المظاهرات محرمة في الشوارع السعودية: لا مكان للتعبير عن الرأي هنا
منذ اثنتي عشرة عاماً، أعلنت وزارة الداخلية السعودية بصريح العبارة منع كل أشكال الاحتجاجات في البلاد، مؤكدةً في بيانٍ لها أن “قوات الأمن” مخوّلة التعامل مع أي تظاهرةٍ بالشكل الذي تراه مناسباً.
هذا المنع الذي أصبح رسمياً وعلنياً عام 2011، كان سرّياً وسارياً لعقود، وعلى الرغم من انفجار الشارع غير مرّة، إلا أن النظام السعودي كان يشهر سيفه كلّ مرّة، قامعاً كل أصوات المعارضة.
الاحتجاج والتظاهرات والمسيرات، وسائل تلجأ إليها كل الشعوب لإبداء الرأي و المطالبة بالحقوق والحريات والتضامن مع القضايا المحقّة ومناصرة المظلومين، وهي حقٌ تكفله القوانين والشرائع الدولية.
منذ عقود، تمارس العائلة الحاكمة السعودية سياساتها القمعية عينها، ولها تاريخ طويل مع قمع التظاهرات.
* خلال الأعوام من 1952 إلى 1958 انطلقت سلسلة من الاحتجاجات والإضرابات سُمّيت بانتفاضة عمّال الظهران، تعرّض العمال المشاركون للاعتقال وقد صدرت بحقّهم أحكامٌ بالسجن فيما صدرت بحق آخرين أحكام بالطرد من البلاد.
* عام 1979 انطلقت انتفاضة القطيف والأحساء، وقد طالب المشاركون في التظاهرات السلمية بوقف التمييز الطائفي وبالحرية الدينية والمساواة بين المواطنين، وانتهت الانتفاضة بالقمع العنيف الذي أدى إلى مقتل العشرات.
* عام 2003 انطلقت مظاهرات الرياض التي دعت إليها الحركة الإسلامية للإصلاح، وهي حركة معارضة، وقد طالب المشاركون في التظاهرات السلمية بالإصلاح السياسي والإفراج عن المعتقلين السياسي، واستخدمت القوات الأمنية العنف لقمع التظاهرات معتقلةً ما يقرب من 300 شخص بينهم نساء.
* عام 2011، وعقب كارثة سيول جدة التي أودت بحياة أكثر من 100 شخص وأدت لانقطاع التيار الكهربائي وإيقاف الدراسة لأسبوع كامل وشلّ الحركة في المدينة، انطلقت مسيرات احتجاج في شوارع المدينة قابلتها القوات الأمنية بالقمع والاعتقال.
* عام 2011 انطلق الحراك السلمي في القطيف، وقد قمعت السلطات السعودية التظاهرات بعنفٍ مفرط مستخدمةٍ مختلفة أنواع الأسلحة، وهي حتى اليوم تواصل اعتقال أفرادٍ شاركوا في الحراك يومها، وقد اعتقلت العشرات ومن ضمنهم قاصرون.
أسلوب القمع السعودي ليس حديث العهد، لكنه يتطوّر عبر مرور الزمن ويصبح أكثر شراسة، وهذا يدلّ على هشاشة هذا النظام الذي يخشى أن ترتفع أصوات المعارضة، ويلجأ للتعتيم الإعلامي وتزوير الحقائق بما يناسب مصالحه ليضمن بقاءه في الحكم.
هذه السياسة التي تعتمدها العائلة الحاكمة منذ سنوات تحرم المواطنين من حقوقهم ومن الوسيلة الأكثر سلمية للتعبير عن آرائهم، وهي بهذه السياسة تسعى لتحويل المواطنين إلى أصنام تحرّكهم كيفما تشاء. إن بقاء الوضع في السعودية على هذه الحال سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى انفجارٍ لا تتصوّر العائلة الحاكمة آثاره ولا تدركها، فالبلاد التي يُحرَم فيها المواطن من التعبير والاعتراض تصبح بالنسبة له سجناً سيحاول كسر قضبانه كل يوم.
كما إن مصادرة السلطات لحق المواطنين في تنظيم مسيرات تضامن مع قضايا الشعوب المظلومة، يجعل منهم شعباً بعيداً عن قضايا العالم، ويؤثر على الروابط التي تجمعهم بالشعوب الأخرى، بالإضافة إلى تأثير هذا القمع على وعي المواطنين السياسي وبالتالي التأثير على المشاركة السياسية.
على السلطات السعودية المسارعة إلى إصلاح القوانين بالشكل الذي يكفل للمواطنين الحق في التعبير عن الرأي وفي الاحتجاج والتظاهر وتنظيم المسيرات، وهذا يتيح للمواطنين تقديم النقد البنّاء والمشاركة الحقيقية في صنع القرار والتأثير على من يتحكمون به، وهو ما يجب أن تكون عليه البلدان فعلياً.
ارسال التعليق