الخليج ينتظر انهيار الجنيه كليا لشراء أصول مصر بأسعار رخيصة
لن يضخّ المستثمرون المزيد من الأموال في السندات أو حصص الشركات إذا لم يتمكنوا من استبعاد انخفاض آخر في العملة المصرية
قالت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية في تقرير لها، إن مصر في خضم أزمة مألوفة، فقد هبطت العملة، وأصبح هناك نقص في المعروض من العملات الأجنبية، وارتفعت تكاليف المعيشة إلى عنان السماء، وقالت إن هذه التجربة الصعبة تحدث مرة واحدة كل عقد، وقد جعلت البلاد ثاني أكبر مقترض لصندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين.دول الخليج تترقب وضع الجنيه المصري
ولفتت “بلومبيرغ” إلى أن صانعي السياسات يقولون إن هذه المرة مختلفة، وإن مجموعة من الإصلاحات الموعودة ستعطي تحوّلاً في أسواق مصر واقتصادها وربما المجتمع ككل. لكن هذا لم يجعل من السهل التنبؤ بموعد انتهاء الأزمة الحالية.
وحددت الوكالة الأمريكية 5 مجالات يجب مراقبتها، والتي قد تظهر إلى أين تتجه الأمور بعد ذلك.
وامتثالاً لطلب صندوق النقد الدولي طويل الأمد الذي ساعد في تأمين صفقة بقيمة 3 مليارات دولار، أصبحت العملة المصرية أكثر مرونة. لكن فترات طويلة من الاستقرار أعقبت موجات من التقلبات والتقلبات الحادة.
وأوضحت الوكالة أن إنهاء حالة عدم اليقين هذه، وإظهار ممارسة استخدام الاحتياطيات الدولية والأصول الأجنبية للبنوك لحماية الجنيه قد تم تجاهلها حقاً، قد يكون مفتاحاً لكل شيء آخر تقريباً. لن يضخ المستثمرون المزيد من الأموال في السندات أو حصص الشركات إذا لم يتمكنوا من استبعاد انخفاض آخر في العملة.
وتعني هذه الفقرة في تقرير بلومبيرغ بمعنى أوضح، أن دول الخليج التي اشترت بالفعل أصولاً وحصصاً في شركات حكومية كبرى داخل مصر مقابل مليارات الدولارات مؤخراً، تنتظر انهيار الجنيه بشكل كامل لشراء أصول مصر بأسعار أرخص.
وأشارت الوكالة إلى أن بعض الانخفاضات والصعود الأكثر تواضعاً للجنيه في الأسابيع المقبلة ستكون علامة على أنها تعكس العرض والطلب بشكل أكثر دقة.
ومن شأن الاستئناف المطرد لبعض الواردات بعد الانتهاء من تراكم الكميات في موانئ مصر أن يظهر أيضاً تحسّن تدفقات النقد الأجنبي وتراجع الضغط على الجنيه. ولكن في حين أن أشد الانخفاضات قد تكون قد انتهت، فإن المحللين بما في ذلك في “ستاندرد تشارترد وإتش إس بي سي هولدنجز بي إل سي” لا يستبعدون المزيد من الضعف هذا العام.
ربما ولّت الأيام التي كان فيها المستثمرون الأجانب يحتفظون بأكثر من 30 مليار دولار من الديون المحلية المصرية، لكنّ انتعاشاً متواضعاً في الفائدة الخارجية قبل يوليو، سيشير إلى أن البلاد تسير على الطريق الصحيح لتغطية فجوة التمويل الفورية.
وتستهدف الحكومة المصرية ملياري دولار من صافي التدفقات الداخلة بحلول ذلك الوقت، وهو هدف يعتمد على الأرجح على ثقة المستثمرين في أن الجنيه لا يدار عن كثب، وأن العائدات على الأوراق المالية المحلية ليست سلبية عند تعديلها وفقاً للتضخم. ولا تزال الشهية ضعيفة، وفقاً لمقياس الطلب على الأوراق المالية لأجل 12 شهراً في مصر.
ومن شأن الاعتماد بشكل أكبر على مبيعات السندات أن يدق أجراس الإنذار، مما يشير إلى أن حكومة السيسي تتراجع عن خططها لفطم نفسها عن الأموال الساخنة والعودة إلى نهج ساعد في تحفيز الأزمة الحالية.
مساعدات الخليج:
وكانت التوقعات بأن حلفاء السيسي الخليجيين سيفتحون الصنابير بالكامل في غير محلها.
حيث إنه بعد مرور عام تقريباً على التعهد بأكثر من 10 مليارات دولار من الاستثمارات، لم يتحقق سوى جزء بسيط من هذا التمويل الذي وصفه صندوق النقد الدولي بأنه بالغ الأهمية. وأثارت تعليقات السعودية الأخيرة بشأن السعي لإجراء إصلاحات قبل أن تدعم دولاً أخرى تكهنات بشأن التأخير.
كل هذا يعني أن الصفقة التالية واسعة النطاق -التي تنطوي على الأرجح على بيع حصة مصرية مملوكة للدولة في شركة كبرى إلى الإمارات العربية المتحدة أو قطر أو السعودية- قد تكون لحظة فاصلة، تليها بسرعة المزيد من المعاملات.
وقد يشير ذلك إلى أن المستثمرين الخليجيين يرون أن الجنيه قد وصل إلى القاع، مما يسمح لهم أخيراً بالاستقرار على ما يرونه أسعاراً محلية عادلة للأصول.
خروج الجيش من الاقتصاد:
في عمق التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي، كانت هناك خطوط قد تكون أساسية لمستقبل مصر: الوعد بالحد من مشاركة الدولة الشاملة في الاقتصاد، بما في ذلك من قبل الجيش. ويتناول التقرير شكوًى طويلة الأمد من أن القطاع الخاص قد تم مزاحمته، مما يثبط الاستثمار الأجنبي الذي تشتد الحاجة إليه.
ولا أحد يتظاهر بأن الأمر سيكون سهلاً. وحذّر صندوق النقد الدولي، الذي حصل أيضاً على تعهد بأن الكيانات الحكومية ستفتح حساباتها بانتظام لوزارة المالية، من أن أي إعادة توازن “قد تواجه مقاومة من أصحاب المصالح الخاصة”.
وحددت حكومة السيسي 32 أصلاً مملوكاً للدولة تبيع حصصاً فيها، وستعتبر الحركة السريعة بشأن العروض خطوة إيجابية. ومن الأمور الرئيسية أيضاً أول عملية بيع على الإطلاق لشركة مرتبطة بالجيش، وهي شركة الوطنية، وهي موزع للوقود يدير شبكة وطنية واسعة من محطات الوقود.
التضخم:
وتابع التقرير: “التضخم المتسارع الذي لا يظهر أي علامة على التراجع يزيد عن البؤس على أكثر من 100 مليون نسمة في مصر، من الطبقات العاملة والمتوسطة على حد سواء. وارتفعت أسعار المواد الغذائية في يناير بأسرع وتيرة على الإطلاق وتقول حكومة السيسي إن التصدي للزيادة يمثل أولوية قصوى.
وبدأت الأسر في تقليص التخفيضات وتم تقديم خصومات الدولة في فترة رمضان في وقت مبكر. وأثار اقتراح هيئة الرقابة على التغذية الحكومية بأن يأكل المصريون المزيد من أقدام الدجاج الغضب”.
واختتم التقرير: “السلطات تدرك المخاطر. ساعد ارتفاع تكاليف المعيشة في إشعال انتفاضات الربيع العربي قبل أكثر من عقد بقليل”.
وأضاف: “عندما يبدأ التضخم في التباطؤ -ربما في النصف الثاني من عام 2023 على أقرب تقدير- قد يعطي ذلك بعض الراحة المتواضعة”.
ارسال التعليق