الحرم الآمن يدمى.. والسلطة تعزوها للأمطار والرياح !!احصائية لقتلى الحجاج خلال اربعون سنة
الحرم الآمن يدمى.. والسلطة تعزوها للأمطار والرياح !!
* جمال حسن
غروب يوم الجمعة في الحرم المكي الأمن كان هذا العام غروباً ملوناً بلون دم الحجاج الأبرياء الذين سقطوا في فاجعة آلمت ضمير المسلمين وأعتصرت قلوبهم وجعاً لتلك المأساة التي سقط ضحيتها 107 قتلى و238 جريحاً غالبيتهم من باكستان والهند وبينهم حجاج من مصر وتونس وتركيا والجزائر وليبيا وعمان وبنغلادش وأندونيسيا وماليزيا وايران والعراق، حسب وسائل اعلام المملكة حتى إعداد هذا المقال .
المهندسون والقائمون على أمر توسعة الحرم المكي أكدوا أنه كان بإمكان السلطات السعودية تفادي الأمر لو مضوا على المخطط الذي كان مرسوماً في وقته المحدد من قبل، وكانت قد تم نقل العديد من الرافعات من أطراف الحرم قبل بدء موسم الحج للعام الحالي ليحول دون وقوع مثل هذه المأساة، لولا سياسة حب الثروة والسلطة التي ترعرع عليها فكر وذهن أمراء السلطة المتهورين وشبابهم الأرعن وفي مقدمتهم ولي ولي العهد محمد بن سلمان .
السلطات السعودية أعلنت وكعادتها أنه "سيتم تشكيل لجنة للتحقيق في تفاصيل سقوط الرافعة بالحرم المكي"، في وقت يؤكد المراقبون بأنه لن يكون هناك أي حساب أو عقاب للمذنب الرئيسي في هذا الحادث المأساوي الإجرامي الذي تعرض له حجاج بين الله الحرام أو كما يسميهم آل سعود "ضيوف الرحمن" والذي يستوجب عليهم إكرامهم وإستضافتهم بأفضل ما يمكن من وسائل الراحة والأمن والأمان وملكهم يطلق على نفسه تسمية "خادم الحرمين الشريفين"، فيما نجله يلعب ويسرح ويمرح بأرواح الحجيج ويعرض حياتهم للخطر متعمداً بعدما أمر بايقاف عمليات الانشاءات للحرم لمدة أربعة أشهر ليتسنى له (محمد بن سلمان) نقل مقاولة عمليات التوسعة من شركة بن لادن القابضة الى شركة تخصه شخصيا ضمن مخططه في الاستيلاء على مقدرات المملكة حيث كلفة توسيع الحرم 6مليارات دولار.
المراقبون والمعنيون بشؤون الأسرة السعودية الحاكمة شددوا على أنه سيتم تلفيق التحقيق ولملمته وعدم معاقبة الامير خالد الفيصل أمير مكة المكرمة، وستعزو السلطة ولجنة التحقيق السبب للأمطار والرياح التي أختلفت في سرعتها ومقدار تاثيرها على سقوط هذه الرافعة العملاقة التي تزن عشرات الأطنان فوق ممر السعي بين صفا ومروة والحجيج مكتظين لأداء فريضة الصلاة، وكذلك تأخير وصول عناصر الاسعاف والدفاع المدني الى مكان الحادث الأليم لمدة ثلاث ساعات لاسعاف الجرحى الذين قضوا بسبب النزيف والجروح .
مأساة مروعة دامية ألمت العالم الاسلامي قبل نحو عشرة أيام على بدء موسم الحج، حيث يستعد فيه مئات آلاف المسلمين من مختلف انحاء العالم التوافد على الديار المقدسة، كانت ستكون الحصيلة أسوأ بكثير لولا الممر المسقوف المحيط بالكعبة والذي اصطدمت به الرافعة عند سقوطها، ليحمي باقي المصلين، فالمئات سقطوا بعد أن هوت الرافعة على رؤوسهم وتناثرت جثثهم المخضبة بالدماء، فيما اخذ آخرون يصرخون ويركضون من هول الموقف الذي أحدث دويا كبيرا صاحبه سحابة كبيرة من الغبار.
السلطات السعودية المعنية بررت الحادث لسبب شدة العواصف والامطار الغزيرة، فيما الدفاع المدني السعودي كان قد اشار الى تساقط أمطار "متوسطة الى غزيرة" واظهرت صور تم تناقلها على شبكات التواصل الاجتماعي الى صاعقة ربما اصابت الرافعة مما ادى الى سقوطها.
أما المتحدث الرسمي لرئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أحمد بن محمد المنصوري قال في تصريحات نقلتها وكالة الانباء السعودية، أنه نتيجة للعواصف "الشديدة والرياح القوية والأمطار الغزيرة" والحالة الجوية على العاصمة المقدسة سقط جزء من إحدى الرافعات بالمسجد الحرام على جزء من المسعى بالمسجد الحرام والطواف!!.
المراقبون يؤكدون إن مشروع توسعة الحرم المكي ماهو إلا ذريعة خاصة وأن الحرم المكي كان يتسع لحوالي أربعة ملايين حاج كما كان على شكله السابق بل أكثر من عقد من الزمن حيث أستقبل أكثر من 3 ملايين حاج عام 2012 قبل أن تشرع السلطة الحاكمة بمشروع التوسعة عام 2013 وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة عن الأسباب الحقيقية الكامنة من وراء ذلك ومنها العمل بكل جهد لطمس معالم التاريخ الاسلامي والاثار المتبقية من صدر الاسلام في أطراف الحرم وسائر نقاط مكة المكرمة وتبديلها من مهبط الوحي والحالة الدينية الى ما يشبه مدينة لاس فيغاس كما أطلق عليها البعض حيث الابنية الشاهقة المحيطة بالكعبة الشريفة والتي تتنافى وتوصيات الدين الاسلامي الحنيف، وهناك شواهد كثيرة في الأمر لنا فيها مقال آخر.
مأساة إستباحة دم الحجيج من قبل آل سعود لهذا العام تضاف إلى سلسلة من الحوادث الدامية التي وقعت أثناء الحج في العقود الأخيرة في مكة المكرمة وعدم تدبير السلطة وتهاونها في التخطيط هو السبب الأول والأخير في كل تلك المصائب. حادثة لم تكن الاولى التي يشهدها الحرم المكي ما يوحي الى تهاوي المعنوية والأخلاقية لنظام آل سعود الحاكم إن كانت لديهم، ويشعر المراقب لما يجري بأن ثمة تسافلاً سريعاً لمقام الدولة.
وفي هذا الاطار نستعرض بعض ما أوردته وسائل الاعلام الغربية والعربية ومنها صحيفة "هافينتغون بوست" الأمريكية للحوادث الدامية والأليمة التي شهدتها مكة المكرمة خلال العقود الأخيرة :-
1- 6 يناير/ كانون الثاني عام 2006، قتل 76 شخصا جراء انهيار فندق متداع في وسط مكة المكرمة .
2- 12 يناير/كانون الثانيمن العام 2006 ايضاً ، مقتل 364 حاجا جراء تدافع في موقع رمي الجمرات في منى.
3- 22 يناير/كانون الثاني عام 2005، 3 حجاج قتلوا أثناء رمي الجمرات في منى؛ الى جانب ذلك قتل 29 حاجا في أمطار غزيرة في منطقة المدينة المنورة في اليوم التالي (23 يناير) .
3- الاول من فبراير/شباط عام 2004، توفي 251 حاجا أثناء تدافع في منى في اليوم الأول من رمي الجمرات، وفق وزير الحج السعودي.
4- 11 فبراير/شباط عام 2003، قتل 14 حاجا بينهم 6 نساء في أول أيام رمي الجمرات بمنى.
5- 5 مارس/آذار عام 2001، قتل 35 حاجا وهم 23 امرأة و12 رجلا خلال تدافع حصل أثناء أداء مشعر رمي الجمرات في وادي منى بالقرب من مكة المكرمة وأصيب حجاج اخرون لم يحدد عددهم بجروح طفيفة، حسب ما أعلن التلفزيون السعودي مستندا الى بيان لجهاز الد فاع المدني.
6- 9 أبريل/نيسان عام 1998، قتل أكثر من 118 حاجا أثناء عملية تدافع في منى على بعد عشرة كيلومترات شرق مكة المكرمة في الوقت الذي كان فيه الحجاج يقومون برمي الجمرات.
7- في15 أبريل/نيسان عام 1997، تسبب حريق نجم عن سخانة تعمل بالغاز في نشوب حريق هائل اتى على مخيم الحجاج في وادي منى بالقرب من مكة ما أدى الى مقتل 343 حاجا وجرح أكثر من 1500 آخرين.
8- 7 مايو /آيارعام 1995، 3 أشخاص قتلوا وأصيب 99 آخرين بجروح في حريق بمخيم للحجاج بمنى.
9- 24 مايو/آيار عام 1994، قتل 270 حاجا دهسا بالأقدام بعد تدافع حصل أثناء رمي الجمرات، وقالت السلطات ان السبب هو الازدحام.
10- 2 يوليو/تموز عام 1990، وقع تدافع كبير داخل نفق المعيصم الذي يربط المشاعر بمكة بسبب مرور موكب سيارات لاحد افراد ال سعود. وأسفر الامر عن مقتل 1426 حاجا غالبيتهم من الآسيويين مات غالبيتهم اختناقا، فيما تم معالجة آخرين.
11- 10 يوليو/ تموز عام 1989، اعتداء مزدوج على مشارف المسجد الحرام يوقع قتيلا و16 جريحا، ولاحقا في 21 سبتمبر، ووجهت التهمة الى 16 كويتيا شيعيا بالوقوف وراء الاعتداء ونفذ حكم الإعدام فيهم في 21 سبتمبر/ أيلول في حين نفى باقي المعتقلين الكويتين أي صلة لهم وللمعدومين بالموضوع فاطلق سراحهم بعد اعدام اصدقائهم.
12- 15 يوليو/ تموز من العام ذاته 1989: قتل خمسة باكستانيين وجرح 34 آخرون اثر حريق وقع في مخيم بالقرب من مكة
13- 31 يوليو/ تموز عام 1987، قوات الأمن السعودية تقمع تظاهرة للحجاج الإيرانيين، وتقتل 402 حاجا بينهم 275 إيرانيا بحسب حصيلة رسمية سعودية. وبعد قطع العلاقات الدبلوماسية الإيرانية السعودية في 24 ابريل/ نيسان 1988 تغيب الإيرانيون عن موسم الحج حتى العام 1991 عندما قاموا بأداء فريضة الحج من دون حوادث تذكر.
14- 20 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1979، تحصن مئات من المسلحين المعارضين للنظام السعودي لمدة أسبوعين في المسجد الحرام بمكة واحتجز عشرات الحجاج رهائن، وجرى اقتحام المكان في الرابع من ديسمبر/كانون الأول بمساعدة قوات فرنسية من وحدات التدخل التابعة لقوات الأمن أرسلوا من باريس بطلب من الرياض، والحصيلة الرسمية 153 قتيلا و560 جريحا.
15- ديسمبر/كانون الأول عام 1975، أسفر حريق ضخم شب في مخيمات للحجاج قرب مكة عن مقتل 200 شخص وإصابة مئات آخرين. ووقع الحريق اثر انفجار اسطوانة غاز وانتشر بسرعة الى خيام الحجاج.
الأمر يؤكد ضرورة التمعن والتأمل في نظرية ومطالب البعض بأخذ زمام إدارة الحرمين الشريفين على عاتق هيئة علمائية دولية من جميع بلدان العالم الاسلامي وإن آل سعود غير جديرين بإدارتها وأنهم ينهبون الأموال التي تتدفق على المملكة خلال مواسم الحج والعمرة كل عام لتصرف في ملاهي ومقامر الغرب بدلاً من صرفها على أمور التوسعة والاهتمام بسلامة وأمن أرواح الحجاج القادمين نحو الديار المقدسة لأداء الفريضة .
ما يجري لحجاج بيت الله الحرام كل عام أو بين الحين والآخر يعكس نزعة وطبيعة آل سعود وأستهانتهم بحياة العباد وتقديمهم قرابين بأبخس الأثمان تمريراً لمآربهم الإجرامية القذرة وتاريخهم مليء بانهار من دم سفكوها خدمة لسلطنتهم أو إمتثالاً للأسياد الذي جاؤوا بهم ويدعمونهم في البقاء قابعين جاثمين على رقاب شعب الجزيرة المظلوم الذي يصيح ليل نهار حسبي الله على آل سعود .
ارسال التعليق