السعودية تعذب أمراء ورجال أعمال في سجون سرية
كشف مسؤولون سعوديون أن السلطات ما زالت تحتجز عشرات الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين، وأنها شنت حملة اعتقالات جديدة مؤخرًا، كما مورس التعذيب بحق بعضهم، وذلك بعد شهور من بدء حملة وصفت بأنها لمكافحة الفساد. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن مسؤولين وأقارب المعتقلين أن بعضهم تعرضوا للضرب والحرمان من النوم أثناء استجوابهم، وأن بعضهم لم توجه إليهم أي اتهامات ولم يُسمح لهم بالاتصال مع أقاربهم أو محاميهم. وكشفت المصادر أن العديد منهم محتجزون في سجن ذي إجراءات أمنية مشددة خارج العاصمة الرياض، بينما يُحتجز آخرون في إقامة جبرية داخل قصور حولت إلى مراكز اعتقال، كما تعرضوا لمعاملة قاسية.
وأكد أهالي بعض المحتجزين أن السلطات تحاول توجيه اتهامات لهم بالخيانة أو دعم الإرهاب، تمهيدًا للحكم عليهم بالسجن أو الإعدام، وقالوا إن هذا الأسلوب يهدف إلى الضغط على المحتجزين ليقدموا اعترافات غير حقيقية أو يتوصلوا إلى تسويات مالية مقابل حريتهم. وكشف مسؤول سعودي أن أمير الرياض السابق تركي بن عبد الله ما زال معتقلاً بتهمة فساد مرتبطة بمشروع مترو الرياض، لكن لم يوجه الاتهام إليه، وهناك من يرى أن اعتقاله ليس سوى خطوة سياسية لإقصاء منافس محتمل لابن سلمان. ونقلت وول ستريت جورنال عن مسؤولين سعوديين أن التحقيق مع بعض عائلات الأعمال البارزة ما زال جاريًا، وأنه اعتقل مؤخرا ثلاثة مليارديرات من عائلة محفوظ المصرفية البارزة لأسباب غير معلنة، كما توصل أثرياء آخرون إلى تسويات مالية سرية مع الحكومة لتجنب الاحتجاز في الأسابيع الأخيرة. وأكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الحكومة السعودية قد قامت بجولة جديدة من الاعتقالات في الأيام الأخيرة، ونقلت أن بعض المعتقلين من الأمراء ورجال الأعمال قد تعرضوا للضرب والحرمان من النوم، بحسب روايات عدة من أشخاص مقربين منهم، ولم يسمح لهم إلا بالحد الأدنى من الاتصال بعائلاتهم. كما منعوا من ذلك بتاتا في أحيان أخرى.
ونوهت الصحيفة الأمريكية إلى أنه جرى اعتقال الكثيرين منهم داخل سجن عالي السرية قرب العاصمة الرياض، في حين تم التحفظ على آخرين في أماكن أخرى تم تحويلها إلى مراكز اعتقال، بحسب مسؤوليْن حكومييْن اعترفا بأن بعض المعتقلين تعرضوا لسوء المعاملة، كما لم يرد المتحدث باسم الحكومة السعودية على اتصالات الصحيفة للتعقيب، كما وتنقل الصحيفة عن نائب النائب العام السعودي، قوله إن بعض المعتقلين يواجهون تهمًا أبعد من تهم الفساد، ويمكن تقديمهم لمحاكم خاصة في حالات تتعلق بالإرهاب والأمن القومي، مشيرًا إلى أنه لم يتم التواصل مع أي من المعتقلين للتعليق، إلا أن عددًا من الأشخاص القريبين منهم قالوا إن السلطات أثارت فكرة توجيه تهم بالإرهاب والخيانة، التي قد تقود إلى الحكم بالإعدام، أو الضغط عليهم لتقديم اعترافات غير حقيقية، والتوصل لتسويات مالية.
وتقول إن الحكومة السعودية شنت في نوفمبر حملة اعتقالات، استهدفت النخبة من رجال الأعمال، والمسؤولين في الحكومة، وأمراء من العائلة الحاكمة، حيث أطلق سراح معظمهم بعد تسويات مالية، في حين تؤكد على لسان مسؤولين أنها وصلت إلى 100 مليار دولار، فيما وصفت الحكومة الحملة بأنها محاولة لتخليص البلد من الفساد، وتنظيف الساحة الاقتصادية، في وقت يحاول فيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إعادة تشكيل الاقتصاد، واجتذاب الاستثمارات الأجنبية والطاقات. وينوه التقرير إلى أن الفساد كان مستشريًا بشكل واسع في المملكة التي اعتمد فيها الاقتصاد على نفقات الدولة، وأثرت العائلة المالكة نفسها من موارد النفط، وعملت دون حدود، منوها إلى أن الملك سلمان أعلن في مارس، عن دائرة في مكتب النائب العام لمكافحة الفساد.
وتنقل الصحيفة عن نقاد الحكومة، قولهم إن حملات الاعتقال، ومواصلة الاحتجاز هما جزء من محاولة الأمير محمد تقوية موقعه، وتهميش المعارضين المحتملين، بعد عام من تنصيب والده له حاكمًا فعليًا للبلاد، في تحرك فيه تجاوز لتقاليد الخلافة في العائلة المالكة، مشيرة إلى أن الحكومة تنفي هذه الاتهامات.
ويضيف التقرير أن الحكومة حاولت في ظل الأمير محمد، الذي يدير الشؤون اليومية للبلاد، تخفيف القيود في المجتمع الديني المحافظ بخطوات، مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة، وإعادة فتح دور السينما، مبينا أنه قام في الوقت ذاته بسجن النقاد، وبينهم رجال دين وناشطون في مجال حقوق الإنسان.
كما تؤكد الصحيفة أن من لا يزالون في السجن هم أثرياء السعودية، وبعضهم تولى مناصب مؤثرة في الحكومة حتى اعتقالهم في نوفمبر، ومن بين هؤلاء الملياردير السعودي الإثيوبي محمد العمودي ومدير مجموعة ابن لادن للإنشاءات بكر بن لادن، والرئيس السابق للهيئة العامة للاستثمار عمر الدباغ، ووزير الاقتصاد السابق عادل الفقيه، وهو أحد المساعدين الموثوقين للأمير محمد، وكذلك الأمير تركي بن عبدالله، الذي كان حاكما لإمارة الرياض في عهد والده الملك عبدالله. ويورد التقرير عن مسؤول سعودي، قوله في نوفمبر، إن اعتقال الأمير تركي له علاقة بالفساد في مشروع بناء طريق أنفاق في الرياض، إلا أنه لم توجه له أي تهمة، بالإضافة إلى أن طبيعة التهم الموجهة إليه غير واضحة، بحسب شخص مطلع، ويعد حملة الاعتقالات محاولة من الأمير محمد عزل المنافسين المحتملين. وتشير الصحيفة إلى أن عددًا من الذين أفرج عنهم من فندق ريتز كارلتون منعوا من السفر، وكان عليهم ارتداء حلقات إلكترونية لرصد تحركاتهم، وأصبح بعضهم داعمًا لرؤية الأمير محمد، فيما دخل أحدهم على الأقل في شراكة تجارية مع الحكومة.
ارسال التعليق