قالوا وقلنا
التطبيع مع "اسرائيل".. والدور السعودي في "صفقة القرن"
ليس بالامر العابر ان يزداد الحديث عن تطبيع العلاقات السعودية والاسرائيلية في هذا التوقيت بالذات حيث تتعرض القضية الفلسطينية والقدس المحتلة لمؤامرات مكشوفة بتآمر عربي وخليجي واضح، وليس بالصدفة ان يكثر الترويج المباشر وغير المباشر لهذا التطبيع من قبل جوقة من السياسيين والاعلاميين السعوديين المحسوبين والمقربين من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
في ظل هذه التطورات يتزايد الحديث عن "صفقة القرن" التي أعدتها الادارة الاميركية للتخلص من فلسطين والقدس وإعادة رسم المشهد في الشرق الأوسط انطلاقا من المتغيرات التي ستحدثها في الأراضي المحتلة واستكمال ما بدأه الغرب وبريطانيا قبل ما يقارب الـ100 عام عندما شرعوا باقامة كيان للصهاينة في ارض فلسطين استنادا الى "وعد بلفور" المشؤوم، وبالمحصلة تجمع الآراء ان "صفقة القرن" هذه هي مخطط للصلح بين "اسرائيل" والدول العربية اساسها إنهاء القضية الفلسطينية وتصفية حقوق الشعب الفلسطيني، وستدعى الدول العربية للموافقة على هذه الصفقة ومن لا يوافق طواعية سيفرض عليه القبول.
ابن سلمان قائد الترويج السعودي للتطبيع
من هنا يمكن فهم جانب من طريقة تصرف السعودية وأدواتها في السياسة والاعلام ومختلف المجالات عبر التسويق والترويج للتطبيع وتجاوز الخطوط الحمر فيما يتعلق بالحقوق الفلسطينية والقدس وحقوق اليهود والاسرائيليين، فيبدو ان السعودية قد أبلغت بدورها المفترض في هذه الصفقة وعليها تنفيذ ما طلب منها، ولعل زيارة محمد ابن سلمان الى الولايات المتحدة الاميركية قد حملت كلمة السر في هذا الامر لانه افتتح من هناك موجة غير مسبوقة في التصويب على الفلسطينيين ورفض مطالباتهم بتحصيل حقوقهم، وبالمقابل إبداء الترحيب والدعم للكيان الاسرائيلي في الدفاع عن نفسه والحق بالاعتداء على سوريا واي جهة قد تشكل خطرا عليها.
وابن سلمان الذي اكد خلال زيارته لواشنطن انه من حق الاسرائيليين اقامة كيانهم في فلسطين وانه يجب على الفلسطينيين قبول ما يعرض عليهم من صفقات والتوقف عن التذمر، يبدو انه اعطى الضوء الاخضر ورسم الخطوط العامة لكل الادوات السعودية والشخصيات والجهات المختلفة للحديث في هذا الموضوع سواء بمدح اسرائيل وقياداتها او في مهاجمة الفصائل الفلسطينية ومحور المقاومة وكل ما يخدم الهدف الاساسي أي "صفقة القرن" التي قد تكون بوابة العبور لابن سلمان للوصول الى حلمه بالجلوس على كرسي الملك في السعودية.
التورط السعودي.. وضعف ابن سلمان
لذلك يمكن لمن يتابع مختلف وسائل الاعلام السعودية وحسابات الجهات القريبة من دوائر صنع القرار في مملكة آل سعود ومن ابن سلمان بشكل خاص، الملاحظة ان الهدف هو تأكيد الموقف السعودي الداعم للصفقة الاميركية والاسرائيلية وان الرياض شريكة في هذه المؤامرة لسببين اساسيين:
-اولهما ان السعودية على علاقة وطيدة ومتينة بامريكا واسرائيل، فالمصالح الواحدة تجمع هذه الاطراف الثلاثة وبالتالي يواجهون نفس الاعداء والخصوم.
-ثانيهما ان ابن سلمان مضطر لدفع ضريبة لترامب واللوبي الصهيوني على دعمه بالوصول لكرسي الملك في السعودية، وهذا الثمن احد ابرز بنوده هو الموافقة والشراكة بصفقة القرن وليس فقط الاكتفاء بالصمت تجاه ما يجري كما كان يفعل اسلافه من ملوك وامراء العائلة السعودية الحاكمة.
والسبب الثاني بالاضافة الى انه يؤكد تواطؤ وتآمر ابن سلمان الا انه ايضا يدلل على ضعف هذه الشخصية لقيادة دولة كمملكة آل سعود، فالرجل على الرغم من انه دفع ضريبة الحماية واكثر، كمبالغ وصفقات واستثمارات تصل قيمتها الى ما يقارب الـ500 مليار دولار اميركي، فهو مجبر على تقديم الطاعة السياسية والدخول في مخططات تآمرية وتخريبية للمنطقة ودولها وقضاياها، علما ان من يدفع مثل هذه الاموال يجب هو ان يفرض شروطه لا العكس، لكن ابن سلمان لا يقدر على فرض اي شيء في ظل وجود الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي يعتمد اساليب تجارية في ادارته السياسية ويعمل على تحقيق اعلى نسبة من الارباح.
وللملاحظة ان ابن سلمان لم يخرج ولو بموقف واحد يزيل ايا من الاتهامات التي توجه اليه برعاية تطبيع العلاقات السعودية الاسرائيلية، كما انه لم يبادر الى اصدار موقف ولو شكلي حول كل ما يجري من جرائم اسرائيلية في فلسطين المحتلة ومن نقل للسفارة الاميركية في الكيان من تل ابيب الى القدس المحتلة، ما يؤكد المؤكد في تورطه في صفقة القرن.
ارسال التعليق