ابن سلمان هز عرش المملكة واغرقها في أزمات قاتلة
سيقف المؤرخون كثيراً عند عهد سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الذي قام يصول كالثور الهائج، حتى باتت مصدراً لزعزعة استقرار المنطقة. وفي وقت تحتفل فيه المملكة بالذكرى الرابعة لبيعة سلمان بن عبد العزيز وجلوسه على عرش الحكم، بعد وفاة أخيه عبد الله، يعيش السعوديون حالة غير مسبوقة من التوتر وعدم الاستقرار الأمني والاقتصادي بسبب سياساته. وحين تولى العاهل السعودي الحكم عام 2015، أصدر سلسلة قرارات مهدت طريق الحكم أمام الجيل الثاني (أحفاد الملك عبد العزيز)، كان أبرزها تعيين وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف (56 عاماً) ولياً لولي العهد بالمملكة مع احتفاظه بمنصبه. وهذا القرار منح ابن نايف الفرصة ليكون أول من يتولى هذا المنصب من أحفاد الملك عبد العزيز آل سعود، ثم أصبح ولياً للعهد بعد أشهر قليلة، قبل أن يعزله عمه سلمان ويعين ابنه بدلاً منه في يوليو 2017. وأبرز المآخذ على سلمان أنه عهد بإدارة المملكة لنجله محمد، الذي نزع هيبة البلاد بسبب أسلوبه الذي اتسم بالتهور، كما يصفه كثير من الساسة، حتى أخرج المستور وباتت السعودية تتصدر “أخبار الفضائح” حول العالم.
جريمة خاشقجي هزت عرشه
وكان لجريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، بالغ الأثر على حكم سلمان وآله، ووصمة عار ستلاحق ابنه، الذي أكدت تقارير استخباراتية تورطه بالجريمة. فاغتيال خاشقجي - وفق مراقبين - شكل صفعة مدوية للأعراف الدبلوماسية بتحويل القنصليات إلى ساحات للقتل، كما أن بشاعة الجريمة شكلت استهتاراً حتى بالشريعة الإسلامية التي تقول السعودية إنها مصدر التشريع فيها، فضلاً عن الفضيحة الدولية والسمعة السيئة التي لحقت بالمملكة. وعلى إثر هذه الفضيحة خرجت أصوات سعودية على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الشهرين الماضيين تطالب بعزل سلمان ونجله، ومبايعة الأمير أحمد بن عبد العزيز. وفي نوفمبر الماضي، ظهر تكتلاً سعودياً جديداً معارضاً أطلق على نفسه اسم “تكتل متحالفون من أجل الحكم الرشيد”، طالب بتولي الأمير أحمد بن عبد العزيز الحكم في السعودية لفترة انتقالية، معتبراً أن سلمان بن عبدالعزيز + ابنه غير مؤهلين للحكم.
حرب اليمن
وكانت حرب اليمن واحدة من الكوارث التي أشعلها سلمان وابنه عندما أعلن حربه عليها ضمن تحالف ضم دول تتسول على مائدة المملكة مثل مصر والسودان والاردن والبحرين، بدعوى مواجهة جماعة “الحوثي” الشيعية، لم تنتهِ حتى اليوم بغالب ولا مغلوب، بل جرّت على المملكة انتقادات دولية واتهامات بارتكاب جرائم حرب. وبسبب عمليات الرياض وأبوظبي العسكرية، أصبح اليمن يعاني وضعاً اقتصادياً واجتماعياً وصحياً سيئاً، فضلاً عن تسجيل مجاعة غير مسبوقة في تاريخ البلاد. كذلك، تحوّلت السعودية وأجواؤها إلى ساحة للصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون من شمالي اليمن، على مناطق استراتيجية وحساسة داخل المملكة. ومع هذه الحرب انتهت حالة الاستقرار التي كانت تنعم بها السعودية، حيث سقط عدد من القتلى والجرحى في المدن المحاذية لليمن نتيجة الصواريخ الحوثية التي لا تتوقف. وتكبِّد الحرب الخزينة السعودية 8 مليارات دولار شهرياً، حسب معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط.
اعتقالات وقمع
واتسم سلمان بالقمع والترهيب، حيث خلط الإصلاحات التي نفذها؛ بالسماح للمرأة بالقيادة ودخول الملاعب وإنشاء السينما، باعتقال الناشطين الذين كانوا يطالبون بها فيما مضى. ويعتبر حجم الاعتقالات الكبيرة في صفوف الدعاة والنشطاء هو الأكبر في تاريخ المملكة، وطالت قامات اجتماعية كبيرة؛ أمثال سلمان العودة وعوض القرني ولجين الهذلول وآخرين. كما بدأ سلمان وابنه هجوماً غير مسبوق على الدعاة ونشطاء حقوق الإنسان في المملكة، وألقى نحو 3 آلاف منهم بالسجون، منذ شهر سبتمبر 2017، من تخصّصات شرعية وقانونية وقضاة وإعلاميين وغيرهم.
وأكدت أن “السلطات اعتقلت عدداً غير معلوم من النساء، بعضهن يُحتجزن مع أطفالهن في سجون لا تحترم أبسط مقومات حقوق الإنسان”.
وشددت المصادر، التي طلبت عدم ذكر أسمائها، على أن “المعلومات التي تصل إليهم بخصوص أحوال المعتقلين داخل السجون لا تزيد على عُشر عدد المعتقلين الحقيقي”. وسبق أن وثق حساب “معتقلي الرأي”، المعنيّ بنشر أخبار المعتقلين السعوديين على “تويتر”، اعتقال السلطات 2613، مع تعرّض عدد منهم للتعذيب. وكشف الحساب أن هؤلاء تعرضوا للتعذيب الجسدي “بالصعق، والضرب، والتهديد بالاغتصاب، والتعليق ساعات من الأذرع، والسحل داخل ساحات السجون”.
حصار قطر
فرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصاراً دبلوماسياً واقتصادياً على قطر في يونيو 2017، وعلى مدار فترة الحصار الذي لم يحترم الإنسان وطال الحيوان أيضاً، اتخذت العديد من الإجراءات ضد قطر وشعبها، والتي بدأت بطرد المعتمرين القطريين من فنادقهم فور إعلان الحصار، وإغلاق المنفذ البري الرابط بين الدولتين (سلوى)، وقطع المواد الغذائية والأدوية. كما حُرم الطلبة القطريون من إكمال دراستهم، ورفضت جامعاتهم في دول الحصار التعاون معهم، بالإضافة إلى حرمان مستثمرين قطريين من أملاكهم. واستخدِم الوازع الديني، متمثلاً بخطباء وعلماء دين، للتحريض ضد قطر، إضافة إلى تسييس الحج والعمرة، وتسخير خطب الجمعة بشكل مكثف لتشويه قطر ورسم صورة قاتمة عنها.
ارسال التعليق