أغلب مناطق الجوف في اليمن تحت سيطرة أنصار الله
التغيير
سيطرت جماعة أنصار الله في اليمن على غالبية أراضي الجوف الاستراتيجية، باستثناء بعض المناطق، بحسب ما أعلنت الجماعة.
وتم ذلك بعد أكثر من أسبوعين على اجتياح الجماعة مطلع مارس/ آذار الجاري، فيما شهدت أطراف محافظة مأرب معارك دامية بعد تصدي القوات الحكومية لهجمات حوثية من محاور مختلفة.
وأذاعت قناة “المسيرة” التابعة لأنصار الله بياناً لمتحدثهم العسكري يحيى سريع، أعلن فيه بشكل رسمي استكمال ما سماه “تحرير” مديريات محافظة الجوف القريبة من الحدود مع المملكة.
ورغم الاعتراف الحكومي بفقدان السيطرة على مدينة الحزم ومديرية الغيل في وقت مبكر من مارس/ آذار الجاري، إلا أن جماعة أنصار الله لم تكشف عن ذلك، ومن المرجح أنها كانت تنوي استكمال السيطرة على كامل الجوف قبل الإعلان الرسمي، لكنها لم تتمكن من ذلك.
وكشف المسؤول العسكري باسم أنصار الله أن بعض المناطق في خب والشعف، أكبر مديريات الجوف مساحة، بالإضافة إلى صحراء الحزم، ما زالت خارج سيطرتهم.
وتقول القوات الحكومية الموالية للشرعية إنها تمكنت، خلال اليومين الماضيين، من استعادة مواقع هامة في منطقة اليتمة بخب والشعف، وذلك بإسناد جوي من مقاتلات التحالف السعودي الإماراتي، الذي شن عشرات الغارات الجوية خلال الأيام الماضية على مواقع أنصار الله بالجوف.
ووفقاً لوسائل إعلام تابعة لحكومة هادي، فإن المناطق التي لا تزال تحت قبضة قوات هادي تمثل ما مساحته 65 بالمائة من مساحة الجوف، وأن ما تبقى فقط هو الذي سيطر عليه أنصار الله.
وكشف المسؤول العسكري لأنصار الله أن معركة الجوف حسمت في 5 أيام من المعارك فقط، وذلك بعد أن كان الجيش الوطني قد أعلن أنه صمد لأكثر من 45 يوما بإمكانيات بسيطة، وسط اتهامات، حينها، للتحالف السعودي الإماراتي بالخذلان.
وقال أنصار الله إنهم استخدموا صواريخ باليستية وطائرات مسيرة من دون طيار في أكثر من 50 عملية خلال معركة الجوف، بعضها استهدف العمق السعودي، ردا على الغارات الجوية.
ويشكل سقوط الجوف دليلا واضحا على تعاظم انتكاسات نظام آل سعود في حربه الفاشلة في اليمن المستمرة التي تدخل بعد أيام عامها السادس.
والجوف إحدى المحافظات اليمنية المتاخمة لحدود آل سعود، وتكتسب أهمية استراتيجية في النزاع الدائر منذ نحو ستة أعوام بين حكومة هادي، والتي يدعمها التحالف العربي بقيادة آل سعود، وجماعة أنصار الله.
وللجوف أهمية استراتيجية تبعاً لموقعها، في الصراع الدائر في اليمن، إضافة إلى أنها تمثل خزاناً ضخماً للنفط في البلاد. وتعد الجوف أكبر المحافظات الشمالية مساحة، إذ تصل إلى 39 ألفاً و400 كيلومتر.
وتشترك الجوف في حدود مفتوحة إلى الغرب مع محافظتي صعدة وعمران (الخاضعتين لسيطرة أنصار الله)، ما يعني أن استيلاء أنصار الله عليها يعزز من حظوظ الجماعة في تأمين معاقلها.
كما تدفع سيطرة أنصار الله على الجوف، نحو تلاشي آمال حكومة هادي في استعادة صعدة وعمران، إضافة إلى العاصمة صنعاء، كما تشكل خطراً على محافظة مأرب المتاخمة للجوف من جهة الجنوب، والتي تنطلق منها عمليات قوات هادي ضد أنصار الله في منطقة الشمال.
ولا تقتصر الأهمية الاستراتيجية على الأراضي اليمنية وحسب، إذ تشكّل سيطرة أنصار الله على الجوف خطراً على آل سعود، التي تتشارك معها أكثر من 266 كليو متراً من حدودها الجنوبية، ما يجعلها عرضةً لاستهدافها من قبل أنصار الله بشكل أكبر.
ويشكل سقوط محافظة الجوف الخطر الأكبر لمصير تحالف نظام آل سعود في حربه على اليمن.
إذ سبق أن صرح مستشار الرئيس اليمني أحمد عبيد بن دغر بأنّ دور التحالف في بلاده سينتهي إذا لم تتم استعادة محافظة الجوف.
واتهم بن دغر في سلسلة تغريدات على “تويتر”، التحالف وحكومة هادي بالتسبب في حالة الانقسام والعداء بعضهم لبعض، في موقف وصفه بأنه “إصرار عجيب” على إهداء الهزيمة لأنصار الله بالمواجهة الدائرة بينهما منذ 5 سنوات.
وقال إنّ سقوط الجوف قد يغير موازين القوى العسكرية بصورة نهائية في المعركة التي وصفها بـ ”المصيرية” مع أنصار الله.
وأضاف: “إذا تعاملنا بذات المستوى الذي تعاملنا به في شأن سقوط نهم، فسنكون قد قررنا مصير المعركة لصالح أنصار الله يمنياً، ولصالح إيران إقليمياً، وسيكون دور التحالف قد انتهى في اليمن”، في إشارة إلى إنهاء تدخله الذي بدأ في 26 مارس/ آذار 2015.
ووصف بن دغر معركة الجوف بأنها “الأولى من نوعها حجماً وعنفاً وتضحية، ولا يلوم أحد أبطالها، أو يسأل عن الأسباب”، التي قال إنها “واضحة وضوح الشمس”، في إشارة إلى تقصير التحالف ضمنياً.
وحذر من أنّه في حال عدم استعادة الجوف، فستتلقى حكومة هادي والتحالف الذي يقوده آل سعود “هزيمة تاريخية نكراء”، لافتاً إلى أنّ “أنصار الله تمكنوا من الحصول على وسائل وعوامل القوة، أتاحت له الصمود، وتتيح له التقدم اليوم”، في إشارة لأنصار الله.
ولمّح المسؤول اليمني إلى دور الإمارات في المشاركة بإضعاف حكومة هادي وقتل اليمنيين، وقال إنّ “اليمن نال في هذه الحرب من الأذى والتدمير وسفك الدماء ما لم ينله في تاريخه كله، بسبب الانقلابات المتتالية على حكومة هادي، والتي يبدو واضحاً الأثر السيئ لأموال بعضنا في دعمها، فضلاً عن فشل حكومة هادي وحلفائها في إدارة المعركة”.
وشدد المسؤول اليمني على أنه لا ينبغي للتحالف السعودي “وقد أوتي من القدرات والدعم العربي والإسلامي والغطاء الدولي، أن يخسر هذه المعركة ذات الطابع المصيري”، لافتاً إلى أنه ليس هناك ما يعوض هذه الخسارة إن حدثت في ظل قيادة التحالف.
ارسال التعليق