ابن سلمان متهور وغير مؤهل للحكم وأميران يهددان احلامه
نشر معهد “واشنطن” الأمريكي، تقريراً قال فيه إن صعود محمد بن سلمان “33 عاما” والمعروف باسم “MbS” الى كرسي الملك في السعودية سيشكل تهديداً مباشراً للمصالح الأمريكية، مضيفاً في تقريره أنه إذا وصل “MbS” ستصاحبه تداعيات خطيرة ستؤثر بشكل مباشر على استقرار ومستقبل المملكة والمنطقة، الأمر الذي يجعل من الممكن القول إن وصول بن سلمان للعرش في المملكة يشكل خطراً وتهديداً حقيقياً ليس على السعودية فحسب بل على المصالح الأمريكية وكل المنطقة.
وتناول المعهد الأمريكي مطامع ابن سلمان في السيطرة على الحكم في المملكة في ظل الخلافات المستمرة داخل الأسرة الحاكمة والتي ترى فيه شخصا متهورا وغير مؤهلا لتولي الحكم أو حتى ولاية العهد في السعودية، الأمر الذي استدعاه الى تهميش وإهانة أقرب منافسيه على ولاية العهد وهما الأمير محمد بن نايف ومتعب بن عبدالله، وكلاهما يتمتع بكارزيما وقبول شديد أوساط الأسرة الحاكمة والمجتمع السعودي ويشكلان تهديدا حقيقيا لمخططات واحلامه بالجلوس على عرش المملكة. وقال المعهد في دراسة مطولة وتقرير مطول بعنوان ” حكم 50 سنة.. محمد بن سلمان ومستقبل السعودية” يبحث القضايا والآليات التي قد تجعل MbS يصبح ملكاً أو لا، مضيفا إنه من المتوقع أن يصبح ولي العهد محمد بن سلمان ملكا للسعودية في النهاية ليحل محل والده الملك سلمان، متسائلا بأن ذلك متى سيحدث وتحت أي ظروف لكن متى، فإنه من الصعب التنبؤ.
النظام الملكي السعودي .. غريب الأطوار
وقال المعهد ، المختص بدراسة وتحسين جودة سياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، أن النظام الملكي في السعودية شهد على مر التاريخ تقلبات مخالفة للتوقعات على مستوى الهرم الملكي، حيث وصف نظام الحكم فيها بأنه غريب الأطوار، إذ أن تغير الملوك تراوح بين أجبارهم على ترك العرش تارة وأخرى عبر الاغتيال، مستدلاً بذلك بالتسلسل التاريخي لعهود الملوك السعوديين منذ تأسيس المملكة في عام 1932.
ويأتي التقرير في إطار الإستقراءات والتحليلات التي يجريها معهد واشنطن للمشهد السياسي في الشرق الأوسط، حيث قام مؤخراً برعاية سلسلة من الجلسات النقاشية حول الخلافة المفاجئة للقادة في الشرق الأوسط وتأثيرها على مجريات الأحداث في المنطقة.
واعتمدت الجلسات في التركيز على السيناريوهات المحتملة والأحداث المصاحبة لمغادرة حاكم أو زعيم معين وتركه لموقعه بصورة مفاجئة. وطرحت الجلسات النقاشية لمعهد واشنطن سلسلة من الأسئلة الجوهرية، ومن ضمن تلك الأسئلة، هل سيؤدي التغيير المفاجئ للحاكم الى ظهور سياسات مختلفة عن تلك التي كان يتبناها؟ وهل سيؤثر هذا التغيير في استقرار البلدان المعنية به أو سيلقي بظلاله على المنقطة ككل؟ وما مدى تأثير هذا التغيير على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط؟ وهل الطريقة التي يرحل بها القائد تشكل فرقاً؟ ، كما ركزت المناقشات على دراسة الكيفية التي تمكن الحكومة الأمريكية من التكيف مع الوضع الجديد أو مساهمته في التأثير على النتائج النهائية للتغيير.
وفي سلسلة جلسات معهد واشنطن حول الخلافة في الشرق الأوسط، سلط الضوء على السعودية والتقلبات التي صاحبة الملك فيها على مر التاريخ الحديث، حيث وصف المعهد التغييرات التي تحدث على مستوى قيادتها بالمعروفة جيدا وانها غريبة الأطوار وذلك منذ تأسيس المملكة الحديثة عام 1932م. وفي السياق السرد التاريخي لمشهد الحكم الملكي في السعودية، قال المعهد الأمريكي أن الملك سعود بن عبدالعزيز قد وقع تحت ضغط الأسرة المالكة حيث أجبر على التنازل عن عرش المملكة في عام 1964، وتلاه الملك فيصل الذي تم إغتياله في عام 1975 من قبل أبن اخيه، ثم تبعه الملك خالد ، الذي وصفه المعهد الأمريكي بأنه “ملك صوري”.
ومضي معهد واشنطن الى القول بأن أوضاع الملك في السعودية ظلت في تقلباتها الغريبة وصولا الى الظاهرة الحالية في وهو ولي العهد محمد بن سلمان ، الذي سرعان ما اكتسب سمعة سيئة بسبب اسلوبه الإداري المتهور، مشدداً على أن MbS متى ما صعد الى كرسي الملك في المملكة فأن ذلك سيتبعه الكثير من الإنحرافات والتغيرات، وبصعوده على عرش السعودية سيحمل معه تداعيات خطيرة على المملكة ومستقبل المنطقة والمصالح الأمريكية.
وعن الأوضاع الحالية بالمملكة قال المعهد إن الملك سلمان يبلغ من العمر 83 عاما وفيما يبدو أنه يعاني من تدهور شديد في صحته البدنية والعقلية. وعلى الرغم من ذلك لا يزال لديه جدول عمل زمني مكتظ بالاجتماعات ، مضيفا أن ظهوره خلال المناسبات يتم الإعداد له بعناية فائقة، حيث أنه خلال حديثه الذي تبثه التلفزيونات تمرر له أوراق مكتوب عليها ما يجب ان يقوله ويتم اخفائها من خلال وضع مجموعة من الأزهار الموضوعة أمامه على الطاولة.
وأشار المعهد في تقريره ان الملك سلمان انه لا يستطيع الوقوف جيدا وانه يمشي بواسطة عصا، لافتا الى أنه القى خطابا في القمة العربية الاوروبية في مدنية شرم الشيخ المصرية في فبراير 2019، وقد ارتكب أخطاء محرجة عند القائه كلمته وفقد السطر الذي توقف عنده الى ان ساعده احد مساعديه.
وعليه فانه خلال الشهور الأخيرة ، كان من الواضح أن MbS هو صانع القرار الأول في المملكة، حيث تولى ولاية العهد منذ منتصف عام 2017 ، عندما أجبر ابن عمه الأمير محمد بن نايف على الاستقالة. وكان MbS قبل ولي العهد نائب ولي العهد ، وهو المنصب الذي تمت ترقيته إليه في أبريل 2015 – بعد ثلاثة أشهر من وصول والده الى العرش بعد وفاة الملك عبد الله.
وقبل ذلك ، عمل MbS مستشارا لوالده بدءا من 2010، وبعد ثلاث سنوات ، أصبح رئيسًا لمكتب والده عندما كان ولياً للعهد وعين مستشارا خاصا برتبة وزير. وفي عام 2014 ، أصبح وزيراً للدولة وعضوا في مجلس الوزراء . ولدى الملك سلمان العديد من الأبناء الآخرين، مات اثنان منهم ولكن تسعة على الأقل ما زالوا على قيد الحياة. ومن بينهم رائد الفضاء السابق الأمير سلطان (63 عاما) ، ونائب وزير النفط عبد العزيز (59 عاما) ، وأمير الرياض فيصل (49 عاما) الذي يحمل درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد، ثم خالد “KbS” (31 عاما) وهو الأصغر سنًا من MbS والمقرب منه.
KbS ، كما هو معروف ، تم تعيينه نائباً لوزير الدفاع في فبراير 2019 ، بعد أن شغل منصب سفير سابق للمملكة في واشنطن. وفيما يبدو ان اختيار الملك سلمان MBS الأصغر سناً لولاية العهد يعزى إلى اعتقاده الشخصي بأن MbS يشبه شخصية والده الملك عبد العزيز ، مؤسس السعودية الحديثة ، أو إلى ولع الملك سلمان الخاص بـ MbS. أو بسبب اعتماد سلمان المتزايد عليه والثقة به ، والذي ظل دائمًا على مقربا من والده.
السديريين السبعة
كما تطرق المعهد الأمريكي الى السياسة الحديثة للخلافة في المملكة مؤكدا ان سياسات الخلافة صاحبتها محاولات مستمرة من ما اسماهم بـ “السديريين السبعة” للسيطرة على العائلة المالكة، كما اكد أن الملك الراحل عبد الله بن عبدالعزيز عزم على أن يصبح ملكا ليقطع الطريق أمام أخوانه السديريين. وقال إن الأمراء السديريين السبعة هم فهد وسلطان وعبد الرحمن ونايف وتركي وسلمان وأحمد، فهد وسلمان وصلوا للملك؛ أما سلطان فقد وصل وزيرا للدفاع وتولاها لفترة طويلة، ثم كان نايف وزيراً للداخلية، وهذا يعني أنهما معنيين بنظام الأمن الداخلي السعودي . “أما فيما يتعلق بالأمراء عبد الرحمن وتركي وأحمد فقد وصفهم المعهد بأنهم شخصيات هامشية”. وبخلاف سلمان، لا يزال أحمد وحده على قيد الحياة.
تعديل قانون الخلافة ليصبح بن سلمان وليا للعهد
وتناول التقرير المطول الذي نشره معهد واشنطن عن الملك في السعودية، ملوك المستقبل الذين وصفهم “بالبدلاء” ، حيث قال إن الملك سلمان عندما أراد الحصول على تصديق هيئة البيعة لتعيين ابنه محمد بن سلمان ولياً للعهد في عام 2017 قام أولا بتعديل قواعد الخلافة حتى لا يتمكن ولاة العهد المباشرين من مضايقة نجله MBS، حيث أن خط الخلافة المباشر من الأب والابن لم يستخدم في تاريخ المملكة الا مر واحدة في عام 1953 عندما أصبح سعود بن عبدالعزيز ملكا على المملكة، مضيفا انه فيما يبدو لن يتكرر الا مرة واحدة وذلك عندما يصبح MBS ملكا.
واستدعى المعهد الأمريكي ما يمكن ان يحدث في حال تولي MBS الملك ، حيث أنه لديه ابن واحد هو سلمان ولا يزال طفلا وفيما وسيكون غير مؤهل لولاية العهد وكذلك أخوانه، وهذا يعني أيضًا أن شقيق MBS الأصغر خالد بن سلمان “KbS”، المقرب منه سيكون بدوره غير مؤهل أيضا، ومع ذلك فإن النظام السعودي الراسخ هو أنه يمكن للملك تغيير القواعد المتعلقة بأي قضية في أي وقت ، لذلك قد يثبت هذا التقييد مؤقتًا فقط .
أمراء يهددون طموحات بن سلمان
ولفت معهد واشنطن الى أنه في وقت كتابة هذا التقرير ، يبدو أن الأمراء الذين يشكلون تهديداً على MBS وطموحاته في الملك هم محمد بن نايف “MbN” ومتعب بن عبدالله.
محمد بن نايف .. القائد المقبول في العائلة
وقال المعهد أن الأمير محمد بن نايف على الرغم من تهميشه وعزله من ولاية العهد منذ عام 2017 ، وعلى الرغم من ظهوره العلني في بعض الأحيان، إلا انه لا يزال بإمكانه أن يكون القائد نسبة لأنه شخصية مقبولة لدى أفراد الأسرة المالكة خصوصا تلك الفئة المتخوفة من تركيز MbS للسيطرة على السلطة واستخدامها على الصعيدين المحلي والخارجي.
وأضاف المعهد ان محمد بن نايف هو أول حفيد لابن سعود يصل الى ولاية العهد،وهو في سن الستين، ويتناول دواءًا للتعامل مع الصدمة الخطيرة التي تعرض لها بعد نجاته من هجوم إنتحاري نفذه إرهابي خبأ القنبلة في جسمه وبدا وكأنه يريد أن يسلم على الأمير ثم انفجرت القنبلة، وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر الارهابية ، كان MbN مسؤولاً عن مكافحة الشغب واعتبر محاوراً قيماً مع وكالات الاستخبارات الأمريكية. وبحسب ما ورد أجبره MBS على التنازل عن منصب ولي العهد. أما الأمير متعب بن عبدالله البالغ من العمر 74 عاما، فقد أهانه MBS، واستخدمه MBS للتخفيف من الضغوط التي تعرض لها منذ مقتل جمال خاشقجي ، الذي عمل معه من قبل كمستشار إعلامي في كل من بريطانيا والولايات المتحدة. ونظرا لصحة الملك وبُعده عن وضع السياسات الفعلية للمملكة، فإن تقارير وسائل الإعلام حول الاختلافات السياسية بين MbS والملك سلمان تبدو مشكوك فيها، بدلاً من ذلك ، فإنها تعكس محاولات الأمراء المهمشين لتقويض MbS. قد تُعتبر المعارضة السابقة والمشار إليها داخل العائلة المالكة لولي العهد بمثابة منح ، لكن من الصعب تقديرها في الوقت الحالي.
وعلى الرغم من أسلوبه الشخصي المتهور مقارنة بأسلوب القيادة الذي يتمتع به الأميران محمد بن نايف ومتعب بن عبدالله ، فإن MbS لا يمكن أن يحكم المملكة دون مساعدة من الأسرة المالكة، خاصة في ظل مقاطعة عدد كبير من أفرادها له . ولكن حتى الآن ، وباستثناء شقيقه KbS ، لا يُنظر إلى أمراء الجيل الثالث الذين تمت ترقيتهم حديثًا على أنهم منافسين له.
تطلعات بن سلمان
وقال معهد واشنطن في تقريره إن محمد بن سلمان يواجه العديد من العقبات المحتملة في طريق صعوده الى عرش الملك في السعودية، مضيفا أن قربه من الملك سلمان حاليا يمنحه كسب المزيد من القوة والقدرة على الغلب على منافسيه. ولكن على افتراض حدوث تدهور في صحة الملك سلمان وفي ظل إجراءات ولي العهد المتزايدة والمثيرة للجدل، وتبعا لذلك فقد يكون بن سلمان عرضة للخطر في ظل إنخفاض الحماية التي كان يوفرها له والده، واكد المعهد الأمريكي ان انتقال الملك سريعا في مثل هذه الظروف لن يكون في صالح MbS.
وبالمقابل أيضا اذا توفى الملك سلمان فإن نظرية تولي MbS للملك ستحتاج قسم الولاء من هيئة البيعة الملكية، ومتى ما أظهر كبار الأمراء عزوفاً عن منحه الملك ، فسوف يتم التشكيك في شرعيته وقد تتطور أزمة الملك بشكل أوسع. أما إذا بقى الملك سلمان على قيد الحياة إلا انه لا يستطيع العمل فستكون هناك حاجة ماسة لدراسة بديل له في حال تزايدة الشكوك على مدى اهلية وملاءمة MBS .
ووصل التقرير في نهايته الى القول بإنه وبدون MbS كان من الممكن ان تتغير سياسات السعودية المتعلقة بحرب اليمن وحصار قطر، حيث أنه كان من الملاحظ أن الأمير متعب بن عبدالله كان مترددا في المشاركة في حرب اليمن منذ الشهور الأولى لبدايتها ، كما ان الأمير محمد بن نايف تربطه علاقة جيدة مع قطر، وعليه فإنه كان من الممكن ان تكون المملكة اكثر استعداداً وواقعية في تعاملها مع الأزمة اليمنية بما في ذلك جماعة الحوثي، وكان من الممكن ان تعيد فتح حدودها مع دولة قطر، وأياً من هذين الإجراءين أو كليهما من شأنه أن يضر بالعلاقات السعودية مع الإمارات، حيث أن أمور MBS مرتبطة بمحمد بن زايد آل نهيان ولي عهد في أبو ظبي.
وعلاوة على ذلك، بينما اتخذ البيت الأبيض منهجا متسامحا للغاية تجاه MBS فيما يتعلق بجريمة إغتيال الصحفي جمال خاشقجي، فقد قرر الكونغرس الأمريكي أن ولي العهد السعودي المسؤول الأول عن الجريمة ويجب أن يتحمل عواقبها، وحتى هذه اللحظة تبدو المؤشرات العامة أن محمد بن سلمان يعتبر إدانة الكونغرس له تشكل خطرا عليه، وهذا ما يفسر ميوله الواضحة في سياساته الخارجية نحو روسيا والصين وهما الدولتين اللتين يتعاملان بعناية فائقة مع حلفائهم ولا تصدران قرارات أوتعليقات سلبية ضدهم. وخلص التقرير الى أنه ينبغي على الولايات المتحدة الأمريكية العمل عن كثب من MbS من أجل الحد من الأضرار الناجمة عن تهوراته وتجاوزاته المتكررة، كما أوصى معهد واشنطن البيت الأبيض بالحفاظ على روابط قوية مع الأسرة المالكة السعودية، مضيفا أنه فيما يبدو أن تنازله أمر لا مفر منه ، لكن الظروف قد تتغير. قد تكون سياسة التجسير هذه – التي تسمح على الأقل باحتمال وجود مستقبل للمملكة بخلاف MbS – مضرة بـ MbS ولكنها ستكون في غاية الأهمية في الولايات المتحدة.
ارسال التعليق