المجازر في اليمن والصمت العربي والدولي
ان المجزرة الأخيرة التي ارتكبت بحق شعبنا العربي الأصيل في اليمن في الثامن من الشهر الجاري وأدت الى استشهاد وجرح المئات من افراد الشعب اليمني الذين كانوا يؤدون واجب العزاء في القاعة الكبرى وسط العاصمة صنعاء يعتبر دليلاً ساطعاً على التراجع في القيم و الأخلاق النبيلة و سيادة عقلية الغاب لمن شارك او اوعز او خطط للقيام بهذا العمل الدنيء الذي سيبقى وصمة عار في تاريخ الفاعلين.
لا يخفى على أحد ما يقوم به التحالف السعودي من عدوان على أبناء اليمن منذ حوالي سنة وثمانية اشهر، قام خلالها بشن غارات جوية لا تعد و لا تحصى دمرت خلالها البيوت و المصانع و المدارس و المستشفيات و قتل فيها المدنيين الأبرياء.
يؤكد عبد الملك الحوثي انه يملك الأدلة القاطعة بان السعودية و بضوء اخضر امريكي قامت بقصف قاعة العزاء في صنعاء، بينما ينفي التحالف السعودي ذلك و يطالب بإجراء تحقيق بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية لمعرفة الفاعل. اما السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون فقد طالب بإجراء تحقيق فوري و مستقل في الحادث.
ان تصريحات نيد برايس المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة الأمريكية بان التعاون الأمني مع السعودية لا يعتبر شيكاً على بياض و ان التقارير المتوفرة عما حدث في صنعاء يعتبر مقلقاً للغاية تشير الى تورط السعودية في هذه العملية الاجرامية و قلق الولايات المتحدة من تداعيات ذلك على إمكانية محاسبتها لتصديرها الأسلحة و المعدات الحربية للسعودية.ان الولايات المتحدةستراجع سياستها حيال السعودية بعد قصف قاعة العزاء في صنعاء.
ان استخدام التحالف السعودي للأسلحة الأمريكية في حربه على اليمن امر لا لبس فيه و لا غموض و قد اثبتته ايضاً تقارير المنظمةالأمريكية لحقوق الانسان هيومان رايتسووتش.
ان الرهان السعودي على انتهاء فترة رئاسة باراك أوباما الذي انتقد النظام السعودي و إمكانية نجاح دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في شهر نوفمبر القادم هو رهان على حصان خاسر، حيث يعتبر ترامب مكروهاً في انحاء العالم اجمع و حتى في داخل حزبه الجمهوري هناك العديد الذين صرحوا بعدم قدرتهم على دعمه و تأييده لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
ان الرهان السعودي الصحيح يجب ان يرتكز على دعم الشعب السعودي اولاً و دعم الشعوب العربية ثانياً و الإسلامية ثالثاً.
لا يوجد ما يبرر الصمت العربي الشعبي عن المجازر التي تحدث في اليمن. ان صمت الأنظمة الرسمية العربية يمكن فهمه، فهي لا ترغب في التخلي عن الدعم السعودي المادي لها و لا تريد اغضاب زعيمة العالم الغربي الولايات المتحدة الأمريكية لأن معظم هذه الأنظمة لا تعتمد في إطالة عمرها على دعم شعوبها و انما على دعم الغرب لها.
على المنظمات الأهلية العربية و جميع النقابات و قوى المجتمع المدني الأخرى ان ترفع صوتها عالياً لتدين بأقوى العبارات و اشدها المجازر التي تحدث ضد أهلنا في اليمن، و تعد المظاهرات في جميع مدن وطننا العربي الكبير لتندد بالعدوان الهمجي و تقدم كل دعم ممكن لمساعدة اخوتنا اليمنيين في محنتهم الحالية التي سيخرجون منها حتماً منتصرين على جميع قوى العدوان و التخلف و الفكر الظلامي و الارهابي.
لا يشكل اليمن محوراً اساسياً للاهتمام الدولي، و لا يهتم الغرب كثيراً بما يحدث في اليمن من قتل و تدمير للبشر و البنى التحتية. تقام المظاهرات في الغرب و يشارك بها الآلاف من اجل المطالبة بحقوق الحيوانات، اما حقوق الانسان العربي و المسلم فلا تؤخذ من بعض المجموعات في الغرب على محمل الجد. يجب ان نلوم أنفسنا على ذلك لأننا كعرب و مسلمين لا نأبه بحقوق الانسان و ندوس عليها في بلادنا العربية و الإسلامية.يتم ذلك على الرغم من ان ادياننا السماوية تحثنا على احترام الانسان و المحافظة على كرامته و حمايته.
يجب ان ينتهي العدوان على اليمن و شعبه، فهو يفتقد الى المبرر القانوني و الأخلاقي و يتعارض مع القوانين الدولية و المبادئ السماوية.
الرحمة لشهداء اليمن و الشفاء للجرحى و النصر لليمن و شعبها الأبي العظيم الذي لم و لن يتمكن الغزاة من كسره.
بقلم : د. فوزي ناجي .... مدير المعهد العربي في مدينة هانوفر الألمانية
ارسال التعليق