القطيف في زمن بن سلمان.. حصار وقتل وإهمال وعزل وتشويه
أعلنت سلطات ال سعود هذا الأسبوع بشكل رسمي محاصرة محافظة القطيف شرق المملكة بذريعة فرض الحجر الصحي عليها ومنع دخول او خروج فايروس كورونا منها، وربما لو كان الاجراء الذي اتخذته السلطات الحاكمة ضد القطيف قد اتخذته ضد سائر محافظات المملكة لما أثيرت العديد من علامات استفهام عليه، ولكن اقتصار الحصار على القطيف يثير الشكوك على هذا الاجراء.
وهنا تجدر الاشارة الى أنه لا أحد يعترض أو يرفض أية خطوات تقوم بها السلطات سواء كانت في السعودية أو في أية دولة أخرى للاحتراز والوقاية من الامراض والأوبئة، بل على العكس تماما فان جميع المجتمعات ترحب بمثل هكذا اجراءات خاصة اذا صدرت بنوايا صادقة، غير أن سلطات ال سعود التي تكتمت على عدد المصابين بفيروس كورونا وربما المتوفين بسببه، وبقيت تعلن لعدة أيام أنها لم تعثر على أية حالة اصابة فان الشكوك تحوم حول الدواعي الأساسية والاهداف الرئيسية وراء الاعلان عن اغلاق محافظة القطيف.
خاصة وأن اجراء سلطات ال سعود تزامن مع تضارب الأنباء حول مصير الهرم القيادي في المملكة وبالتحديد مصير الملك سلمان وكذلك مصير ولي عهده وابنه محمد فيما يتعلق بالانباء التي نشرتها وسائل الاعلام حول عمليات التصفية الواسعة التي يقوم بها ضد أسرته وخاصة عمه الامير أحمد وأبناء وأحفاد عمه نايف بن عبد العزيز، حيث أكدت العديد من وسائل الاعلام أنه قام باعتقالهم تمهيدا لاعلان تسلمه لمنصب والده.
لا شك أن الأوضاع السياسية في المنطقة الشرقية لم تكن على ما يرام نتيجة الظلم والاضطهاد الذي تمارسه السلطات ضد هذه المنطقة وبالذات ضد الشيعة الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكانها، وتزامنا مع الربيع العربي عام 2011 شهدت مدن وبلدات المنطقة الشرقية وخاصة القطيف العديد من الاحتجاجات والتظاهرات غير ان القبضة الحديدية والممارسات التعسفية للسلطات الحاكمة طالما قمعت أي تحرك وأي احتجاج، وطالما طاردت السلطات رموز الحراك وأعتقلت ولا تزال الكثير منهم، حتى ظهر الشيخ نمر باقر النمر في منطقة العوامية مسقط رأسه كرمز رئيسي للاحتجاج والاعتراض على ممارسات الحكومة ضد الطائفة الشيعية، وكان وزير الداخلية السعودي آنذاك نايف بن عبدالعزيز يمثل رمز القمع والاضطهاد ضد الطائفة، لذلك احتفل النمر والحراك الشعبي في المنطقة بوفاته، مما دفع السلطات الحاكمة الى تكثيف اضطهادها وقمعها ضد الطائفة الشيعية، خاصة اذا علمنا أن أبناء نايف كانوا يتمتعون ولا يزالون بنفوذ واسع في الداخلية، وبالتالي هم الذين واصلوا نهج أبيهم ضد المنطقة الشرقية.
تصورت السلطات الحاكمة انها ستنهي على الحراك الجماهيري في المنطقة الشرقية بقتلها النمر، بينما بقي الحراك متواصلا حتى بعد اعدامه عام 2016 وطالما شنت قوات النظام هجمات ضد القطيف وبلداتها بذريعة مطاردة المطلوبين، بينما كان الهدف الرئيسي هو زرع الخوف في أوساط الأهالي وعناصر ورموز الحراك الشعبي، لمنعهم من أي تحرك ضد السلطات الحاكمة.
من هنا فان تزامن محاصرة القطيف مع تحركات بن سلمان في الرياض لتهيئة الأرضية لتولي الحكم بعد والده يؤكد بما لا يدعو للشك أن السلطات الحاكمة تسعى الى محاصرة أي تحرك أو نشاط للمنطقة الشرقية ضد النظام الحاكم خاصة وأنه من المرجح نشوب أزمة سياسية كبيرة داخل الأسرة الحاكمة (بدأت تلوح مؤشراتها في الأفق) حال تولي محمد بن سلمان للسلطة، لذلك فان السلطات الحاكمة تقوم باجراءات احترازية لمنع المعارضين في المنطقة الشرقية من استغلال أية فوضى ربما تقع نتيجة الوضع الجديد.
علماً بأن ال سعود اضطهدوا أبناء الطائفة الشيعية وهمشوهم وحرموهم من أبسط حقوقهم، وهي حق المواطنة، وفرص العمل، وعلى سبيل المثال فأنك عزيزي القارئ لم تجد مواطن شيعي يعمل في القصيم وبريدة أو يسكن في الرياض وتبوك، ومنذ عشرات السنين قد دأب ال سعود على قتلهم وحرمانهم وقد قتلوا الكثير منهم وباسباب واهية وطائفية بحتة، وحتى قصرهم لم ينجوا من حد الحرابة، وأما اليوم فالتهمة جاءت على طبق من ذهب وهي الإصابة بفيروس كورونا غير تلك التي كانت جاهزة على رف المحكمة أو توجد كقصاصة ملصوقة أمام القاضي لكي يستبيح دمائهم بموجبها، وهي التخابر مع إيران.
ارسال التعليق