المحكمة العليا السعودية تؤيد قرار الإعدام بحق الشابين البحرينيين
كما تلفّق "السعودية" تهمًا لمعارضيها وتفرض عليهم أحكامًا ظالمة على أسس لا وجود لها، اختلقت الرياض للشابين البحرينيين جعفر سلطان وصادق ثامر تهمة "الإرهاب" وأيدت بحقهما حكمًا بالإعدام على الرغم من إخفاء الدلائل وعدم توكيل محام للدفاع عنهما، ناهيك عن الانتهاكات المرتكبة بحقهما طيلة فترة التوقيف.
أيدت المحكمة العليا "السعودية" حكمًا باتًا بالإعدام تعزيرًا للشابين البحرينيين جعفر سلطان وصادق ثامر المعتقلين في السجون "السعودية" منذ سنوات، فيما حذرت المعارضة البحرانية من مغبة تنفيذ الحكم.
وكانت محكمة الاستئناف السعودية قد أيدت في 11 يناير/تشرين الثاني 2022 حكماً بإعدام الشابين. وكان الشابين وهما من منطقة داركليب، اعتقلا في 8 مايو/أيار 2015 من منفذ "جسر الملك فهد"، ووجهت لهما السلطات السعودية لاحقاً تهمة التحضير لتفجير الجسر الذي يربطها بالبحرين.
وفي هذا السياق، لفت رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان، باقر درويش، في تصريح خاص لـ"مرآة الجزيرة" إلى أن تأييد الحكم صدر في أول أسبوع من شهر رمضان الماضي.
وأضاف: " إن الإجراءات القضائية في السعودية لطالما كانت محل تشكيك في مستوى توفير ضمانات المحاكمة العادلة؛ وصدور حكم الإعدام في قضية لا يوجد فيها جناية مرتكبة هو حكم تعسفي يؤخذ فيه بعين الاعتبار بعض الملابسات السياسية"، مبدياً استغرابه " كيف أنَّ البحرينيين صدر بحقهما حكم في قضية مشابهة بالبحرين، حيث صدر بحقهما حكما بالسجن المؤبد، فيما السعودية أصدرت حكم الإعدام".
إلى ذلك، حذر تيار الوفاء الإسلامي في بيان صدر، أمس الجمعة، من مغبة المضي في تنفيذ الحكم، مؤكدًا بأن هذه التصرفات "لا تصب في صالح استقرار المنطقة". لافتًا أن ان الحكم "جريمة كبرى تضاف إلى سلسلة جرائم قبيلة آل سعود تجاه شعب البحرين المتدين".
وانذر الحزب البحريني المعارض سلطات الرياض بأن "لكل فعل رد فعل، وشعب البحرين لن يبقى متفرجًا على سياسات إبادته وقتل شبابه بدم بارد".
وطالب تيار الوفاء في بيانه بالإفراج الفوري عن الشابين، وطالب المنظمات الدولية بأن تقوم بدورها لإيقاف السياسات الدموية التي تزعزع استقرار المنطقة.
ودعا تيار الوفاء الإسلامي جميع المهتمين إلى التداعي، ورفع الصوت عاليًا، وبذل كل المساعي لإيقاف هذه الجريمة من الوقوع.
يذكر أن مقررون خاصون بالأمم المتحدة عمدوا في 22 يناير/كانون الثاني من العام الحالي إلى إرسال رسالة إلى “المملكة العربية السعودية”، دعوها فيها لى الوقف الفوري لتنفيذ أحكام القتل الصادرة بحق كل منهما، واعتبروا أن المعطيات حول القضية تجعل من إعدامهما إعداما تعسفيا.
الرسالة وقع عليها كل من المقرر الخاص المعني بالإعدام والقتل خارج نطاق القضاء، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات في سباق مكافحة الإرهاب والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية.
وبحسب الرسالة اعتقل كل من سلطان وثامر في مايو/أيار 2015 من على جسر “الملك” فهد، وواجها تهما عديدة بينها المشاركة في المظاهرات التي شهدتها البحرين، والمشاركة في تأسيس خلية ارهابية، وتلقي تدريبات في معسكرات أجنبية بهدف زعزعة استقرار أمن “السعودية” والبحرين، وتهريب مواد متفجرة.
الرسالة أوضحت أن كل من ثامر وسلطان احتجزا بمعزل عن العالم الخارجي لعدة أشهر ولم تعرف عائلاتهما باعتقالهما إلا من خلال وسائل الإعلام المحلية. وأوضح المقررون أن المعلومات أكدت تعرض المعتقلان للتعذيب، ومن بين ذلك الحبس الانفرادي لعدة أشهر والإجبار على التوقيع على اعترافات، كما لم يتمكنا من التواصل مع محام إلا بعد بدء المحاكمة.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، حكم على سلطان وثامر بالإعدام من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة “السعودية”، عملاً بالمادة 1 الفقرة 3 والمادة 32 من قانون مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله والمادتين 4 و 15 من قانون مكافحة الإرهاب. في 11 يناير/كانون الثاني 2022، أيدت محكمة الاستئناف الأحكام، وأحيلت إلى المحكمة العليا وقد يتم تنفيذ الحكمين في أي وقت.
أبدى المقررون الخاصون قلقهم من أن المعلومات تشير إلى أن الحكم بالإعدام على كل من سلطان وثامر، تم دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة. حيث لم يتمكنا من الاتصال بمحام عند القبض عليهما ولم يتمكنا من اللجوء إلى أي سبيل انتصاف للطعن في قانونية اعتقالهما، وتعرضا للتعذيب وسوء المعاملة وأنتزع الأعتراف تحت التعذيب، بما يتعارض مع اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي صادقت عليها "السعودية" عام 1997.
كما أشارت الرسالة إلى أنه حين لا تكون عقوبة الإعدام محظورة قانونًا، لا يجوز فرضها إلا بعد الامتثال لمجموعة صارمة من المتطلبات الموضوعية والإجرائية وضمانات المحاكمة العادلة، والتي ورد أنه لم يتم الامتثال لها في هذه القضية.
الرسالة أعادت التذكير بالقلق الذي أبداه المقررون الخاصون في مراسلة سابقة بخصوص تشريعات مكافحة الإرهاب في “السعودية”. وأشارت إلى أن القانون يتضمن مجموعة واسعة من الإجراءات الصارمة وغير المتوافقة مع حقوق الإنسان في كثير من الأحيان. وأوضح المقررون أن القانون يسمح بالحبس الانفرادي لفترات تصل إلى تسعين يوما واحتجاز قبل بدء المحاكمة لفترات تصل إلى عام، وقيود خطيرة على الحق في الاتصال بمحام وغير ذلك من معايير المحاكمة العادلة .
حيث أكدوا على أن “مبدأ اليقين القانوني” يتطلب أن تكون القوانين الجنائية دقيقة بما فيه الكفاية حتى يتضح ما هي أنواع السلوك التي تشكل جريمة جنائية وماذا ستكون عقابه لارتكاب مثل هذه الجريمة. كما أكد المقررون على أهمية أن يسترشد تعريف الإرهاب في التشريعات الوطنية بالتعريف النموذجي الدولي كما يجب أن تكون خطورة الإدانة الجنائية والعقاب عليها متناسبة مع ذنب الجاني، ولا ينبغي إدانة أي شخص بالمشاركة في عمل إرهابي، أو تسهيل أو تمويل الإرهاب، ما لم يكن من الممكن إثبات أن هذا الشخص كان يعلم أو ينوي التورط في الإرهاب على النحو المحدد بموجب القانون الوطني.
من جهتها لفتت المنظمة السعودية الأوروبية لحقوق الإنسان في تقرير سابق لها، إلى أن محاكمة كل من سلطان وثامر افتقدت إلى شروط العدالة، وأن "السعودية" قد تقدم على إعدامهما في أي لحظة على الرغم من رسالة المقررين الخاصين والمخاوف التي أثاروها.
كما أشارت المنظمة إلى أن انعدام الشفافية في التعامل الرسمي السعودي في قضايا الإعدام، إلى جانب الدموية التي سجلت مؤخرا والأرقام المقلقة وغير المسبوقة وخاصة بعد الإعدام الجماعي الذي نفذ بشكل مفاجئ في 12 مارس/ آذار 2022 بحق 81 شخصا، تضاعف المخاوف على حياة كل من ثامر وسلطان ومعتقلين آخرين وثقت المنظمة الأوروبية السعودية قضاياهم.
وكانت المنظمة الحقوقية قد بيّنت أن المعتقل صادق ثامر بقي مخفي قسريا منذ لحظة اعتقاله لعدة اشهر، حيث لم تعرف العائلة باعتقاله إلا من خلال وسائل الإعلام المحلية السعودية، ولم تتلق أي معلومات عن مكان وجوده، إلا خلال اتصال له في أغسطس/آب 2015 اي بعد ثلاثة أشهر تقريبا على الاعتقال. وبيّنت المنظمة أنه خلال مدة الإخفاء القسري، كان ثامر في السجن الانفرادي حيث بقي لمدة مئة يوم، تعرض خلالها للتعذيب الشديد، وأجبر على التوقيع على اعترافات. حيث لم يتم تعيين محام للشابان إلا بعد بدء جلسات المحاكمة، ولم يتمكن المحامي من الوصول إلى كافة المستندات والمعلومات.
ارسال التعليق