النظام السعودي يتجاهل كارثة سوريا
لطالما أسند النظام السعودي موقفه الداعم لإسقاط النظام في سورية إلى الشعار التحفة ” تحقيق إرادة الشعب”، و”الوقوف إلى جانب الشعب السوري”.
بطبيعة الحال، إن مثل هذه الشعارات لاقت ترجمتها في الميدان السوري من خلال دعم المنظمات والمجموعات الإرهابية المسلحة، وإراقة الدم السوري، وتوسيع بوابة الإتجار بالأزمة، كما بتبني سياسة الحصار على الدولة السورية وعزلتها.
أمام مصاب سوريا الجلل، منذ يومين، ومع جلاء حجم الخسائر البشرية والمادية في كل من حلب وحماه واللاذقية، المتأتية عن الزلزال الذي ضرب تركيا وامتدت آثاره المروعة على سوريا.
أكد محمد بن سلمان وقوف نظامه إلى جانب الشعب السوري من بوابة الإحجام عن تقديم أي شكل من أشكال الإعانة للآلاف من الأسر المشردة والضحايا، حتى أنه انبرى إلى تقديم واجب العزاء إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دون التنازل وتسجيل موقف “إنساني” بالاتصال بالرئيس السوري لغرض التعزية.
تجاهل النظام السعودي الكارثة التي حلّت على سوريا، باعتبار أن “السياسة أبدى”، وتماشيا مع واقع البعد القيمي لآل سعود ومفهوم التضامن والمساعدة لغرض إنساني، وهي التي لا يمنعها أي شيء عن إطلاق أحكام الإعدام بحق أصحاب الرأي في شبه الجزيرة العربية.
مارس الإعلام السعودي الخباثة عينها، في تغطيته للكارثة التي حلّت على سوريا، مطلقا تساؤلات لا تخلو من الاستهزاء والإهانة كأن تقول قناة “الحدث”، “هل يُريد النظام السوري أن يأخذ أوامر من إيران وروسيا في طلب المُساعدات الدولية؟ ولماذا لم يلجأ للدول العربية؟”.
أتى ذلك على الرغم من مناشدة سوريا المجتمع الدولي “مد يد العون” لها لدعمها بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد ومركزه تركيا، مخلفا مئات القتلى وآلاف المصابين.
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين -في بيان- “تناشد سوريا الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والأمانة العامة للمنظمة ووكالاتها وصناديقها المختصة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من شركاء العمل الإنساني من منظمات دولية حكومية وغير حكومية، لمدّ يد العون ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة السورية في مواجهة كارثة الزلزال المدمر”.
دون تجاهل ترويج خبر كاذب عن طلب سوريا دعما صهيونا، حيث زعم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو – الاثنين- أنه” وافق على إرسال مساعدة إلى سوريا، التي ضربها زلزال عنيف مصدره تركيا، بناء على طلبها عبر قنوات دبلوماسية”، وهو الأمر الذي نفته دمشق.
وقال نتنياهو -أمام نواب حزبه الليكود- إن إسرائيل “تلقت طلبا عبر مصدر دبلوماسي لتقديم مساعدة إنسانية لسوريا، ووافقتُ على ذلك”.
وأضاف أنه سيتم إرسال المساعدة قريبا.
هذه التصريحات استدعت ردا نشرته صحيفة الوطن السورية نقلا عن مصدر رسمي نفيه طلب الحكومة المساعدة من إسرائيل في جهود الإغاثة عقب الزلزال الذي تعرضت له البلاد في وقت سابق اليوم الاثنين.
وقال المصدر إن كل ما ينشر في وسائل إعلام العدو لا يتعدى سوى حملة دعائية لرئيس وزرائه، مضيفا “كيف لسوريا أن تطلب المساعدة من كيان قتل وشارك في قتل السوريين طوال العقود والسنوات الماضية”.
مأساة نموذجية حلّت بالشعب السوري، وكأنه كتب عليهم الموت والقهر بكل أشكاله. هكذا تقف سوريا منكوبة وحيدة، محاصرة، مدمرة، يُسمع أنين أبنائها تحت الركام دون القدرة على إنقاذهم، ويزيدها قانون قيصر عجزاً بفعل العقوبات.
أما على المقلب التركي، فتكاد اسطنبول لا تعرف من أين يأتيها العون، لفظياً ومادياً.
كيف لداهية ومصيبة واحدة، أصابت بلدين، في اللحظة ذاتها، وبالأداة نفسها، أن تفرّق بين الضحايا. كيف لمعايير الإنسانية أن تكون مشروخة إلى هذا الحدّ، منفصمة إلى هذا الحدّ. وحدها السياسة تفرّق وتعكس أبشع صورها وأبعادها.
إزدواجية المعايير في “النكبات”:
كشف الزلزال المدمّر الذي أصاب سوريا وتركيا معًا عن حجم اللا انسانية وازدواجية المعايير التي تتعاطى بها الدول الغربية، حيث كشفت الولايات المتحدة الأميركية ومعها دول عدّة عن الضمائر الميتة التي تتعامل بها مع الشعوب وحجم التمييز والعنصرية والتفرقة التي لم ينج منها حتى الأطفال، فيما تتغنى هذه الدول إعلاميًا فقط بالإنسانية.
وفيما لم تلق سوريا التي استغاثت وناشدت سوى قلّة قليلة من ملبي النداء على رأسها إيران، والعراق وروسيا ولبنان، أعلنت دول بالجملة اليوم الثلاثاء عن إرسال مساعدات لتركيا على رأسها روسيا حيث أرسل الجيش الروسي 10 وحدات تضم 300 شخص للمساعدة في إزالة الأنقاض والبحث عن ناجين. وأقام نقاطًا لتوزيع المساعدات الإنسانية.
وتوجهت فرق الإنقاذ الروسية بعد وصولها إلى تركيا إلى محافظة كهرمان، الأكثر تضررًا من الزلزال، وتم إرسال المجموعة الأولى من رجال الإنقاذ على متن 3 شاحنات مخصصة للسير في المناطق الجبلية، وسيقطع رجال الإنقاذ حوالى 200 كيلومتر على طول الطرق الجبلية.
وقال المستشار في وزارة حالات الطوارئ الروسية، دانييل مارتينوف، إن فرق الإنقاذ ستعمل على مدار 24 ساعة، وضمت المجموعة أكثر من 100 من المتخصصن في المجال الطبي. في كوريا الجنوبية، قالت وكالة الإطفاء الوطنية الجنوبية اليوم الثلاثاء “إنها تخطط لإرسال فريق إنقاذ دولي إلى تركيا للمساعدة في عمليات البحث عن المفقودين بعد الزلزال المدمر”.
وسيقوم فريق الإنقاذ الدولي بأنشطة البحث والإنقاذ باستخدام أحدث المعدات، ومن المتوقع أن يغادر الفريق إلى تركيا بعد ظهر اليوم.
وقررت الحكومة الكورية الجنوبية إرسال فريق الإنقاذ لدعم أنشطة البحث عن المفقودين وإنقاذهم، بناء على طلب من الحكومة التركية.
وفي الهند، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية أريندام باجشي “إنه تم إرسال فرق إنقاذ وأول دفعة من المساعدات الإنسانية إلى تركيا”. وفي وقت سابق، قال مكتب رئيس وزراء الهند “إن نيودلهي سترسل 100 كلب إنقاذ وفرق طبية وإمدادات طبية لمساعدة تركيا”.
وفي الصين، أعلنت جمعية الصليب الأحمر أنها سترسل 200 ألف دولار لكل من تركيا وسوريا لدعم جهود الإنقاذ بعد الزلزال المدمر. كما سترسل الصين رجال إنقاذ وطواقم طبية إلى تركيا لتقديم الإغاثة.
وأرسل الاتحاد الأوروبي فرق بحث وإنقاذ لمساعدة تركيا، كما تم تفعيل نظام الأقمار الصناعية “كوبرنيكوس” التابع للتكتل الذي يضم 27 دولة لتقديم خدمات تحديد المواقع ورسم الخرائط في حالات الطوارئ.
وتنسق الولايات المتحدة مساعدات عاجلة لتركيا، تشمل فرق دعم جهود البحث والإنقاذ.
ومن تونس، أمر الرئيس قيس سعيد بإرسال مساعدات عاجلة لكل من سوريا وتركيا جراء الزلزال المدمر، حيث ستتولى طائرات عسكرية نقل هذه المساعدات للبلدين.
ومن الجزائر، أمر الرئيس عبد المجيد تبون بإرسال فريق من الحماية المدنية إلى تركيا.
وتستعد الهيئة الاتحادية الألمانية للإسناد التقني (تي إتش دبليو) لتوصيل مولدات الطوارئ والخيام والأغطية، والهيئة مستعدة أيضًا لإقامة مخيمات مزودة بمعدات لمعالجة المياه.
وسترسل اليونان المجاورة والخصم الإقليمي التاريخي لتركيا فريقًا مكونًا من 21 عنصر إنقاذ وكلاب إنقاذ مدربة وسيارة إنقاذ خاصة، بالإضافة إلى مهندس إنشاءات و5 أطباء وخبراء في التخطيط الزلزالي على متن طائرة نقل عسكرية.
ومن إيران، قال وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان إنه تم إرسال فريق طبي من الهلال الأحمر الإيراني إلى تركيا.
وفي لبنان، أعلنت الحكومة أنها سترسل جنودًا ومسعفين من الصليب الأحمر والدفاع المدني ورجال إطفاء إلى تركيا للمساعدة في جهود الإنقاذ.
ومن بريطانيا، سيتم إرسال 76 متخصصًا في البحث والإنقاذ ومعهم معدات وكلاب، بالإضافة إلى فريق طبى للطوارئ إلى تركيا. وقالت المملكة المتحدة أيضًا إنها على اتصال بالأمم المتحدة بشأن تقديم الدعم للضحايا في سوريا.
ومن الأردن، سيتم إرسال مساعدات طارئة إلى سوريا وتركيا المنكوبة بالزلزال بأوامر من الملك عبد الله الثاني.
وجمهورية التشيك سترسل فريقًا يضم 68 رجلاً من فرق الإنقاذ، بينهم رجال إطفاء وأطباء ومهندسو إنشاءات وأيضا خبراء مع كلاب بوليسية.
وسترسل خدمة إنقاذ الكلاب السويسرية “آر غي دوغ” 22 منقذًا بصحبتهم 14 كلبًا إلى تركيا.
واليابان سترسل مجموعة تضم نحو 75 عامل إنقاذ إلى تركيا.
وعرضت النمسا إرسال 84 جنديًا من وحدة عسكرية للإغاثة من الكوارث إلى تركيا.
وتستعد إسبانيا، لإرسال فريقين للبحث والإنقاذ في المناطق الحضرية إلى تركيا تضمان 85 فردًا، وفرقة من رجال الإطفاء المتطوعين.
كما عرضت وكالة الحماية المدنية الإيطالية المساعدة على تركيا. وكان فريق مكافحة الحرائق يستعد للمغادرة من بيزا، ويقول الجيش الإيطالي “إن رحلات النقل ستحمل المعدات بالإضافة إلى العاملين الصحيين وغيرهم”.
وسترسل فرنسا فرق إنقاذ إلى تركيا، فيما سترسل بولندا 76 من رجال الإطفاء و8 كلاب مدربة مع المعدات إلى تركيا.
ورومانيا سترسل عناصر ومواد متخصصة إلى تركيا على متن طائرتين عسكريتين.
وكرواتيا سترسل 40 رجلاً و10 كلاب ومعدات إنقاذ وعربات نقل إلى تركيا، وصربيا سترسل أيضًا فريقًا من 21 فردًا من رجال الإنقاذ و3 ضباط اتصال إلى تركيا.
وجمهورية الجبل الأسود سترسل 24 رجل إطفاء على الأقل إلى تركيا.
وتعهدت مصر بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لتركيا.
وقال رئيس مولدوفا “إنه تم إرسال 55 من عمال الإنقاذ إلى تركيا”.
ارسال التعليق