السعودية بحاجة المزيد من السيولة رغم أرباح أرامكو
رغم أن شركة النّفط "أرامكو" أعلنت عن تحقيق صافي أرباح، وتدفّق نقدي قياسي في الأيام الأخيرة، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من السيولة ليس فقط لخطط التوسّع في المنبع والمصب لعملاق النفط، ولكن أيضًا لصندوق الثروة السيادية السعودي صندوق الاستثمارات العامة (PIF)، الداعم المالي الرئيس لخطط التنويع الاقتصادي في "السعودية". تتوقع الأسواق أيضاً بيعاً آخر لأسهم "أرامكو" بعد أن أشار ولي العهد محمد بن سلمان إلى أنه سيتم طرح المزيد من الأسهم قريباً.
ووفق تقرير نشرته مجلة Oil Price، مع ارتفاع أسعار النفط، وتحقيق الشركات التجارية أرباحاً كبيرة، من المغري جدًا للشّركات طرح أسهمها للاكتتاب العام من أجل تسييل أصولها. لذا، سيكون الطرح العام الأولي لشركة أرامكو للتجارة جزءًا من اتجاه أوسع لشركات النفط الوطنية في المنطقة، إذ أعلنت "أدنوك" مؤخراً أنها تتطلع إلى طرح أسهمها العملاقة في مجال المصب.
بعد استعادة مكانتها كأكثر الشّركات المدرجة قيمة في العالم، تحاول شركة النفط السعودية، بحسب التقرير، تسييل أحد أصولها. وأشار مسؤولون سعوديون إلى أن "أرامكو" تناقش حاليًا خيار إدراج قسم التجارة "أرامكو" للتجارة. فيما لفت محللو السوق إلى أن الاكتتاب العام قد يصل إلى حوالي 30 مليار دولار. هذه الخطوة، التي توقعها الكثيرون على خلفية الاكتتابات العامة الأوليّة الأخرى المتعلقة بالطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي، ستكون طريقة ذكيّة للغاية للاستفادة من حالة ارتفاع أسعار النفط الخام، وارتفاع الطلب على المنتجات البتروليّة، خاصو وأن الاقتصاد العالمي يتعافى من كوفيد.
ووفقًا لمصادر داخل المجلة، فقد اتّصلت "أرامكو" بالمؤسسات المالية الأمريكية JP Morgan و Goldman Sachs و Morgan Stanley بشأن إدراج محتمل لشركة Aramco Trading.إذاً، يبدو أن "أرامكو" مستعدة لبيع حوالي 30٪ من ذراعها. وبعد الاكتتاب العام، الذي كان محاطًا بالغموض والمشاكل الجيوسياسية والتشكيك، وجلب 25.6 مليار دولار لـ 1.5٪ من شركة "أرامكو"، تتطلع الشركة الآن إلى تسييل المزيد. لكن، على الرغم من أن "أرامكو" قد أعلنت عن تحقيق صافي أرباح وتدفق نقدي قياسي في الأيام الأخيرة، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من السيولة ليس فقط لخطط التوسع في المنبع والمصب لعملاق النفط، بل أيضًا لصندوق الثروة السيادية السعودي صندوق الاستثمارات العامة (PIF)، الداعم المالي الرئيس لخطط التنويع الاقتصادي في البلاد. تتوقع الأسواق أيضاً بيعاً آخر لأسهم "أرامكو" بعد أن أشار ولي العهد محمد بن سلمان صراحةً إلى أنه سيتم طرح المزيد من الأسهم قريبًا.
بالتالي، سيكون الاكتتاب العام الأولي لشركة "أرامكو" للتجارة، إذا وصل إلى 30 مليار دولار المتوقعة، أحد أكبر الاكتتابات الأولية لعام 2022. لكن التفاؤل السعودي بشأن الطرح لا أساس له من الصحة، مع اكتساب الاكتتابات العامة الأولية الأخرى في هذا القطاع هذا العام، مثل LG Energy Solution الكوري الكثير من الاهتمام.
ومع ذلك، لا يزال هناك بعض الشك، إذ قد يكون وضع الذراع التجاريّة لشركة النفط الوطنية في البورصة أمراً صعباً، ولا يرغب الكثير من منتجي النفط والغاز في فتح دفاتر شركاتهم التجارية واستراتيجياتها في السوق للآخرين. بالنسبة لشركة النفط الوطنية، فإن مسألة الشفافية تثير القلق بشكل أكبر، إذ إن الرؤى الثاقبة لاستراتيجيات "أرامكو" وأحجام الإنتاج المحتملة هي أسرار محمية عن كثب. إن الإدراج المحتمل أمر مفهوم، ذلك أن السوق ساخنة، لكن سيتعين على "أرامكو" توخّي الحذر، بحسب المجلة.
وسبق أن قال مراقبون في محاولة سابقة لطرح "أرامكو" للاكتتاب العام، إن الاكتتاب الأولي لهذه الشركة محكوم عليه بالفشل. فعلى سبيل المثال، الكاتب "أندي كريتشلو" وفي مقال له بصحيفة "ديلي تلغراف"، قال إن مبلغ تريليوني دولار الذي توقعه "السعودية" كتقييم لإجمالي أسهم الشركة، يبدو بعيد المنال.
وأضاف، أن "أرامكو" تسعى لطرح نسبة من أسهمها في السوق المحليّة بشكل مبدئي، لكن جهودها مُنيت بضربة كبيرة قبل أسابيع، بعدما تعرضت منشآت تابعة لها منتصف الشهر الماضي لقصف تسبب في توقف تدفق نحو ستة ملايين برميل يوميا من إنتاجها، أو ما يعادل 6% من الإنتاج اليومي على المستوى العالمي. ووفق الكاتب إن "السعودية" تجنّبت مواجهة ارتفاع حاد في أسعار الوقود على المستوى العالمي في أعقاب تعرض أرامكو للهجوم، وذلك لما لديها من مخزون احتياطي ونظرا لاستجابتها السريعة لإصلاح الأضرار.
غير أن "أرامكو" التي يرغب مالكو أسهمها في التأكد من تأمين أصولها قبل الشراء عند طرح الأسهم في الأسواق، تأثرت بشكل سلبي كبير. ويرى الكاتب أن "أرامكو" تعاني معضلة كبيرة رغم أنها أعلنت عن أرباحها نصف السنوية المتوقعة التي تقدر بنحو 50 مليار دولار، وذلك لمحاولة طمأنة الراغبين في شراء أسهمها.
يُذكر أن وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية كشفت أن الصندوق السعودي باع معظم أسهمه في شركة "تسلا" الأمريكية لصناعة السيارات الكهربائية مؤخراً. عوُرفت تسلا في الماضي بتخصصها في بطاريات "الليثيوم أيون" التي تستخدم في القطارات الكهربائية. كما تسعى للإنتاج الكمي للسيارات الكهربائية، بخفض تكلفتها لتكون في متناول المستهلك المتوسط. وهو ما جعل عدد من المعلقين الاقتصاديين الألمان يستغربون من القرارات الاستثمارية السعودية الكبرى. فقد كتب "ألكسندر ديمينغ" في صحيفة "هاندسبلات" الاقتصادية معلقاً على الاستثمارات السيادية للرياض: "يستثمر صندوق الثروة السيادي السعودي مليارات الدولارات في شركات ذات توجه مستقبلي، غير أنه يرتكب في ذلك كل الأخطاء التي يمكن ارتكابها".
ارسال التعليق