الدول العربية تكسر عزلة إسرائيل الدولية
أصبحت الاجتماعات العربية الإسرائيلية تُعقد بشكل علني أمام كاميرات وسائل الإعلام الدولية والعالمية، بل ويتحدث أبرز القادة العرب عن ضرورة إنهاء المقاطعة مع إسرائيل والتقدم نحو تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، في الوقت الذي لاتزال فيه أراضي فلسطين تستغيث من وحشية الاحتلال وهيمنته على ثرواتها وقتل وتشريد شعبها، الأمر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام حول مفهوم الوحدة والعروبة لدى العديد من الزعماء والرؤساء والملوك العرب.
السعودية: لا مبرر للنزاع العربي الإسرائيلي
في الوقت الذي يرفع فيه وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، نبرته من أعلى منصة الأمم المتحدة خلال إلقاء كلمة المملكة العربية السعودية في الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، مساء أمس السبت، ويصعّد لهجته بشأن جارته القطرية، ويؤكد أن بلاده والإمارات والبحرين ومصر اتخذوا موقفًا حازمًا ضد السياسات القطرية التي وصفها بأنها “داعمة للإرهاب”، يشدد أيضًا على ضرورة إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، بذريعة: “لا مبرر له في ظل التنسيقات العربية الإسرائيلية الأخيرة”.
وقال وزير الخارجية السعودي، إن بلاده أصبحت لا ترى مبررًا لاستمرار النزاع العربي مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، في ظل التوافق الدولي على حل الدولتين، وأضاف: النزاع العربي الإسرائيلي أكبر نزاع تشهده المنطقة في وقتنا الحاضر، إننا لا نرى مبررًا لاستمرار هذا النزاع، خصوصًا في ظل التوافق الدولي حول الحل القائم على حل الدولتين، والمستند على قرارات الشرعية الدولة ومبادرة السلام العربية، وصولًا إلى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، بحسب تعبيره، وتابع: إننا نرى أن توافق الإرادة الدولية من شأنه ترجمة مبادئ الحل إلى واقع ملموس.
البحرين تدعو إلى إنهاء المقاطعة العربية لإسرائيل
تصريحات وزير الخارجية السعودي تأتي متناسقة تمامًا مع دعوة الملك البحريني، حمد بن عيسى آل خليفه، لإنهاء مقاطعة الدول العربية لإسرائيل، حيث أعلن الملك قبل أيام وفق صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، أنه سيترك لمواطني مملكته حرية السفر إلى تل أبيب قريبًا، خلال لقائه مع الحاخام أفرهام كوبر، رئيس مركز شمعون روزنتال، أثناء حضور مناسبة شارك فيها العديد من المسؤولين من جنسيات مختلفة في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، للتوقيع على إعلان بإدانة الكراهية الدينية والعنف.
يبدو أن الدعوة البحرينية لاقت صداها في الدول العربية، خاصة الخليجية، حيث أكدت صحيفة “تايمز” البريطانية أن دولًا في الخليج العربي اتخذت الخطوات الأولى تجاه الاعتراف بإسرائيل، بدعوة أطلقها ملك البحرين لإنهاء المقاطعة العربية لهذا الكيان، وأوردت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي وزوج ابنته، جاريد كوشنر، سعيا لتشجيع دول الخليج بقيادة السعودية على الاعتراف بإسرائيل كجزء من جهود أمريكية لعزل إيران، وأشارت إلى أن البحرين ليس لديها علاقات دبلوماسية بالكيان الإسرائيلي، لكن لديها جالية يهودية صغيرة كما أن برلمانها يضم يهوديًا واحدًا.
علنًا.. السيسي يلتقي بنتنياهو
عدوى التطبيع الخليجي العلني مع الكيان الصهيوني انتقلت سريعًا إلى مصر، وظهرت في لقاء علني غير مسبوق يعتبر الأول من نوعه بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على هامش الاجتماع السنوي للأمم المتحدة في دورته الـ72، حيث أكد السيسي خلال لقائه بنتنياهو على “الأهمية التي توليها مصر لمساعي استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بهدف التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفقًا لحل الدولتين والمرجعيات الدولية ذات الصلة”، فيما أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن تقديره لدور مصر الهام في الشرق الأوسط وجهودها في مكافحة الإرهاب وإرساء دعائم الاستقرار والسلام في المنطقة.
فسر العديد من السياسيين في إسرائيل حرص الرئيس السيسي على أن يكون اللقاء مع رئيس الوزراء الصهيوني وديًا وعلنيًا بأنها محاولة لجذب انتباه الأمريكيين والتقرب من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، واسترضائه لتغيير القرار الأمريكي الأخير بتقليص المساعدات لمصر، حيث نقلت صحيفة “جيروسلم بوست” عن مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز كارنغي للسلام الدولي في واشنطن، قوله إن السيسي بات يعي حجم حالة انعدام الرضا تجاهه في أوساط الكثير من أعضاء الكونجرس، الذين باتوا ينتقدون بشكل واضح سجل نظامه في مجال حقوق الإنسان، وشدد على أن السيسي من خلال عرض الصور التي تظهره مرتاحًا في لقائه مع نتنياهو أراد أن يذكر الأمريكيين بأن مصر في عهده شريك قوي لإسرائيل، وعلى الجانب الآخر فقد سعى نتنياهو إلى إيصال رسالة أيضَا خلال لقائه بالرئيس المصري، أن العلاقات الإسرائيلية باتت قوية مع الدول العربية رغم جمود المسار التفاوضي مع الفلسطينيين، وأنه اجتمع مع رئيس أكبر دولة عربية والأكثر أهمية في الشرق الأوسط.
ولاقى لقاء السيسي بنتنياهو ردود فعل إيجابية في الإعلام العبري، حيث قال الجنرال الإسرائيلي المُتقاعد والناطق السابق بلسان جيش الاحتلال، آفي بنياهو، إن السيسي هدية شعب مصر لإسرائيل، لافتًا إلى أن تصدي السيسي للديمقراطية في مصر ضمن استقرار المنطقة، وهذه مصلحة استراتيجية للدولة العبرية، أما مُحلل الشؤون العربيّة في موقع “والا”، آفي إيسخاروف، فقد أكد أن الرئيس السيسي أثبت مجددًا أنه الزعيم العربي الأشجع في المنطقة، فقد تجرأ وفعل ما يحاول الآخرون فعله طوال الوقت من تحت رادار وسائل الإعلام والاجتماع بقادة إسرائيليين، من بينهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان.
بقلم : هدير محمود
ارسال التعليق