الشهيد النمر : صرخة حق أقوى من الرصاص وسيف الجلاد
في الثاني من يناير من كل عام يتم إحياء الذكرى السنوية لجريمة قتل الشيخ الشهيد نمر_النمر مع عدد من الشباب الشهداء علي الربح و محمد الشيوخ و محمد الصويمل ، وذلك بسبب آراءهم أو المشاركة في المظاهرات والاحتجاجات السلمية للمطالبة بالإصلاح والتغيير، ورفض الظلم والفساد، فهم لم يعتدوا على أحد, ولم يقوموا بأي عمل تخريبي.
وهذا الأحياء السنوي والعالمي تحت شعار وما_قتلوه يأتي لتأكيد حياة وبقاء ونمو فكر وقيم من يضحي للحق والعدالة والحرية.
والشهيد الشيخ النمر بفضل تضحياته قد أصبح رمزا عالميا للمقاوم الثائر الحر البطل والشجاع السلمي المضحي الذي رفض الظلم وتم قتله ظلما، وإيمان شعوب العالم الحرة على عدالة قضيته "الشهيد النمر" ذات الأهداف السامية لتحقيق الإصلاح الشامل واحترام حقوق الإنسان، ودعم المظلومين والمهمشين والمحرومين، أنها قضية إنسانية تستحق الأحياء والافتخار وكذلك الانتشار لأنها مليئة بصور البطولة والإباء والعزة والكرامة التي انتصرت على أزيز الرصاص وسيف الجلاد، كما هناك صور مؤلمة للاعتقال التعسفي والتصفية الجسدية بالتعذيب أو إطلاق الرصاص أو الإعدام بقطع رقاب الأبرياء بسيف الجلاد كما حدث للشهيد النمر مع عدد من الشباب الشهداء بداية عام 2016 .. إنها جريمة كبرى.
*جريمة دموية وتعرية للقتلة*
قتل الشهيد النمر جريمة دموية واضحة تدين وتعري القتلة أعداء الإنسانية والعدالة والحرية، الذين يحاولون بأساليب عديدة تشويه سمعة البطل الحر الشيخ النمر لدى المجتمع والعالم، ولكنهم فشلوا، فالحقيقة ساطعة وأصبحت أكثر وضوحا ويمكن لأي إنسان معرفة حقيقة شخصية الشيخ النمر بمشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة به المنتشرة وتزداد انتشارا مع الأيام، أنه إنسان محب للحياة، وكلماته تدعو للعدالة والحرية والتعددية والكرامة لجميع البشر، فرسالة الشهيد الشيخ النمر هي الحرص على الحياة بكرامة وعزة.
*الشهداء .. وعار المتخاذلين*
إن أرواح الشهداء ومنهم الشيخ النمر والشباب ستبقى حاضرة حية شاهدة على أفراد المجتمع وعلى مواقفهم، الذين هم مع الحق والعدل والإصلاح ومع المظلومين ونصرة المحرومين من جهة، أو من هم مع المصالح الشخصية والخضوع للظلم والظالمين ومجاملة السلطة باسم فن السياسة والمدارات وخلق التبريرات، كما فعل أي فرد أو مجتمع تخاذل عن نصرة الحق، ويوجد في سجل التاريخ البشري صفحات لقائمة العار ترصد مواقف المتخاذلين.
من سمات الشعوب الحية الأحرار في الوطن والعالم الافتخار بعطاء وتضحيات النشطاء الشرفاء لتحقيق الإصلاح، والاعتزاز بكل المعتقلين والشهداء الأبطال، والتضامن مع عوائل الشهداء والمعتقلين. وكذلك رفضهم القاطع للمفسدين والمستبدين والقتلة الذين قتلوا الشهيد الشيخ النمر والشهداء الشباب بدم بارد، ومن قاموا بقتل العديد من الأبرياء في الأماكن العامة، واعتقال الأطفال والنساء والشيوخ والتعذيب البشع إلى درجة القتل كما حدث مع الشهيد #مكي_العريض.
*من دم الشهداء ومعاناة المعتقلين يولد جيل التغيير*
إن قتل الشهيد النمر وخطف جثته جريمة بشعة أدت إلى غضب الشرفاء، وشهدت دول العالم مظاهرات واحتجاجات واسعة، وخرج الأحرار في المنطقة في مظاهرات بغضب واستنكار على إعدام القائد البطل، وقد ردت السلطة على الغاضبين بقبضة حديدية لإثبات إرادتها، ومارست أقصى أساليب العنف والاعتقال التعسفي والاختطاف والتعذيب وتشويه السمعة والملاحقات وإطلاق النار العشوائي ... وبسبب ذلك سقط العديد من الشهداء الأبرار، كما يوجد المئات من المعتقلين الشرفاء وراء القضبان لا ذنب لهم سوى التعبير بكلمة حق فقط ورفض الظلم، ومنهم أطفال وقت الاعتقال: كالمعتقل #مجتبى_القريريص، و #محمد_اللباد وغيرهم، واعتقال نساء ك: #إسراء_الغمغام، و#نعيمة_المطرود و #فاطمة_النصيف، واعتقال شيوخ كبار مثل: الشيخ #توفيق_العامر والشيخ#حسين_الراضي والشيخ #حبيب_الخباز والشيخ #جعفر_الصويلح والشيخ #محمد_الحبيبوغيرهم، واعتقال نشطاء اجتماعيين وكتاب كـ: #نذير_الماجد و #فاضل_الشعلة و #علي_شعبان و#عادل_اللباد #كمال_الدوخي وغيرهم والقائمة طويلة، والذين تم اعتقالهم منذ 2011 بالآلاف البعض تم الإفراج عنهم بعد سنوات. وحتما سيولد الأمل والنصر من رحم الألم والمعاناة والحزن لسنوات الاعتقال التعسفي والتعذيب، وسيخرج جيل جديد يحمل إرادة فولاذية حديدية وعزم شديد .. لتحقيق الإصلاح المنشود.
*قلق من استغلال البيانات*
من المؤلم جدا أن يسكت البعض عن عملية إعدام الشهيد النمر والشباب الشهداء، والاعتقالات التعسفية وانتهاك أعراض النساء، ودون إصدار أي تنديد ولا استنكار للعمليات الإجرامية التي نفذت بيد السلطة القاتلة، وللأسف هناك من يتواصل مع تلك الجهة القاتلة ويثق بها ويمدحها، ويصدق رواياتها الكاذبة، و يسارع بالتنديد وإصدار بيانات الاستنكار المؤيدة لرواياتها دون دليل.
ومع صدور البيانات من قبل بعض الشخصيات الدينية والاجتماعية المؤيدة لروايات وسياسة السلطة (دون دليل) وقيام تلك السلطة بتضخيمها عبر وسائلها الإعلامية المتنوعة، يزداد القلق لدى النشطاء والمؤسسات الحقوقية أن تقوم السلطة باستغلال ذلك (الاستنكار والتأييد) بارتكاب المزيد من التصعيد والاعتقالات التعسفية والإعدامات قريبا!. فالسلطة لا تتوانى باستغلال وتضخيم البيانات الاستنكار الشعبية المؤيدة لها لترهيب المجتمع بشكل أكبر، واستغلال أي جريمة أو حدث ما بإلصاقه بالنشطاء وربطه بالمعتقلين دون دليل .. كما حدث من قبل.
*متى ينتهي العنف ويبدأ الإصلاح ؟*
كنا نأمل بعد عملية الهدم الموجعة لحي المسورة التاريخي وما صاحبها من تهجير للأهالي واللجوء لمدن أخرى وقتل وتدمير، أن ينتهي مسلسل العنف والقتل واستخدام الأسلحة، وأن تبدأ مرحلة جديدة من معالجة الأزمات الداخلية بالعقل والحوار بعيدا عن السلاح، والاهتمام بالتنمية والإعمار.
وأن يتم الاستفادة من التجربة التي شهدتها البلاد، والمنطقة الشرقية بالخصوص في سوء التعامل مع الحراك والمطالبة بالإصلاح والتغيير والمظاهرات والاحتجاجات، والتي شهدت اعتقالات وتعذيبا وقتلا وإعدامات ... وساهمت في تكريس الأزمة واتساع الفجوة والغضب. وقد حان الوقت لمعالجة تلك الأخطاء:
أولا: الاعتراف بالمشكلة والأزمات التي سببت ذلك.
ثانيا: تفهم مطالب الشعب والمبادرة إلى تحقيقها.
ثالثا: الإفراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي من السجون وإسقاط كافة الأحكام الجائرة لهم وتعويضهم.
رابعا: أن تتحول إدارة الدولة من نظام حسب مزاج العائلة الحاكمة والمسؤول، إلى دولة القانون والمؤسسات، وذلك حسب دستور يمثل إرادة الشعب، دولة فيها فصل للسلطات ومحاسبة للحكومة التنفيذية، وذات مجلس تشريعي قوي، والقضاء فيها مستقل، والمحاكم تقوم على الشفافية وحسب المعايير الدولية، لا ظلم ولا فساد ولا سجن تعسفي جائر ولا قتل وإعدام للأبرياء أو بسبب التعبير عن الرأي، ولا إقصاء ولا تهميش. وهذه جزء من مطالب الشهيد الشيخ النمر.
*الاستهتار بالأرواح*
إن اتساع رقعة الاعتقالات والتعذيب وقتل كل ناشط أو متظاهر سلمي وسقوط شهداء أبرياء هي نتيجة الاستهتار بالأرواح وقانون الغاب والإرهاب الرسمي الحكومي، وغياب الشفافية في الجهات الأمنية والقضاء .. التي هي لعبة بأيدي العائلة الحاكمة.
*الدم يجر الدم ودوامة العنف*
المطلوب حاليا حل ومعالجة القضايا الداخلية وبالخصوص ملف الحراك السلمي للمطالبة بالإصلاح داخل الوطن عبر الحوار والتفاهم تحت المظلة الوطنية، دون تخوين واعتقالات وتصفية جسدية كقطع الرؤوس عبر الأحكام الجائرة بإعدام أشخاص لم يعتدوا على أحد، مثل الشهيد الشيخ نمر النمر والشهداء الشباب وإنما لمجرد التعبير عن الرأي أو المشاركة في المظاهرات الاحتجاجية السلمية.
فبسبب تلك الاعتقالات والاستهتار بسفك دماء الأبرياء والقتل .. تعقدت القضايا كثيرا، فالدم يجر الدم، ويولد حالة من الغضب والغليان والتحدي، وهو ما حدث ويحدث، ومع سقوط شهداء جدد، يزداد الغضب وتستمر دائرة الدم والعنف.
وأخيرا؛ سيبقى زئير كلمات الشهيد الشيخ النمر أقوى من الرصاص القاتل، فكلمات الشهيد حية لا تموت، بل أصبحت قبسا لطريق الحرية والكرامة والبطولة والإباء، ومدرسة لإعداد جيل يؤمن بالنضال والتضحية لتحقيق الإصلاح وتطبيق العدالة ومحاسبة القتلة، وصرخة حق ترعب الجلاد.
ولقد أثبت الشهيد الشيخ النمر أن كلمة الحق الحرة هي أقوى من أزيز الرصاص وسيف الجلاد، وان أرواح الشهداء حية حاضرة، وأن الشهيد (ذكره وفكره) لا يموت.
بقلم : علي آل غراش
ارسال التعليق