أين محمد بن سلمان؟
بعد احداث قصر الخزامي انخفض التواجد الاعلامي لمحمد بن سلمان الى اقل مستوى ممكن منذ تسلمه منصب ولاية العهد في السعودية، ما تسبب في تعزيز فرضية اعتبار هذه الحدث انقلابا عسكريا.
أثار غياب محمد بن سلمان مؤخرا عن الاعلام شهية المحللين لتبرير هذه الغياب وتنوعت السيناريوهات التي تحلل هذه القضية خاصة ان الأمير الشاب متواري عن الاعلام منذ فترة.
في النظرة الاولى تعود قلة التواجد الاعلامي لكبار المسؤولين الحكوميين الى انشغالهم والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم، غير ان هذا الحدث لشاب صاعد مثل محمد بن سلمان وبعد حضوره الاعلامي المكرر وخارج عن الاعراف والتقاليد يثير تساؤلات جادة.
ويعود اخر تواجد اعلامي لمحمد بن سلمان عبر شاشات التلفزة الى ثلاثة ايام قبل احداث قصر الخزامي والذي كان بمعية الملك في حفل افتتاحي وبعد ذلك لم تنشر وسائل الاعلام اخبارا حول نشاطاته.
ومراجعة للصفحة الاولى للاعلام السعودي الرسمي والتي تنشر اخبار لقاءات واجتماعات ولي العهد, قد نشرت صور متعلقة لنهاية شهر ابريل ومنذ ذلك التاريخ لم ينشر اي خبر عن ابن سلمان على الصفحة الرسمية كي تذهب بالتساؤلات حول مصير ولي العهد. والجدير ذكره ان ابن سلمان مولع بالظهور على الاعلام، فلم يحضر في الاجتماع الاخير لمجلس الوزراء في الرياض، ولم يحضر كذلك في مراسم اول يوم من شهر رمضان الخميس الماضي والتي حضرها الملك سلمان!
ومنذ أحداث إطلاق النار التي وقعت في حي الخزامي قبل ثلاثة أسابيع، بالقرب من أحد القصور الملكية، لم يظهر ولي العهد السعودي بشكل مباشر ونشرت وسائل إعلام تقارير تزعم أن اختفاء ولي العهد سببه إصابته بسوء جراء حادث إطلاق النار، لكن مدير المكتب الخاص له، بدر العساكر، نشر صورة حديثة تجمع بين الأمير وملك البحرين، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وعلق العساكر على الصورة عبر حسابه الخاص بموقع""تويتر"، قائلا: "لقاءٌ وديٌّ يستمر بين الأشقاء.. كان في ضيافة فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قبل أيام".
اين إبن سلمان هذه الايام ولماذا يتهرّب من وسائل الاعلام؟
التّحليلات والفرضيّات المختلفة التي أطلقها ناشطون عن حادثة الخزامي تمركّزت حول محاولة بعض الأمراء تنفيذ انقلاب على محمد بن سلمان.
وبناءًا على هذا، يُمكن وضع ما جرى في أواخر نيسان الماضي بين إطارين:
1- إطلاق نار على طائرة مسيّرة دخلت أجواء القصر الملكي
2-اشتباك مسلّح داخل قصر الملك السّعودي في محاولة لبعض الأمراء لتنفيذ انقلاب على محمّد ووالده سلمان بن عبد العزيز.
و حول هذا تحدث حساب ”مجتهد“ (المقرب من دوائر صنع القرار في السعودية) على موقع تويتر عن هجوم بـ ”سيارات تحمل مدفع 50 ملم والرد كان عشوائيا، لم تتوفر تفاصيل حتى الآن عن هوية المهاجمين (الذين اختفوا) ولا الهدف من الهجوم ولا عن عدد الإصابات. حكاية الدرون أسطورة جرى تأليفها لدفع الحرج“.
وعلق ايضاً غانم الدوسري ”أحد مصادري في الديوان (الملكي): محمد بن سلمان يعيش في قلق شديد خوفا من ان ينجح جناح محمد بن نايف بالاطاحة به، وتم منع عدد من افراد الاسرة وكبار المسؤولين من السفر حتى إشعار آخر، وتمت إعادة الملك فجر اليوم من القاعدة الجوية الى قصره، وثمة تحقيقات في الديوان لمعرفة من يقف خلف التسريبات“.
أكد المصدر ان التحقيقات تطال اي مسؤول في الديوان وان الهلع والشك سيد الموقف.
وبعد حادثة الخزامي تعاملت السعودية مع الحادثة بنفي وقوع أي حدث بالبداية، وتسخير جيوش ذباب الكتروني لسباب كل من يكتب بالأمر، ثم استخفاف بعقول الناس بأن كل هذا الحجم من النيران مجرد طائرة لعبة وكان لافتًا أداء وسائل الإعلام الخليجية حيث تأخرت (العربية) و(الجزيرة) عدّة ساعات للإعلان عن حادثة إطلاق النّار لتُعلن لاحقًا أن ما جرى هو إطلاق للنار على طائرة ألعاب مسيّرة ,لكن في الواقع تم إغلاق المجال الجّوي أمام كل الرحلات الجوّيّة العسكرية والتّجاريّة فيما أشارت معلومات إلى تحليق للمروحيّات المتعلّقة بالحرس الخاص لبن سلمان.
1-ربما بعد اعلان إبن سلمان دعمه الرسمي للتطبيع مع اسرائيل والاعتراف بها خلال زيارته الى الولايات المتحدة الاميركية والذي اثار سخط المسلمين في العالم، فضّل ان يكون غائبا عن المسرح السياسي خلال نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس المحتلة في 14 ايار ومن ثم يوم النكبة.
2-ربما حالة الاحباط التي انتابت إبن سلمان جراء هزيمة السعودية في الانتخابات البرلمانية اللبنانية رغم التهديدات والوعود والمحاولات المبذولة لزعزعة الاستقرار في هذا البلد الى جانب فشلها في الانتخابات البرلمانية العراقية بعد مساعيها الجادة للتواجد في الساحة العراقية الجديدة واخيرا هزيمتها في سوريا بعد دحر داعش والمجموعات الارهابية المنتسبة اليها خلال الشهر الاخير خاصة في العاصمة دمشق.
3-ربما غياب إبن سلمان عن وسائل الاعلام يعود الى انشغاله في المستنقع اليمني واهم من ذلك كبح جماح منافسه محمد بن زايد الاماراتي الذي يتسابق معه في اخذ حصة اكبر من اليمن وتجلى ذلك في قضية جزيرة سقطرى اليمنية.
الى جانب هذه الاحتمالات هناك احتمال اخر وهو ان إبن سلمان وبناء على توصية من الغربيين قد تجنب وسائل الاعلام وانه منشغل في اكمال مشاريعه المغايرة للتقاليد والدين ومحاولاته لعلمنة المجتمع السعودي.. المشروع الذي بدأ بمكافحة الفساد وعمليا اخرج منافسيه الاحتماليين من الساحة واستمر بعروض معادية للتقاليد والدين بهدف صرف انظار الرأي العام السعودي عن الاستبداد الحاكم وانتهاك حقوق الانسان في السعودية.
بغض النظر عن قرب اي من الاحتمالات المذكورة الى الحقيقة الا انه يبدو اذا لم تكن حادثة قصر الخزامي انقلابا والذي يؤكدها الكثير من الخبراء فيمكن القول ان هذه الحادثة لعبت على الاقل دورا انقلابيا على ابن سلمان بحيث اثّرت عليه الى حد فضّل ان يبتعد فترة ما عن الاجواء المثارة والصاخبة.
ارسال التعليق