السعودية حولت سفاراتها إلى مراكز أمنية وأوكار للتجسس
بات المعارضون السعوديون بالداخل والخارج منذ صعود ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان لسدة الحكم الفعلي بعد عزله ولي العهد السابق وابن عمه، محمد بن نايف يتلفّتون وراءهم كل يوم، خوفاً من التعرّض للأذى بسبب سياسات بن سلمان.
وقال مصدر سعودي معارض إن حال المعارضين السعوديين في الخارج قبل “عهد الخوف” الذي دشّنه بن سلمان لم يكن ذهبياً، في ظلّ ملاحقة الأمراء الذين تولّوا ملفات الأمن الداخلي والخارجي لهم. وأضاف المصدر أن أي صوت سعودي معارض لم يسلم من التعقّب، فقد لاحقت السلطات السعودية أيضاً الأمراء المنشقّين عن الأسرة الحاكمة بسبب مزاعم خلافات أو مالية، وأعادتهم بالقوة إلى الرياض، كما لاحقت المعارضين الكبار الذين كانت تخشى من تأثيرهم، مثل ناصر السعيد الذي اختفى بعد خطفه من بيروت عام 1979، وأيضاً سعد الفقيه ومحمد المسعري اللذين تعرضا لعدة محاولات خطف بعد لجوئهما إلى العاصمة البريطانية لندن.
وأكد معارضون سعوديون أن أياً من العهود السابقة لم يكن شبيهاً بعهد اليوم، حيث إن السلطات السعودية قد كشّرت عن أنيابها وطوّرت نموذجاً أمنياً في السفارات والقنصليات السعودية يشبه النماذج التي قامت عليها الدول الاستبدادية الكبرى في الوطن العربي، مثل سوريا والعراق. وقالوا إن موظفي السفارات السعودية في بريطانيا وكندا وتركيا والولايات المتحدة، وهي البلدان التي يوجد فيها المعارضون السعوديون، متخصصون في ملاحقة الناشطين المعارضين والتجسّس عليهم ومحاولة إيذائهم أو إيذاء عائلاتهم.
وفي هذا الإطار، قال معارض سعودي لجأ إلى كندا برفقة زوجته وابنه لـصحيفة العربي الجديد اللندنية أنّه بات يمشي خائفاً “فالنظام السعودي بات نظاماً متوحشاً لا يرحم أحداً في الداخل والخارج، والشخص الذي أخفى أبناء عمومته في (فندق) الريتز (كارلتون) وتدور شبهات كبيرة حول قتله أحدهم – في إشارة لأمير الرياض السابق تركي بن عبدالله - من أجل الأموال، لن يتوانى عن قتل أو إيذاء المواطنين العاديين الذين يطالبون بالحرية والإصلاح”. وأضاف المعارض أنّ “الملوك السابقين لم يكونوا ملائكة، لكن مقارنة بولي العهد السعودي، فإنّ الجميع بات يترحّم على عهدهم، حتى المعارضون في الخارج، لأنهم لم يكونوا بمثل هذا الجنون”، على حدّ تعبيره.
بدوره، بدا المعارض السعودي الشهير، ورئيس مركز “القسط” لحقوق الإنسان في لندن، يحيى عسيري متأثراً وهو يتجنّب الردّ على سؤال وجهته إليه “العربي الجديد” حول ملاحقة المعارضين. وقال: “لن أجيب، لأنني لو قلت نعم السلطات تلاحقنا وتريد قتلنا، فذلك يعني أننا بتنا نعترف بهذا كأمر واقع، وستستهله السلطات السعودية، وأتمنى من كل معارض سعودي ألا يجيب عن سؤال مثل هذا”.
لكن عدم جواب عسيري عن السؤال الذي بات يشغل بال المعارضين السعوديين في الخارج، لن يغيّر من واقع أنّ النظام السعودي ترك الاهتمام بالملفات الاقتصادية والسياسية التي يروّج لها ولي العهد في كل لقاء تلفزيوني، من قبيل رؤية 2030 وتخصيص شركة “أرامكو”، والتفت إلى ملاحقة الناشطين والناشطات في الخارج. وقصة عمر بن عبد العزيز الزهراني ربما تختصر كثيراً من “منطق” تعاطي الرياض مع المعارضين في الخارج.
والزهراني معارض سعودي شاب، تحوّل إلى مصدر إزعاج وقلق لولي العهد شخصياً، بعد جهوده الكبيرة على مدى سنتين في تسهيل لجوء المئات من السعوديين الهاربين والسعوديات الهاربات من البلاد إلى كندا، وقيامه بالبث المباشر بشكل أسبوعي على الإنترنت، وتدشينه حملات معارضة منظمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كردّ على الجيوش الإلكترونية النظامية التي يشرف عليها المستشار في الديوان الملكي، سعود القحطاني.
ارسال التعليق