الاعدامات في السعودية.. صمت غربي وقلق شعبي
* جمال حسن
أقسم "الملك" سلمان فور بلوغه السلطة أن يخلد ذكره واسمه في تاريخ مملكة الرمال ضمن أكثر "ملوك" بني سعود إراقة للدماء البريئة، ويحيي أسم جده "محمد بن سعود" الذي أراق دماء مئات آلاف ابناء نجد والحجاز من أقصاها الى أقصاها بمساعدة خدعة "محمد عبد الوهاب" والاستعمار البريطاني العجوز ليبني دولة "آل سعود" الأولى على ركام وعظام ورؤوس وحطام أبناء الحجاز .
شهر السيف على رقاب أخوانه وأشقائه من السديريين ومن غيرهم ضمن سلسلة قرارات انقلابية بيضاء داخل الأسرة الحاكمة بين عشية وضحاها، وجاء بفتياه الأرعن والحاقد ليسندا له سلطته، فهرب من هرب من الأمراء الى خارج المملكة وفرضت الاقامة الجبرية على الباقين منهم ولم تعد صرخات الاستغاثة والاستنجاد التي أطلقها البعض العاقل منهم تنفع أو تفيد خاصة وأن الموت مصير كل من ينبس بكلمة معارضة لقرارات الملك المصاب بالزهايمر وجنون العظمة .
أما الشعب المغلوب على أمره فوجد نفسه بين فكي كماشة خراف سلمان وصراع المحمدين يدفع كل واحد منهم حشوداً من المواطنين نحو أفران الموت في مستنقع اليمن أو ضمن المجموعات الارهابية المسلحة العابثة بالأخضر واليابس في العراق وسوريا، أو نحو الموت بحد السيف والاعدام بالرصاص في سجون آل سعود بتهم واهية وسط صمت غربي مطبق، اولئك الذين يتشدقون بين الحين والآخر بحقوق الانسان والحرية والديمقراطية ضد كل نظام يخالف سطوتهم واستعمارهم لشعوب المنطقة والعالم .
منظمة العفو الدولية أعربت في آخر تقرير لها قبل ايام عن قلقها الشديد لتصاعد وتيرة الاعدامات في بلاد الحجاز والتي لم يشهد لها مثيل طيلة 25 عاماَ مضت، لتشهد ارتفاعاً بنسبة 300% قياساً خلال الأشهر الثلاثة الماضية من العام الجاري فقط بلغت الاعدامات فيها حوالي 90 حالة بعد أن كانت 185 اعداماً خلال العام 2015، معتبرة أن جميع المؤشرات تدل على "نية الرياض مواصلة مسلسل الإعدامات الدموية"، ومضيفة أن "السعودية تأتي في مقدمة أكثر دول العالم تنفيذا لأحكام الإعدام."
"سليل شيتي" السكرتير العام للمنظمة الدولية قال في بيان له إن "ارتفاع عدد الإعدامات الذي لحظناه في السعودية منذ مطلع العام 2016 مقلق للغاية، وهي الأعلى منذ 25 عاما".. اما "جيمس لينش" المدير المساعد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى "أمنستي" فقال لوكالة فرانس برس " لقد أقدمت الرياض على اعدام معظم مواطنيها بقطع الرأس.. كما ولجأت الى عرض جثثهم علنا لترهيب الآخرين" .
التقرير هذا وكذلك تقرير منظمة "فريدم هاوس" الدولية المعنية بحرية الرأي والذي أكد فيه أن تأتي المملكة العربية السعودية بـ73 درجة في قمع الحريات الفردية والدينية؛ وكذلك دعوة مركز "أمان" لمراقبة حقوق الانسان، السلطات السعودية بالافراج الفوري عن عالم الدين الشيخ حسين الراضي، محذراً من ان الشيخ الراضي 66 عاماً سجين رأي يواجه مصيراً مجهولاً في المعتقلات السعودية، معبراً عن خشيته من تعرضه للتعذيب، خاصة بعد معارضته واستنكاره لآل سعود في خطبته الشهيرة يوم الجمعة 15 يناير 2016 إعدام الشيخ "نمر باقر النمر" وطالب بتسليم جثمانه الى ذويه؛ كلها تزامنت مع ذكرى مرور (100) يوم لأكبر عملية أعدامات شهدتها أرض الحرمين الشريفين في يوم واحد خلال العقود الأخيرة والتي كان من أبرز من تم إعدامهم "بحد السيف" العالم الديني والداعية الاصلاحي الشيخ نمر باقر النمر بسبب آرائه المعارضة لسياسة الكبت والقمع والتنكيل والتمييز الطائفي التي تنتهجها السلطة السعودية ضد مواطنيها .
تقارير منظمات حقوق الانسان أكدت المسألة الرئيسية هي جريمة قتل غاشمة بحقّ رجل دين لم يقترف ذنباً سوى الدعوة إلى تعزيز وإيصال صوت الأقلية الشيعية المحرومة من حقوقها في المملكة. كما أنّ دفاعه المبدئي (الذي تخطّى الانقسام الشيعي- السني) عن أيّ ضحية أو مجموعة مقموعة، بما في ذلك ضحايا سوريا، كان إثباتاً إضافياً للبعض بأنه سجين وشهيد الضمير، لا إرهابي.
المنظمة الدولية المعنية بحقوق الانسان "هيومن رايتس ووتش" أكدت في تقاريرها منذ عام 2014 الى أنّ "الشيخ نمر النمر أُدين بمجموعة من الاتهامات الغامضة تستند إلى حدّ كبير إلى انتقاده السلمي لمسؤولين سعوديين" فيما اعربت عن قلقها الشديد من ارتفاع وتيرة الاعدامات التي تقوم بها سلطة الرياض وكانت قد اعتبرت عملية الإعدام الجماعي في كانون الثاني الماضي بانها "بداية مشينة لعام 2016".
منظمة العفو الدولية وصفت من جانبها محاكمة الشيخ نمر باقر النمر بالـ"محاكمة السياسية وغير العادلة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة"، فيما كشف موقع "ميدل إيست آي" في 8 كانون الثاني/يناير 2016 أنّ الأشخاص المعدومين شملوا "سجناء كانوا قد اعتُقلوا عندما كانوا أطفالاً وغيرهم من المصابين بأمراض عقلية".
التقارير الواردة من أروقة قصور بني سعود تشير الى أن "هناك قرابة 55 شخصا يواجهون عقوبة الإعدام بتهم متنوعة، الكثير منهم لم توجه لهم تهم تصنف على إنها جسيمة، كما أن بينهم من أعتقلوا وهم أطفال، فيما رصدت المنظمات الدولية من بينهم من تعرض لتعذيب شديد وأجبر على إعترافات لم يرتكبها، وكذلك بينهم نشطاء ومدافعون عن حقوق الإنسان .
"هينز" أستاذ حقوق الإنسان في جامعة بريتوريا يقول: أن "السعودية أضحت تحتل المرتبة الأولى عالميا بين البلدان التي طبقت أكبر عدد من أحكام الاعدام.. أن العديد من المحاكمات تجري بصورة غير علنية وفي غياب محامين.. وأن الظروف لا تتوافر لمحاكمات منصفة وفق أعراف القانون الدولي".
مساع آل سعود لإبقاء الواعين والمفكرين والناشطين والدعاة الاصلاحيين بعيدين جدّ البعد عن مطالبات الشعب المحقّة بالكرامة والحياة والعدالة الاجتماعية والحرية والإطاحة بالأنظمة السياسية المستبدّة التي تحكم، غير آبهة بحياة وكرامة الناس وبالحريات الفردية؛ ستذهب إدراج الرياح وسينهض ضمير الشعب ويفيق من سباته ويقلب الطاولة على رؤوس الجناة وينتقم منهم عما قريب .
ارسال التعليق