ابن سلمان من “أبو منشار” إلى بن شولوم
معروف أن العار هو “وصمة تلتصق بمن يقترف جناية يصعب أن تمحى”، وهذا ما يحدث بالضبط حالياً في السعودية على يد حاكمها الفعلي محمد بن سلمان، الذي رعى في أول أيام المجزرة ضد الفلسطينيين بغزة مهرجان للألعاب الإلكترونية بحضور رونالدو.
وبحسب محللين فإنه لأول مرة بات يُرى بكل وضوح أن سلوك السلطة السعودية تجاه الأحداث الحالية في فلسطين، هو عار لن يزول ولن يتم محوه من صفحات التاريخ.
طيلة الأيام الماضية ناشده المواطنين والعقلاء بأن يتخذ موقف سياسياً يتناسب مع سمعه ومكانة السعودية، لكن ابن سلمان الذي بات يلقب بـ”بن شولوم” يعيش في واد آخر لا حياة لمن تنادي.
وبحسب المراقبين فإن مواقف محمد بن سلمان، تعدت مرحلة التخاذل والصمت إلى التواطؤ وربما التحالف مع إسرائيل من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية وتمرير التطبيع لاحقا بشكل أسرع.
ابن سلمان الذي التصق به لقب “أبو منشار” بعد إثبات وقوفه وراء جريمة اغتيال الكاتب والصحفي السعودي جمال خاشقجي وتقطيع جثته عام 2018، بات الآن ينادى بلقب جديد حوله النشطاء لوسم متصدر بموقع (إكس) وهو لقب “بن شولوم” للتعبير عن صهيونيته.
واليوم ينتشر مصطلح “بن شولوم” وهو كناية عن صهيونية عن محمد بن سلمان، الذي يلحق العار بمكانة السعودية وتأثيرها الإقليمي في ظل مواقفه المتخاذلة عن نصرة الشعب الفلسطيني.
وعادة ما تبرز مواقف وأحداث تتحدد من خلالها هوية وبوصلة الدولة الاستراتيجية في محيطها الداخلي ومحيطها الإقليمي والدول.
ومن أهم هذه المعايير موقف الدولة من الأحداث التي تطرأ في محيطها، كالحروب، والصراعات، والثورات، والكوارث الطبيعية والبيئية.
وترسم معظم الدول استراتيجيتها التفاعلية بناء على تصورها لنفسها، من هي، ماذا تريد، كيف يمكن أن تستثمر في هذه الأحداث.؟!
في عام 2005، دمر إعصار كاترينا مدينة نيو أورليانز، وبلغ عدد الضحايا أكثر من 1833 قتيل، فضلاً عن الإصابات والأضرار المدنية.
وقد هبّت الحملات الدولية الاغاثية لإنقاذ مدينة الرجل الأبيض، حتى دولة بنغلاديش الفقيرة شاركت في الإغاثة. كانت السعودية كحكومة من الدول المشاركة بالمال في تخفيف وطأة الكارثة على سكان المدينة.
حتى عملاق النفط السعودي “أرامكو” تبرعت بأكثر من نصف مليون دولار لبناء 150 منزلاً. هذا غير الدعم الحكومي الرسمي.
وهذا الفعل ليس خطأً وخصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر، كانت فرصة للحكومة السعودية للتأثير في الصورة النمطية لها داخل أمريكا.
اليوم تتواصل للأسبوع الخامس الإبادة العرقية على غزة، والتي ما زالت مستمرة فيما تكتفي الحكومة السعودية عبر وزارة الخارجية بمحاولة إعلان الإدانة المجردة والخطاب الناعم مع المحتل، وتقف معظم الحكومات العربية ذات الموقف في محاولة الضغط “برجاء من المحتل” لإيقاف المجزرة.
هذا مهم، لكن الأكثر كارثية هو الموقف المحلي. ماذا تفعل الحكومة السعودية بقيادة محمد بن سلمان في التفاعل مع القضية.
الحقيقة لا شيء، فهو مستمر في إقامة المهرجات والاحتفالات والملتقيات وكأن المنطقة في حالة استقرار.
وقال الكاتب ناصر العربي، في مقال له بموقع “صوت الناس” السعودي والتابع لـ”حزب التجمع” السعودي المعارض: “نعرف أن محمد بن سلمان حليف للصهاينة أكثر من الفلسطينيين، نعرف أن محمد بن سلمان يقف مع المحتل منذ قدومه للسلطة، وأنه مع تصفية القضية الفلسطينية لصالح المحتل.”
وتابع في شرح لمدى العار الذي ألحقه ولي العهد بالسعودية ومكانتها: “نعرف أن جاريد كوشنر هو مهندس صفعة القرن وفرض التطبيع العربي يعمل بالتنسيق جنباً إلى جنب مع محمد بن سلمان.”
واستطرد الكاتب: “اليوم مع كل الدماء والأشلاء التي تتناثر بين حطام غزة وحطام أرواحنا التي لا تقوى على تحريك الشارع، تظهر الحكومة السعودية في حالة سرور وسعادة في إكمال برامج تافهة مثل حلبة المصارعة الكبرى.”
وذلك دون وجود أي بعد استراتيجي سوف يجعل من صورة السعودية مكسوة بالعار ولا رجعة عنها. اليوم ينتشر مصطلح “بن شولوم” وهو كناية عن صهيونية عن محمد بن سلمان، يقول “ناصر العربي”.
وتساءل: “فيما يعيش المواطن السعودي حالة من الذهول، هل هذا هو الوطن الذي يعتبر قبلة المسلمين؟! هل هذا هو البلد الذي يصدر نفسه كحامي عرين المسلمين وأنه قائد قنطرة المبادرة والريادة في العالم العربي؟!”
وشدد الكاتب في مقاله على أن “المواطن السعودي، لم يعد يشك في صهيونية محمد بن سلمان، لقد اتضح الموقف اليوم أكثر من أي وقت مضى.”
وأكمل: “لقد قالها رفيق محمد بن سلمان، تركي ال الشيخ لا يهمنا أحد. في تصريحه عن مطالبة الناس لإيقاف المهرجانات التافهة التي تحدث.”
واختتم ناصر العربي مقاله متحسرا على الوضع الذي آلت إليه المملكة في عهد ابن سلمان: “أجزم أن هذا الحدث هو محطم لأركان الدولة في صورتها عند الشعب، صورتها بين الفاعلين في المنطقة.”
وأوضح: “أي أن التحرك ليس بالضرورة أن يتماشى مع النداءات الشعبية، لكن يجب أن يكون للدولة موضع قدم في المفاوضات.”
مضيفا: “لكن لا شيء. بن شولوم في عالم آخر، ولن يستطيع أن يغسل نفسه من هذا العار.”
جدير بالذكر أنه في الوقت الذي يتعرض له الفلسطينيون في غزة للذبح على يد آلة الحرب الإسرائيلية، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، قبل أيام على أن السعودية أكدت لإدارة الرئيس جو بايدن أنها لا تزال مهتمة بالسعي لاتفاق تطبيع مع إسرائيل بعد انتهاء الحرب في غزة.
وقال موقع “أكسيوس” الأمريكي في هذا السياق إن هذا التأكيد جاء خلال زيارة وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان لواشنطن، لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين في إدارة بايدن بالتزامن مع الحرب التي تشنها إسرائيل ضد غزة.
وقال جون كيربي: “دون الخوض في التفاصيل، خرجنا من تلك المناقشات واثقين من أن لدينا طريقًا للعودة نحو التطبيع.. وأن هناك اهتمامًا من الجانب السعودي بمواصلة ذلك”.
وشدد كيربي على أن الحرب في غزة تجعل من الصعب إحراز تقدم في الوقت الحالي، لكنه قال “ما زلنا ملتزمين بها ومن الواضح لنا أن السعوديين ما زالوا ملتزمين بها”.
ارسال التعليق