السعودية طبّعت منذ زمن وإيران لم تعد العدو الأول
أكد المعارض السياسي والناشط الحقوقي السعودي يحيى العسيري، أن النظام الحاكم ببلاده مطبع منذ زمن قديم مع دولة الاحتلال، وما لم يحصل فقط هو فتح السفارات والإعلان عن هذا التطبيع رسميا.
وأوضح العسيري في حواره أنه لا يوجد اختلاف كبير بين زيارتي الرئيس الأميركي جو بايدن الأخيرة وسلفه دونالد ترامب قبل عدة سنوات، مستدركا: “لكن الأخير كان أكثر وقاحة، بينما مصلحة إسرائيل مقدمة على حقوق كل الشعوب العربية والإسلامية لدى كليهما”.
وشدد على أن إيران دولة انتهاكات ونستنكر كثيرا ما تفعله في سوريا من قمع للثورة، وتدخلها المشين في لبنان واليمن، لكن يبقى الكيان الإسرائيلي هو العدو الأول للعالم العربي والإسلامي.
ولفت المعارض السعودي إلى أن الملك سلمان يمهد الأرضية لتنصيب نجله محمد على العرش وهو حي، ومع ذلك لفت العسيري إلى أن مستقبل ولي العهد لا يمكن التكهن به لأنه شخصية سيكوباتية.
والعسيري (41 عاما) معارض سياسي مقيم في بريطانيا منذ 2013، وضابط سابق بسلاح الجو السعودي، وهو مؤسس منظمة القسط لحقوق الإنسان ويصف نفسه بأنه لا ينتمي لأي أيديولوجية معينة بل يدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
زيارة بايدن والتطبيع:
ما أهداف زيارة بايدن إلى السعودية؟
أهداف هذه الزيارة أعلنها بايدن، وأهمها ملف التطبيع مع الكيان الصهيوني، وضخ مليارات السعودية للخزينة الأميركية، وهذا أمر ربما يكون تحصيل حاصل.
فالسلطة السعودية كانت غير راضية عن ضخ المليارات بسبب حديث بايدن أثناء حملته الانتخابية، لا سيما فيما يتعلق بقضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي رحمه الله.
والآن بعدما تبين أن بايدن مستعد أن يتنازل عما تعهد به، فالسلطة السعودية تشعر بالارتياح والاستعداد لتقديم أي شيء؛ ولا يتوقف الأمر عند ضخ الأموال بل مزيد من التقارب مع دولة الاحتلال.
ما وجه المقارنة بين زيارة بايدن وزيارة دونالد ترامب قبل عدة سنوات؟
ربما لا يوجد اختلاف كبير بين الزيارتين، لكن ترامب كان أكثر وقاحة وبجاحة وصراحة في مطالبه.
فعندما طرح صفقة القرن وخريطة جديدة لدولة فلسطين، كان يريد منهم أن يطبعوا جميعا بشكل مذل وسخيف؛ بينما بايدن الذي يدعم أيضا المشروع الصهيوني أقل وقاحة من ترامب.
ووجه الشبه بينهما أن جميعهم لا يرعى حقوق الإنسان ولا يحترم شعوب المنطقة ولا يعطي شعوب المنطقة أي حقوق، ولا يعبؤون إلا بمصالحهم، فمصلحة إسرائيل مقدمة على حقوق كل الشعوب العربية والإسلامية لدى كليهما .
وماذا يعني فتح المجال الجوي أمام طائرات العدو الصهيوني؟
هذا يعني مزيدا من التقارب السعودي الإسرائيلي؛ حيث إن السلطات السعودية مطبعة منذ زمن قديم، وما لم يحصل فقط هو فتح السفارات والإعلان عن هذا التطبيع رسميا.
وهذا ليس كل شيء فالهدف الأهم من هذا الذي يسعى خلفه بايدن هو التطبيع الفعلي، وهو ما قد يحصل. فالتطبيع مع العدو الصهيوني يسير بشكل تدريجي خطوة بخطوة حتى يتقبله الناس.
وحتى تستمر السلطة السعودية في القول إنها لم تطبع وإن لم يتبق أمامها سوى فتح السفارة وإعلان التطبيع الرسمي وهذا لن يغير من الأمر كثيرا.
هل بات تطبيع المملكة مع الكيان الصهيوني مسألة وقت؟
التطبيع قائم من قبل حسب ما عرفناه، وهناك تعاون بينهما مسبق، وفي إطاره جرى شراء أسلحة تقنية مثل برنامج بيغاسوس الإسرائيلي للتجسس من شركة “إن إس أو” الذي استخدمته المملكة لاختراق حساباتنا كمعارضين بالخارج.
كما استخدمه محمد بن سلمان لاختراق هواتف عدد من الوزراء السعوديين عن طريق الشركة الإسرائيلية، ما يجعل أسرار الحكومة السعودية مكشوفة تماما أمام دولة الاحتلال.
وبناء عليه فإعلان التطبيع رسميا ربما يكون مسألة وقت، وربما ليسوا بحاجة له بعد أن أصبحت التعاملات تتم بشكل طبيعي من قبل سلطة المملكة.
السنة وإيران:
وهل تقبل المملكة التي تنصب نفسها قائدة للإسلام السني أن تكون ضمن حلف تقوده إسرائيل بزعم مواجهة طهران؟
لا أتفق مع القول إن السلطة السعودية تقود الإسلام السني؛ حيث إن هذا النظام لا يقود الإسلام السني لا في العالم ولا حتى في المنطقة العربية.
وإن كانت السعودية بحكم الطبيعة الجغرافية يوجد بها مكة والمدينة وبحكم أن أغلبية السكان سنة، لكن الحقيقة أن السلطات السعودية لا علاقة لها بهذا الأمر من قريب أو بعيد.
فدين المملكة السعودية هو مصلحتها، وهذا ثابت منذ التأسيس الأول للدولة السعودية الأولى وحتى الدولة الثالثة الحالية.
والثابت مع هذه السلطة فقط هو مصلحتها بينما كل شيء عدا ذلك متغير، بما فيه التوجه الديني، والثابت الوحيد هو خدمة هذا النظام وبقائه.
والنظام السعودي منذ بدايته كان نظاما تكفيريا واضحا لكل أطياف المسلمين بما فيهم السنة أبناء قبائل الجزيرة العربية والتي كانت قبائل تحكم ما يعرف اليوم بالسعودية.
وكان المكفر العاشر محمد بن عبد الوهاب يقول إن من لا يكفر الكافر فهو كافر، وبهذا كانوا يقولون أن الدولة العثمانية كافرة، هي وكثير من القبائل الموالية للدولة العثمانية وجميعها كانت سنية.
وهذه السلطة كسابقتها مدافعة عن الوهابية التي تكفر الجميع، وعندما أقيمت الدولة السعودية الثالثة وفتح الله عليها بأموال النفط الطائلة لم تدعم يوما المسلمين السنة في العالم.
ولكنها كانت تدعم الوهابية حول العالم وهذا أمر واضح ولا زالت حتى اليوم.
كما أنني لا أتفق مع القول بأن السلطة السعودية الحالية تفك ارتباطها بالإسلام الوهابي وهذا غير صحيح، حيث إن الإسلام الوهابي مبني على ما قاله محمد بن عبد الوهاب لمحمد سعود في التأسيس الأول للسعودية.
بأن لكم السياسة ولنا التوجيه الديني وسوف نعينكم وتعينوننا ونحفظكم وتحفظوننا وهذا نص الاتفاق بين الاثنين، وهذا ما التزمت به المدرسة الدينية السعودية الرسمية ممثلة بهيئة كبار العلماء.
وهذه الهيئة الدينية لم تعارض السلطة السعودية يوما في قرار من قراراتها حتى أن عددا من أبرز مشايخها برر للسلطات السعودية التطبيع.
وكل ما تريده السلطة من فتاوى ستحصل عليه من هذه المدرسة الوهابية، فهي ليست ممثلة للسنة وليس هذا مشروعها وإن كانت تتمنى أن تقدم نفسها كممثل للسنة وكقائد للعالم السني وللعالم العربي؛ بل للعالم كله.
والسلطة السعودية تقود الإسلام الوهابي الذي أنشأته ليحفظها ولتستقوي به على المخالفين؛ كما أن وجود إسرائيل والتحالف معها وأي سلوك مشين غير ذلك ستبرره المدرسة الوهابية ولن يكون إشكالا في مدرستهم.
وما حقيقة أن طهران هي العدو الأول للعالم الإسلامي السني؟
لا يمكن وصف إيران بأنها عدو للعالم الإسلامي رغم أن لديها انتهاكات وأخطاء وجرائم مثلها مثل بقية دول العالم ودول المنطقة.
ونحن نستنكر كثيرا على إيران ما تفعله في سوريا من قمع للثورة السورية، وتدخلها المشين في لبنان واليمن وغيره، وهناك تدخلات كثيرة ننتقدها لطهران ويمكن أن نصفها كدولة انتهاكات وليست كدولة احتلال.
ومن غير المقبول استبدال الاحتلال الصهيوني المحتل بالدولة الإيرانية، ولذلك فإيران ليست العدو الأول كالاحتلال الصهيوني ولا يمكن وصفها بذلك.
لأن هذا يعطي نفسا للاحتلال الصهيوني الذي هو غريب عن المنطقة، والذي جاء لإحلال شعب أجنبي مكان الشعب الفلسطيني العربي، ولا بد أن يظل الاحتلال الصهيوني العدو الأول للأمة العربية والإسلامية.
أما إيران فهي جار موجود في هذه المنطقة، ومن حقه أن يبقى في هذه المنطقة ولكن بينه وبين العالم العربي بعض الخلافات، والتي يجب أن نبعدها أيضا عن الخلاف المذهبي أو الصراع السني الشيعي.
فإيران لها أطماع يجب أن تتوقف ويجب أن يكون هناك تصالح وتسامح وتعاون بين إيران وبين دول المنطقة، فلا تستطيع إيران محو الدول الموجودة بالمنقطة؛ ولا هي تستطيع محو إيران.
الوضع الإقليمي:
كيف ترى مستقبل العلاقات الخليجية – الخليجية الآن في ظل إدارة بايدن؟
للأسف العلاقات الخليجية -الخليجية تحدد بحسب مواقف الإدارة الأميركية غالبا أو الدول الأخرى النافذة والصانعة للقرار في العالم.
فمع شديد الأسف كان الصراع الخليجي السابق في عام 2017 بإيعاز من ترامب وكان التصالح كذلك، وفي تلك الأزمة انتهكت حقوق كثيرة، ولم تراع الأزمة ولا التصالح حقوق الإنسان.
ويمكن أن تتوقف الصراعات الخليجية – الخليجية إذا ما توقفت هذه الأنظمة عن تبعيتها للخارج، واستقوت بالداخل من خلال المشاركة السياسية للشعوب والسماح لها بالمشاركة في حكم بلادها ومراقبة أدائها.
والدليل على ذلك أنه عندما قامت المصالحة الخليجية رأينا قطر قد بادرت بانتهاك حقوق عدد من أبناء شعبها، وكأن المصالحة تعني انتهاك حقوق هؤلاء، بينما العكس هو الصحيح بأن تستقوي هذه الأنظمة بأبناء شعبها لا تستقوي بالخارج.
وما موقع القضية الفلسطينية في اهتمامات المملكة في ظل هيمنة ابن سلمان على القرار السعودي؟
القضية الفلسطينية لم تكن من اهتمامات قادة السعودية سواء محمد بن سلمان أو والده أو أي من القادة السابقين للمملكة.
والبعض يقول إن هناك تغيرا في الموقف السعودي، وهذا غير صحيح فلا يوجد أي تغير والذي يتغير هو الشكل ولكن المضمون ثابت.
فالسلطة السعودية ترعى وتحرص على كرسي الحكم وتقدم كل ما يطلب منها من أجل الحفاظ على هذا الكرسي، أما الحديث عن وجود قيم ثابتة لهذه السلطة ومبادئ تدافع عنها فهذا أمر غير موجود.
ومن المؤسف أن يقال أن الملك فيصل كان مدافعا عن القدس بينما كانت الظروف كلها تقف ضده وتحتم عليه أن يبدو وكأنه مدافع عن القدس حتى يحصل على الشرعية آنذاك، وهو ما لا يحتاجه حاليا ابن سلمان أو هذا ما يشعر بأنه لا يحتاجه.
فهذه السلطات التي قامت بشكل غير شرعي ولا هم لها ولا قيم لديها ولا ترعى حقوق الإنسان في بلادها فلن ترعى حق الإنسان الفلسطيني أو غيره، ومن يتنازل عن الكرامة والعدالة في بلاده فهو لن يطبقها أو يحميها في أي مكان كان.
ما مصير صفقة القرن التي جاء بها ترامب؟
مصير صفقة القرن اليوم لا أعلم أين هي وأعتقد أنها صارت جزءا من الماضي.
الحوار بين الرياض وطهران إلى أين وصل؟ وما مستقبل حرب اليمن؟
للأسف لا نعرف أين وصل الحوار بينهما لعدم وجود شفافية ووضوح أمام الشعب السعودي، ونتمنى أن يكون هناك تصالح مع إيران ونتمنى أن تتوقف التدخلات الإيرانية في شؤون الدول الأخرى.
وأن تتحول السعودية وإيران لدعم حقوق الشعوب الأخرى وتتوقف صراعاتهم وحروبهم في البلدان الأخرى.
وأن يساعدوا الشعب اليمني للتوجه إلى مصالحة بين كل أطياف المجتمع، ويتوجه إلى صناديق الاقتراع والحفاظ على حقوق أبناء الشعب اليمني، ومن ثم بناء ديمقراطية حقيقية في اليمن بدلا من تغذية هذا الاقتتال الذي يهلك الأخضر واليابس.
ونتمنى أن تتوقف الحرب في اليمن بشكل كامل في أقرب وقت، ونحن سعيدون بهذه الهدنة رغم الخروقات، ونأمل أن يتم التصالح بين الجميع
مستقبل ابن سلمان:
مستقبل محمد بن سلمان لا يمكن التكهن به حيث إنه نفسه شخصية سيكوباتية يتخذ قرارات بشكل عشوائي وبدون تفكير بالمصير وبعد ذلك يتفاجأ بما يحدث.
وهذا ما حدث في حرب اليمن فلم يكن يتصور أنها ستطول وتتعقد بهذا الشكل، وكذلك بعد قتل جمال خاشقجي حدث ما حدث، وأيضا بعد تعذيب لناشطات حقوقيات والضجة التي سببها الأمر.
فربما محمد بن سلمان ينهي مصيره بنفسه اليوم الآن أو بعد ساعة أو بعد أسبوع فربما يفعل شيئا يؤدي إلى ذلك؛ خاصة وأن حماقاته وفقدان الشرعية في داخل البلاد قد يقود إلى ذلك.
ولكن في ذات الوقت قد يبقى محمد بن سلمان لأن الظروف غير كافية الآن لإزالته ، فربما هو يزيل نفسه صحيح، وربما يرتكب حماقات تزيله، أو ربما يستجد أمر ويزول من الساحة بشكل سريع هذا صحيح أيضا.
هل ينعش ارتفاع أسعار البترول إلى الضعف أوضاع الشعب السعودي في ظل الجباية التي فرضها ابن سلمان؟
للأسف أنه عندما ينزل سعر النفط تزداد المعيشة سوءا في السعودية بحجة أن أسعار النفط نزلت، وعندما ترتفع أسعار النفط تزداد المعيشة سوءا وترتفع أسعار المواد الغذائية، أيضا بحجة أن الاستيراد زاد الأسعار.
وهذا رأيناه بشكل واضح في السعودية ومع أنني لست خبيرا اقتصاديا؛ لكن ما أعرفه في بلادي أنه عندما ينزل سعر النفط نتضرر وعندما يرتفع سعر النفط أيضا نتضرر.
وهذا الأمر واضح بأنه ليس لأسباب اقتصادية بقدر ما هو بسبب الفساد المستشري في المملكة والذي لا يمكن لنا مراقبته.
ومن كانوا من النشطاء الاقتصاديين والخبراء ينتقدون الأوضاع الاقتصادية ويقترحون الحلول لها ويضعون النصائح جميعهم ذهبوا وراء القضبان مع شديد الأسف، أمثال جميل فارسي وعصام الزامل.
ولي العهد وطموحاته.. إلى أين وصلت؟ وهل زيارة بايدن تمهد طريق خلافة والده في الحكم؟
أظن أن محمد بن سلمان جاهز لأن يحكم وأظن الأمر الأخير الذي أخره من اعتلاء العرش هو حادث مقتل جمال خاشقجي رحمه الله.
حيث إن والده يجهزه للحكم قبل أن يرحل هو عن الساحة، لأن والده من أعطاه كل هذه الطاقة والقوة والقدرة.
ومحمد بن سلمان أتى من خارج المنظومة تماما ولا يعرف قيادات الجيش ولا المخابرات ولا الأمن ولا قيادات الدولة ولا قيادات المؤسسات التي لا يعرفها وهي مهترئة من الفساد.
ووالده الملك سلمان ضالع في كل هذه الأمور ومهد الأرضية لتنصيب نجله محمد ويريد أن ينصبه وهو حي على عرش المملكة.
أما إذا غاب والده عن المشهد أو رحل فقد يكون الأمر في غاية الصعوبة على تولي الأمير الطائش محمد بن سلمان.
ارسال التعليق