السعودية وإسرائيل.. تعاون منذ عقود لتدمير العرب (مترجم)
إن الذين يدَّعون أن إسرائيل تعارض علاقات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القوية والعلنية مع السعودية يفتقدون الحقيقة.
يفترض الكثيرون أن العلاقة بين السعودية وإسرائيل ليست قوية، وأنه لا يوجد أي علاقات دبلوماسية بين البلدين، وأن هناك ما تسمى بالدولة اليهودية وعلى الجانب الآخر الملكية الوهابية.
كل من السعودية وإسرائيل لديهما نفس الأهداف الإقليمية، وكلتاهما لهما نفس الأعداء، ونفس المفارقات التاريخية الفكرية، حيث القرن العشرون وسقوط الملكيات ونهاية الاستعمار الأوروبي التقليدي وسقوط الأنظمة المنفصلة في إفريقيا، وظهور كلتا الدولتين.
السعودية وإسرائيل عدوتان للدول القومية العربية والعلمانية، حيث رفضتا الناصرية العربية أو البعثية أو الماركسية، حتى إن سياسة معمر القذافي في ليبيا والتي كانت بها نظرة ناصرية، رفضتها الدولتان، وسعت الرياض وإسرائيل بشكل كبير لمساعدة الغرب على تدمير مثل هذه الدول.
الدول التي اتبعت الناصرية والسياسات العلمانية، على عكس السعودية وإسرائيل اللتين تسعيان إلى تطبيق نظام الفصل العنصري، كانت هذه الدول ذات اقتصادات متقدمة وحكوماتها علمانية وللأقليات الدينية فيها حقوق، وتدافع عن حقوق المرأة، وتشارك في برامج محو الأمية ومشاريع الهياكل الأساسية، ولا تزال الجمهورية العربية السورية تطبق هذه السياسات.
لم تسقط الحكومات العربية العلمانية بسبب افتقارها للشعبية، ولكنها سقطت بسبب العدوان السياسي والعسكري من إسرائيل والابتزاز النقدي والإرهاب الممول من السعودية، وذلك المزيج السابق بمساعدة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، حيث دعم الجماعات الإرهابية وجماعة الإخوان.
لهذه الأسباب تتهم سوريا إسرائيل والسعودية بتدميرها، وبالفعل استثمرت هاتان الدولتان المال والوقت لتدمير سوريا، ولم تنجحا حتى الآن.
سوريا هي آخر دولة علمانية في العالم العربي، وتختلف عن إسرائيل، حيث يتمتع الأقليات بحقوق دستورية كاملة، عكس السعودية، كما أنه في سوريا يمكن للمرأة أن تتصرف وتتحدث، وتلبس كما تشاء.
أحبط استقلال سوريا في الماضي طموح إسرائيل بضم لبنان والعراق والأردن ومصر وأجزاء من سوريا نفسها، كما أن سوريا كانت حليفًا حقيقيًّا للفلسطينيين المضطهدين الذين يعيشون رهن الاحتلال الإسرائيلي.
وبالمثل فإن سوريا أضرت بطموحات السعودية ودول الخليج في توسيع إمبراطوريتها البترولية، حيث ترغب قطر في تمرير خط أنابيب للغاز الطبيعي يمر عبر سوريا، وهو ما تريد الدوحة تنفيذه بشروطها.
ليس لدى السعودية ما تقدمه للعالم من ثقافة وعلم، وبالتالي تحاول السيطرة واستعمار العرب الأكثر تعليمًا مثل بلاد الشام، من خلال وكلائها الإرهابيين السلفيين، مثل داعش والقاعدة.
هناك أيضًا عنصر نفسي للحرب المتبادلة التي تشنها السعودية وإسرائيل على دول علمانية مثل سوريا.
ومع وجود سوريا لن تتمكن السعودية من تنفيذ خططها، وبطبيعة الحال توجد دول علمانية أخرى مثل العراق ولبنان ومصر، ولكن هذه الدول تتعرض للخطر الكامل من خلال الحرب، أما مصر فتتعرض للتضييق السياسي.
تقاوم سوريا حتى الآن، وترفض الاستسلام، كما أن السعودية وإسرائيل تسعيان لتدمير إيران، والتي تمارس سياسة أخلاقية على عكس إسرائيل والرياض.
تعد إيران حليفًا قويًّا لسوريا، وهي في طليعة الدول التي تكافح الإرهاب والجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة، كما أن إيران لها موقفها الإيجابي المعروف تجاه القضية الفلسطينية، على عكس بعض الدول العربية التي تخلت عن فلسطين.
إن لدى إسرائيل والسعودية اختلافات سطحية في السياسة الخارجية، ولكن أهدافهما الرئيسية هي نفسها تمامًا، وكلتاهما تسعى إلى إعاقة تقدم العالم العربي.
إن السعودية وإسرائيل حليفتان في الحرب المادية والنفسية ضد الدول العربية العلمانية الحديثة، في حرب تقاتل بها الولايات المتحدة نيابة عن الرياض وتل أبيب منذ عقود.
بقلم : ريهام التهامي
ارسال التعليق