اعتقال نهى البلوي.. السعودية تفرض قبول التطبيع وتقمع الرافضين
يبدو أن الهرولة السعودية باتجاه التطبيع مع إسرائيل بلغت حدودا غير مسبوقة، حتى باتت السلطات الصهيونية تعلق آمالا على إجراءات تتخذها المملكة تدعم مسار التطبيع وتعجّل به، فقد أعرب وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، عن أمله في أن تسمح السعودية لشرطة طيران الهند بالسفر من وإلى تل أبيب عبر المجال الجوي السعودي، وقال الوزير لإذاعة إسرائيلية، اليوم، إن “ثمة تقدما على الأرجح في مسألة الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل والهند عبر السعودية”.
ومن الواضح أن السلطات السعودية التي فتحت نوافذها الإعلامية والعسكرية والسياسية والاقتصادية وحتى الدينية للتقارب مع الكيان الغاصب، وفي الوقت الذي تفتح فيه المجال أمام الأصوات الداعمة للتطبيع، والإعلاميين السعوديين الذين أبدوا آراء تحط من شأن القضية الفلسطينية وتروج للتطبيع مع إسرائيل، كالكاتب تركي الحمد، الذي قال إن القضية لم تعد تهمه إذ أصبحت “قضية من لا قضية له”، بالإضافة للكاتب السعودي عبد الحميد الحكيم، مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات بجدة، الذي رأى أن القدس رمز ديني لليهود، وأنها بالنسبة لهم في قداسة مكة والمدينة عند المسلمين، فإن السلطات السعودية، في الوقت نفسه، تكتم الأصوات التي تناهض التطبيع، فقبل أسبوعين تم اعتقال الناشطة نهى البلوي، إذ استدعيت يوم 23 من يناير الماضي، لكنها كغيرها ذهبت للتحقيق ولم تعد، وبذلك تنضم البلوي إلى الداعيتين نورة السعد، ورقية المحارب، والناشطة عائشة المرزوق، المحتجزات لدى السلطات السعودية ولم توجه لهن تهم حتى الآن. وجاء اعتقال البلوي على خلفية اتهامها ببث شريط مصور تنتقد فيه التوجه الذي يقوده ولي العهد محمد بن سلمان، نحو التطبيع مع إسرائيل.
منظمة القسط لحقوق الإنسان قالت إن السلطات السعودية اعتقلت الناشطة الحقوقية السعودية نهى البلوي، للتحقيق معها بشأن مشاركاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع مصور انتقدت فيه التطبيع مع إسرائيل. وطالبت المنظمة في بيان لها بالإفراج الفوري عنها.
ووفقًا لمعلومات أوردها حساب “معتقلي الرأي” في تدوينة له عبر موقع التدوين المصغر تويتر قال: تأكد لنا اعتقال الناشطة السعودية نهى البلوي بتاريخ 26/01/2018″.
المفارقة أن السعودية تصادر على الأصوات المناهضة للتطبيع، في الوقت الذي تدّعي فيه عبر حضورها في اجتماعات جامعة الدول العربية ومؤتمر التعاون الإسلامي اعتراضها على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، باعتبار القدس المحتلة عاصمة أبدية لإسرائيل، الأمر الذي يثبت صحة المعلومات التي تقول بأن السعودية متورطة في تمرير صفقة القرن في المنطقة، خاصة أن الرياض كانت قد عرضت على الطرف الفلسطيني اتخاذ “أبو ديس” عاصمة لفلسطين المحتلة بديلا عن القدس.
محاولات التأثير على المزاج الشعبي السعودي للقبول بالتطبيع مع إسرائيل، استخدمت خلالها منابر دينية أيضًا، وفي خطوة جديدة تعكس نوايا النظام الحقيقية وخطواته الجدية المتسارعة للتطبيع مع إسرائيل، خرجت رابطة العالم الإسلامي ومقرها السعودية، برسالة رسمية تدين فيها لأول مرة محرقة الهولوكوست المعروفة كنوع من أنواع المغازلة السياسية لإسرائيل تماشيا مع سياسات ولي العهد الجديدة.
وكشف معهد واشنطن عن رسالة وجهها الأمين العام للرابطة محمد بن عبد الكريم العيسى، إلى مديرة المتحف التذكاري للهولوكوست في الولايات المتحدة سارا بلومفيلد، بمناسبة مشاركة الرابطة في مؤتمر التصدي للعنف المرتكَب باسم الدين، والذي تنظمه الخارجية البريطانية في العاصمة الإيطالية روما.
واعتبر العيسى في رسالته، أن هذا الموقف لا يمثل الرابطة فقط؛ بل يمثل الموقف الشرعي للإسلام، وهي التصريحات التي رحبت بها إسرائيل، وثمّنت استنكار الأمين العام للرابطة كل محاولات إنكار جريمة الهولوكوست أو التقليل من شأنها، وقال حسن كعبية، الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية للإعلام العربي، إن إسرائيل “تعرب عن تقديرها العميق لمثل هذه التصريحات من جانب فضيلة الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى”، وتابع كعبية “حبّذا لو سار محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، في نفس الطريق التي سار عليها فضيلة الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى، وأدان المحرقة وهاجم منكريها”.
يرى مراقبون أن هرولة ابن سلمان نحو إسرائيل تأتي في إطار تثبيت أركان حكمه، فإذا كانت واشنطن هي من تدعم مطامعه في الحكم، فإن تقاربه مع تل أبيب يزيد من الرضا الأمريكي عليه.
بقلم : خالد عبدالمنعم
ارسال التعليق