزوس الأمني، فقد أرسل محمد بن سلمان (المعروف بـ م ب س) رسالة عبر حساب” واتس آب” تحتوي على فيروس. ومن خلال هذا الملف المصاب تم سحب بيانات هائلة من هاتف بيزوس بما في ذلك صور يمكن استخدامها لابتزازه ودفعه لوقف تغطيته السلبية لولي العهد والسعودية.
ويعلق وود إن المزاعم التي تقول ثرثرة شخصية قامت بإتلاف الجهاز الشخصي وسرقة الرسائل الشخصية والصور تثير حالة من عدم الأمن لنا جميعا. فهواتفنا النقالة تعتبر اليوم أهم جزء في جسدنا. وإصابة هاتف شخص ما بفيروس وعن قصد هو المعادل الرقمي لنقل مرض تناسلي معد وعن قصد لشخص آخر.
يمكننا الفصل بين التفاصيل والتهم التي تجعلنا نشعر بالتشنج والإنتهاك وبين الجوهر. وما نحن أمامه هو أن رجل في دولة قام بالتجسس على أعدائه.
ولكن يمكننا الفصل بين التفاصيل والتهم التي تجعلنا نشعر بالتشنج والإنتهاك وبين الجوهر. وما نحن أمامه هو أن رجل في دولة قام بالتجسس على أعدائه. ومن ناحية عامة فلا يؤمن محمد بن سلمان بالمفهوم الأمريكي المقدس عن الصحافة والديمقراطية وحقوق الإنسان. فهجوم على بيزوس يبدو من وجهة نظر ولي العهد السعودي كهجوم حاكم مطلق ضد آخر مثله. وكون موارد بيزوس المالية تعادل الناتج القومي لدول مثل الكويت والمغرب، وهما ملكيتان عربيتان حاولت السعودية وبالتأكيد التنصت عليها لا ينفي بشاعة الاتهام. ولكن ثروة بيزوس وتأثيره العالم تضع عملية القرصنة في سياق مختلف، وهو فعل تجسس قامت به دول العالم النامي ومن وقت طويل بدون أن تعتذر أو تلقي بالا لمخاطره.
ويرى وود أن الغضب الحالي يشبه بطريقة أو بأخرى الغضب الذي رافق كشف إدوارد سنودين عن تجسس الولايات المتحدة على هاتف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وردت هذه على الأمريكيين بالقول “التجسس على الأصدقاء ليس واردا”. ولكن التجسس في مرتبة العادي. وعندما يتم بين الأصدقاء لا يؤدي إلى قطع العلاقات. وما هو غير عادي عندما يتم الكشف وفضح التجسس كما حدث بين إسرائيل والولايات المتحدة في حالة جوناثان بولارد.
تورط محمد بن سلمان شخصيا في استهداف قذر لجيف بيزوس يعتبر هدية لأعدائه وامتحانا جديدا لقوة العلاقات الأمريكية- السعودية.
والسؤال في حالة محمد بن سلمان إن كان يقف على نفس المستوى كما حدث مع إسرائيل أو ألمانيا. وفيما إن كانت أفعاله ستؤدي لقطع العلاقة وللأبد. ويبدو أن ولي العهد السعودي يعمل كل شيء ويشجع على تشويه سمعته، ولثقته أن السعودية هي حليف مقرب من الولايات المتحدة وعلى نفس مستوى صداقة ألمانيا وإسرائيل مع أمريكا. وتقوم استراتيجيته على انتظار الوقت الذي ستنسى فيه أمريكا جريمة القتل التي دعمتها الدولة ضد صحافي واشنطن بوست، جمال خاشقجي. فأن يتورط محمد بن سلمان شخصيا في استهداف قذر لمواطن عادي وبسبب ملكيته لصحيفة ناقدة ويتم القبض عليه متلبسا بالجرم يعتبر هدية لأعدائه وامتحانا جديدا لقوة العلاقات الأمريكية- السعودية والقدرة على المغفرة.
ويقول وود إن الإدارة الحالية في واشنطن تمقت بيزوس ولن تغير بالتالي من سياستها بعد الكشف عن الفضيحة. لكن ولي العهد السعودي البالغ من العمر 34 عاما يريد حلفاء لحكمه الذي قد يمتد لنصف قرن ويتجاوز الولاية الثانية لإدارة كوشنر. ومن هنا فغياب الثقة وحسن النية بينه وبي نظرائه الأمريكيين يعد نكسة لن يتعافى منها كما في حالة كل من إسرائيل وألمانيا. وبالتأكيد يعتبر استهداف بيزوس عرض وسبب لغياب الثقة. ومع أن التقارير الإخبارية لم تقدم إلا أدلة عرضية عن تورط ولي العهد في القرصنة إلا أنه بحاجة ليسأل نفسه عن الحليف الذي يمكنه الحصول على العفو الأمريكي. مشيرا إلى أن إسرائيل وألمانيا ملتزمتان مع أمريكا بالقيم الأساسية للديمقراطية الليبرالية وحكم القانون والحقوق المشروعة للمواطنين. وهذا الالتزام هو المرهم الذي ستجد السعودية صعوبة في تقديمه نظرا لأن الديمقراطية واللييرالية يعتبران مفهومان غريبان عليها. ورغم ما تم تحقيقه منذ وصول محمد بن سلمان إلى الحكم من انفتاح إلا أن السعودية ستظل وتبقى ملكية مطلقة.
ويجب على من يعتقدون أن السعودية ستحقق تحولات ديمقراطية التفريق بين اللبرلة الإجتماعية والسياسية لأن بن سلمان ركز على التغيرات الإجتماعية على حساب السياسية. ويتساءل السعوديون عن السبب الذي يجعل أمريكا كارهة لهم. وربما جاءت الكراهية من الهجمات التي شنها مواطنون سعوديون على أمريكا في 11 أيلول (سبتمبر) 2001 وفي العام الماضي. ولكنهم يشيرون أيضا إلى التحالف الطويل بين البلدين وإدارة السعودية المسؤولة لمخزونها النفطي وإصلاحات محمد بن سلمان والتخلص من الوهابية وحفلات الموسيقى. وقد يسأل القادة السعوديون أنفسهم أن العلاقة الطويلة والتغيرات التي أحدثوها لا تكفي لنيل ثقة النخبة الأمريكية فإنهم سيبحثون عن آخرين غير ليبراليين في الهند وروسيا والصين.
ارسال التعليق