الوجه الآخر للحرب.. كيف سيطرت السعودية على اقتصاد اليمن؟
قبل 5 سنوات، دخلت السعودية والإمارات حرباً ضروساً في اليمن بعد تشكيلهما تحالفاً عربياً، واستخدم التحالف السعودي الإماراتي أنواع الأسلحة كافة ضد اليمن وبِنيته التحتية، وأحكم سيطرته على جميع المنافذ البرية التي يستورد منها اليمنيون غالبية حاجاتهم الغذائية والتجارية.
وبعد سنوات من الحرب المتواصلة، ظهرت الأطماع السعودية في تحقيق منافع اقتصادية من حربها على اليمن، إذ استهدفت طائرات التحالف غالبية المصانع الغذائية والإنتاجية، وأوقفت غالبيتها عن العمل.
ولم يكن قصف المصانع عملاً عشوائياً لقيادة التحالف السعودي الإماراتي، إذ أرادت من ذلك تنفيذ خطة اقتصادية بحتة، حيث عملت على إغراق الأسواق اليمنية ببضائع سعودية بشكل كثيف وغير مسبوق، من خلال المنافذ التي تسيطر عليها.
تحكُّم في المنافذالخبير الاقتصادي اليمني أسيل السريحي يؤكد أن غالبية المصانع الاقتصادية باليمن أغلقت، خاصة في مدينتي تعز والحديدة، بفعل قصف طائرات التحالف السعودي الإماراتي، ومنعه إدخال المواد الخام لها.
ويقول السريحي: "التحالف هو من يسيطر على جميع المنافذ الحدودية اليمنية، ومن خلال تحكُّمه فيها يسمح فقط بإدخال البضائع السعودية إلى الأسواق، خاصةً الاستهلاكية، ويرفض إدخال أي نوع من إنتاج دول أخرى".
ويوضح أنه لا يوجد خيار آخر لليمنيين والتجار إلا التعامل مع البضائع السعودية، بسبب الحصار المفروض، وانعدام إنتاج البضائع اليمنية بسبب إغلاق المصانع، والسياسة الاقتصادية للتحالف السعودي والإماراتي.
ويشير إلى أن البضائع السعودية التي أغرقت الأسواق اليمنية، وأبرزها العصائر والحليب، والدقيق، تباع بأسعار مرتفعة جداً، في ظل عدم وجود منافس آخر لها.
تصريح السريحي تطابق مع ما كشفه موقع "الخبر اليمني"، مؤخراً، عن ممارسة التحالف السعودي مضايقات على مَنفذ الشحن الحدودي مع سلطنة عُمان في محافظة المهرة، وعرقلة إدخال أي بضائع منه إلى اليمن.
ونقل الموقع عن مصدر محلي، أن القوات السعودية تتعمد عرقلة مرور الشاحنات المحملة بالبضائع ومضايقة التجار ومنع دخول بضائعهم.
منافع اقتصاديةالباحث والصحفي جوناثان فنتون-هارفي، المختص بالشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يؤكد أن الاستراتيجية الحربية السعودية، على امتداد النزاع، تهدف إلى تدمير اليمن وإضعاف الدولة، بهدف السيطرة على الاقتصاد المحلي.
ويقول هارفي في مقال له، نشره موقع "صدى" المختص بالشرق الأوسط: "تُظهر بيانات جمعتها وزارة الزراعة والري اليمنية أن السعودية تعمّدت استهداف السدود والخزّانات والقطاع الزراعي والأسواق في جميع المحافظات تقريباً، لا سيما على مقربة من الخطوط الأمامية للنزاع في مأرب وصنعاء وتعز وعدن".
ويوضح أن غارات السعودية استهدفت مزارع في اليمن، وشُنَّت مئات الغارات على أسواق تجارية، وأخرى على مستودعات للمواد الغذائية، وفقاً لإحصاءات صادرة عن مشروع بيانات اليمن.
ويرى أن الهدف من الغارات السعودية على المستودعات الغذائية والأسواق فرض الاعتماد الكلي على الواردات الغذائية القادمة من المملكة، واستخدامها وسيلةً للاستحواذ على السوق.
ويلفت هارفي إلى أنه قبل الحرب السعودية على اليمن كانت تجارة المملكة مع اليمن تستحوذ على ما نسبته 9.7% فقط من هذه الواردات، ولكن مع الحرب تتطلع الرياض إلى استغلال انهيار البنى التحتية اليمنية لزيادة حصّتها من هذه الواردات وإبقاء اليمن رهناً لها.
ويستطرد بالقول: "تعمل الرياض من خلال المشاريع الإنمائية والإعمارية، على تحقيق منافع اقتصادية، لا سيما تطوير طرق جديدة لزيادة قدرتها على تصدير النفط والغاز".
ويشير إلى أن مجموعة شركات هوتا النفطية بجدة، خططت في صيف 2018 لفتح ميناء لتصدير النفط بالمهرة. كما باشرت السعودية، في سبتمبر الماضي، العمل على إنشاء خط أنابيب نفطي بديل يمر بالمهرة وصولاً إلى بحر العرب.
ويوضح أن هذا الميناء وخط الأنابيب يؤمّنان معاً طريقاً داعماً للتصدير بديلاً لمضيق هرمز، الذي تدّعي السعودية أنه معرَّض لخطر حصار إيراني محتمل.
ويكشف أن الرياض عمدت إلى بناء رافعات لزيادة النشاط التجاري داخل الموانئ وخارجها، بغية تسريع هذه العملية الإنمائية وتثبيت السيطرة السعودية؛ وهو ما يؤدّي إلى تعزيز الدور الاقتصادي للمدن الخاضعة للتأثير السعودي في المدى الأبعد.
ويرى أن الموانئ والمنافذ تعتمد عليها السعودية لضمان تدفُّق متزايد للبضائع من خلالها، وسوف يُبدي القائمون عليها نزعة أكبر نحو السماح بالتدخل الاقتصادي من الشركات السعودية في المستقبل أو التساهل حياله.
وللعام الخامس توالياً، يشهد اليمن حرباً ضروساً بين التحالف السعودي الإماراتي، ومسلحي جماعة الحوثي الذين يسيطرون على محافظات، بينها العاصمة صنعاء، منذ سبتمبر 2014.
ويواجه التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن انتقادات ودعوات لعقوبات من قِبل مؤسسات ومنظمات حكومية ودولية؛ لاستهدافه المدنيين وانتهاكه حقوق الإنسان، متسبباً في مقتل نحو 10 آلاف شخص.
ارسال التعليق