مهندسون بشهادات وهمية
احدى القنوات تناولت ملفاً مهماً قبل أيام، وكان موضوعه حصول العامل الأجنبي في المملكة على خبرة مزورة تمكنه من تغيير مهنته من فني إلى مهندس، والعربية استضافت ممثلاً عن هيئة المهندسين السعودية، ونجحت القناة في استنطاق ضيفها وإحراجه، وقادته إلى تحميل الشركات التي تستقدم المهندسين الأجانب، مسؤولية التحقق من مطابقة شهادات الخبرة التي يحملونها لخبراتهم، واقترح الضيف أن يتم ذلك عن طريق المقابلات الشخصية، وقال: إن مهمة الهيئة أن تتأكد من صحة الشهادات، ومن وجود خبرة لا تقل عن 5 سنوات.
الهيئة وعلى لسان ممثلها في القناة لم تتكلم عن أسلوب التثبت من خبرات المهندسين الأجانب، ولكنها وفي 2018 أطلقت خدمة اجتياز لفحص أوراق المهندسين الأجانب بطريقة إلكترونية، وفي حال سلامتها يمنحون الاعتماد المهني ويمكنون من العمل في المملكة، وبحسب إحصاءات 2020، يمثل الأجانب ما نسبته 76 % من إجمالي الأعضاء في هيئة المهندسين السعودية، وتتراوح جنسياتهم ما بين الهندية والباكستانية والفلبينية، بالإضافة إلى المصرية والأردنية والسورية والسودانية.
مشكلة تزوير مؤهلات المهندسين الأجانب ليست جديدة، والمختلف تراجعها إلى 3 آلاف مؤهل مزور، مقارنة بضبط 30 ألف مهندس أجنبي في 2014، وكلهم كانوا يعملون بمؤهلات وهمية، وأرقام البطالة بين المهندسين السعوديين تقدر نسبياً بعشرات الآلاف، رغم أن خريجي تخصصات الهندسة من المواطنين والمهندسين الأجانب لا يغطون الاحتياج المحلي الفعلي في القطاعين العام والخاص، والتخصص في المجالات الهندسية مطلوب لتصميم المشروعات الوطنية ومشروعات البنية التحتية، علاوة على الإشراف عليها وتشغيلها وصيانتها.
المهندسون في المملكة مصنفون إلى مهندس عادي أو مشارك أو محترف أو مستشار، والانتقال من فئة إلى فئة يشترط نقاط تأهيل تتراوح ما بين 50 – 80 نقطة، وبالتالي فالخبرة أو التأهيل المزور قد يحولان المهندس العادي إلى مهندس مستشار براتب خرافي، ويعطيانه صلاحيات تحديد جودة البناء وسلامته، بجانب الكشف عن العيوب الهندسية وتوثيقها، وبطبيعة الحال ستكون الخسائر كارثية إذا كان هذا الشخص لا يعرف من الهندسة إلا اسمها، ولا يستبعد أن هذه النوعية تقف وراء تعثرات بعض المشروعات المهمة.
وزارتا الموارد البشرية والشؤون البلدية تعملان لمصلحة المهندس المواطن، ويتقاطع عملها مع اشتراط الهيئة على المكاتب الهندسية توظيف ما لا يقل عن 10 % من المهندسين السعوديين حديثي التخرج، وذلك في العقود الاستشارية الخاصة بالقطاع العام، وأعتقد أن رفع الخبرة من ثلاث سنوات لخمس لن يحل إشكال المؤهلات المفبركة، والمرجح أن تزوير الخبرة بدأ معه أو بسببه، ولعل المبالغة في اشتراط سنوات خبرة طويلة ينظر إليها باعتبارها مشكلة يتفق عليها المواطنون والوافدون، ولا يمكن حلها إلا بإتاحة فرص عمل محلية مؤقتة، وبما يوفر الخبرة المطلوبة على طريقة التدريب في مكاتب المحاماة ولكن لمدة أطول.
ارسال التعليق