أسرار زيارة "السبهان" للرقة وتفاصيل صفقة "دواعش" السعودية في سوريا
كشفت مصادر خاصة عن أسرار زيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان، إلى الرقة الأربعاء الماضي، وتفاصيل صفقة "دواعش" السعودية في سوريا.
وقال المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد" إن الوزير السعودي الذي وصل الرقة برفقة مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص في "التحالف الدولي"، بريت ماكغورك سلك طرق الخطوط العسكرية لـ"التحالف" للوصول إلى الرقة، إما عبر العراق، أو عبر الأردن، فسوريا.
وأكد أن السبهان لم يدخل من تركيا إلى الرقة، كاشفاً أن هدف الزيارة الأساسي ليس الإعلان عن تقديم الدعم للنازحين من الرقة، بل لاستلام عدد من عناصر "داعش" السعوديين، والذين يتراوح عددهم بين 20 و30 عنصراً، بحسب الأرقام المتداولة، موضحاً أن السبهان وعد أثناء تسلمه عناصر "داعش" السعوديين بإعادة تأهيل بعض المشاريع الخدمية في محافظة الرقة.
وتأتي هذه التفاصيل في الوقت الذي أكد محللون سياسيون على وسائل إعلام عربية مختلفة، أن لزيارة "السبهان" أبعاداً تتجاوز حتى استلام عناصر سعودية منتمية إلى "داعش"، مشيرين إلى أنه من غير المؤكد أن لدى السعودية استعداداً في هذه المرحلة لتقديم أموال للمساهمة في إعادة الإعمار من دون ترتيبات دولية، ومؤتمر إقليمي أو دولي، تلتزم فيه دول عدة بتقاسم العبء المالي الكبير لإعادة الإعمار.
ورجّحوا أن يكون ذلك المؤتمر في حال عقده، شاملاً، بمعنى أنه لن يكون خاصاً بالرقة، بل بإعادة إعمار كامل المدن السورية التي تعرضت للتدمير.
وقارن هؤلاء المحللون بين ما جرى للموصل من تدمير، وعدم التئام أي مؤتمر تحضيراً لإعادة إعمارها، وبين التسرع في الحديث عن إعادة إعمار الرقة، في إشارة إلى مهمة السبهان الاستخباراتية، على الأقل كونه يشغل منصب "وزير الدولة لشؤون الخليج العربي"، والرقة ليست ضمن نطاق المسمى الوظيفي للرجل.
أما عن مغامرته بمرافقة قادة أكراد في "قوات سورية الديمقراطية"، فإنها ستترك أثراً سلبياً لدى الجانب التركي تحديداً، بحسب "العربي الجديد"، وقد تكون مصاحبة بريت ماكغورك للوزير السعودي رسالة مزدوجة للأمريكيين والروس معاً، على خلفية صفقة صواريخ "أس 400"، التي جرى الحديث عنها أثناء زيارة الملك سلمان إلى موسكو في 4 أكتوبر الجاري، ومقارنتها بصفقة مفترضة لشراء المملكة صواريخ "ثاد" الأمريكية، خاصةً أن الصفقتين لا تزالان حبراً على ورق، ولم تدفع المملكة ثمن أي منهما.
لغز الصفقة الفرنسية
وفي ما يتعلق بلغز خروج عناصر "داعش" الأجانب، وعن الطرف الذي قاد المفاوضات مع التنظيم، وإلى أين وصل عناصر "داعش"، قال مصدر لـ"العربي الجديد" من الرقة، إن العناصر سلكوا اتجاهات عدة، وإن بعضاً منهم تم نقله إلى بادية دير الزور شمال الفرات، وبعضاً منهم استسلم لقوات "التحالف الدولي" و"قوات سورية الديمقراطية"، فيما استطاع عدد منهم الوصول إلى مناطق "درع الفرات" وعبروا إلى تركيا، ومنهم من ذهب إلى البادية السورية ما بين حمص وتدمر والبوكمال، حيث توجد قوات النظام السوري.
وأكد المصدر أن كلاً من عناصر "داعش" الأجانب ذهب حسب تابعية جنسيته، نافياً خروج أي منهم برفقة دروع بشرية من المدنيين في الرقة. وقال "لم يكن خروجهم بحاجة إلى دروع بشرية، لأن من خرجوا من الرقة في اتجاه منطقة شمال الفرات في دير الزور عقدوا صفقة سلموا فيها بعض رعايا الدول المؤثرة إلى مسؤولين في استخبارات هذه الدول"، وفق تأكيد المصدر.
وكانت الأخبار الواردة من منطقة الرقة خلال الأسبوع الماضي، تحدثت عن قيام الطرف الفرنسي الممثل في "التحالف الدولي" بالتفاوض مع عناصر "داعش" الأجانب، بمن فيهم الفرنسيون، فيما تولى وجهاء عشائريون ترتيب استسلام عناصر "داعش" السوريين.
في غضون ذلك، أعلن مصدر لـ"العربي الجديد" أن الإدارة الأمريكية ليس لديها الآن أي خطة لإدارة مدينة الرقة، مضيفاً أن "تصريحات الأمريكيين كانت تقتصر على الجانب العسكري، وأن كل الوعود كانت خاوية وهدفها خدمة المعركة لا أكثر".
وقال "لا أظن أن الولايات المتحدة ستُعطي دوراً مهماً للواء ثوار الرقة في هذه المرحلة، ولا مستقبلاً، ولا لأي جهة أخرى محسوبة على المعارضة والثورة (السورية)"، مشيراً إلى أن هذا الأمر حسمته واشنطن منذ بداية الحملة قبل عام تقريباً. وأوضح أن "أمريكا والتحالف سعيا إلى تعقيد الأمور أكثر على جميع الأصعدة منذ البداية، انتهاء بإخراج أهل الرقة من المدينة، وتدميرها كاملة"، على حد تعبيره.
"إعمار الرقة"
وعقَّب مصدر مطلع على الحديث عن دور الاتحاد الأوروبي في إعادة الإعمار، نافياً وجود أي توجه أوروبي في هذا الاتجاه. وقال لـ"العربي الجديد" إن "الاتحاد الأوروبي لن يساهم في إعادة الإعمار".
وأضاف "هذا الإحجام الأوروبي أربك أمريكا كثيراً"، متوقعاً أن يتخذ الأمريكيون موقفاً مشابهاً للموقف الأوروبي حين تتسلم الخارجية الأمريكية ملف الرقة، وملف سوريا، من وزارة الدفاع، مرجعاً اعتقاده هذا إلى كون الطرفين "يشترطان التغيير السياسي في سوريا أولاً".
وفي ما يتعلق بالمرحلة التالية للسيطرة على الرقة، قال المصدر ذاته إن طبيعة المرحلة الجديدة ستبدأ مع الانتهاء من الحرب على "داعش" حسب التفاهم الدولي، وخاصة بين الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي. وأوضح أنه "سيتم العمل على تمكين مؤسسات الدولة لتعود إلى العمل في كامل الأراضي السورية، يستثنى منها الجيش والأمن، لتبدأ بعدها مرحلة التغيير السياسي"، بحسب تعبيره.
حجم الدمار
وبدأت معركة حصار الرقة في 6 يونيو الماضي، تعرضت خلالها المدينة لـ3829 غارة جوية، وآلاف القذائف المدفعية، قُتل فيها 1873 مدنياً حتى بداية أكتوبر الجاري، وفق تقديرات حملة "الرقة تُذبح بصمت". لكن الحملة قدرت نسبة الدمار بـ90% من المدينة. وهذا ما نفاه المصور الصحفي، عبود حمام، الذي يزور الرقة بشكل يومي في الأيام الأخيرة، ضمن وفد إعلامي، بمرافقة عنصر من "قوات سوريا الديمقراطية"، حيث يقول إن نسبة الدمار ما بين 40 و50%.
ارسال التعليق