المعارضة السورية ومدّ يد الصداقة نحو الكيان الإسرائيلي
تكشف الأزمة السورية الممتدة منذ 5 سنوات ونيف عن أمر جديد في كل يوم تقريبا، والجديد هذه المرة قيام قسم من المعارضة السورية بمد يد الصداقة نحو تل أبيب وطلب المساعدة منها لإسقاط النظام السوري.
يعلم الجميع ان العداء بين سوريا والكيان الإسرائيلي يعود الى القدم وتحديدا منذ نشأة هذا الكيان الذي يحتل قسما من الأراضي السورية منذ عام 1967 حتى الان، وقد اعلن هذا الكيان المحتل في عام 1982 عن ضم هذا القسم من سوريا وهو الجولان المحتل الى الكيان الصهيوني، ونحن نذكر هذا الامر هنا فقط لنشير ان سوريا والكيان الصهيوني لم يمدا يد الصداقة نحو بعضهما البعض على الاطلاق وعاشا حالة العداء باستمرار.
ووسط هذا التاريخ غير الودي بين الجانبين نجد الان ان قسما من المعارضة السورية قد طلب بشكل علني المساعدة من الكيان الصهيوني لاسقاط النظام السوري، لكن يجب القول ان هذا الأمر ليس بالشيء الجديد فدور الكيان الإسرائيلي واجهزته الأمنية والاستخبارية هو دور مكشوف في الأزمة السورية وقد اعترف المسؤولون الصهاينة بذلك مرارا وتكرارا، ان الصهاينة وبإفتعالهم للأزمة السورية ركبوا موجة إلحاق الهزيمة بمحور المقاومة الإسلامية ولم يتوانوا عن فعل أي شيء في سبيل ذلك فهم أرسلوا الأسلحة الخفيفة والمتوسطة للجماعات الارهابية ومن يسمون بالمعارضة المعتدلة ودربوا الارهابيين وارسلوا المستشارين وقدموا المساندة الاستخبارية لعمليات الارهابيين ضد الدولة السورية لتحقيق أهدافهم وغاياتهم.
لكن ما قامت به الجبهة المسماة بـ “جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا” من بث شريط فيديو تطلب فيه الدعم من تل أبيب ضد دمشق يعتبر امرا غير مسبوق وبدعة جديدة في الحرب السورية، فكيف يمكن لجماعة معارضة سياسية ان تمد يد الصداقة لكيان يحتل قسما من الأراضي السورية منذ قرابة نصف قرن؟
سيناريو سعودي أم عجز للمعارضة؟
ان من ظهر في شريط الفيديو هو المتحدث باسم “جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا” فهد المصري، وهو قد وجه نداء الى الشعب الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية! وإذا أردنا ان نحلل هذا الفعل فبإمكاننا النظر الى هذه القضية من زاويتين، الأولى هي قيام السعودية بالتأثير على الأزمة السورية، فالمحاولات لتحسين العلاقات بين العرب والكيان الصهيوني باتت علنية منذ فترة ولايجد الجانبان حرجا من التحدث العلني عن ذلك.
واذا نظرنا الى قضية طلب المعارضين العون من تل أبيب من هذه الزاوية نجد ان السعودية تحاول تغيير نظرة المعارضة تجاه حل الأزمة، بمعنى ان تصبح الجماعات المعارضة السورية جزء من سيناريو تطبيع العلاقات بين العرب والكيان الصهيوني، ويريد أصحاب هذا السيناريو القول بأنه لايوجد هناك عداء بين الشعب السوري والكيان الصهيوني وعلى تل أبيب ان تتدخل لتحرير الشعب السوري، وقد طلب هؤلاء في شريط الفيديو بأن تقوم كافة القوى الإقليمية المؤثرة ومنها الكيان الصهيوني بتشكيل مجلس أمن إقليمي تحت اشراف منظمة الأمم المتحدة.
اما الزاوية الأخرى التي يمكن النظر من خلالها الى هذه القضية فهي ايضا ليست بعيدة عن الواقع وهي عجز المعارضة عن مواجهة القوات الحكومية السورية وحلفائها. ان المعارضة وحلفائها يعلمون بأن التطورات الميدانية في سوريا تجري خلافا لمصالحهم وان ما يجري في ساحة الحرب وخاصة في مدينة حلب هو على عكس تمنيات حماة هؤلاء المعارضين.
ان أشخاصا مثل فهد المصري يعلمون بأن وجودهم ووجود باقي الجماعات التي يسمون بالمعارضة السياسية هو مجرد غطاء للعمليات الارهابية المسلحة ضد الحكومة السورية، وان هؤلاء الذين يطلبون اليوم دخول تل أبيب وحلفائها على الخط بشكل علني يريدون ان يضمنوا مستقبلهم في سوريا لكي لايتم حذفهم عن المعادلات كما يريدون ان يصرفوا الأذهان عما يجري في مدينة حلب.
ارسال التعليق