انسحاب الإمارات من اليمن بداية خلاف استراتيجي مع الرياض
قالت شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية إن الشكوك والتكهنات تحوم حول مستقبل اليمن، في أعقاب تقارير أفادت الأسبوع الماضي بأن الإمارات سحبت فجأة قواتها من الحملة العسكرية التي تقودها السعودية على الدولة المجاورة. وأشارت الشبكة، في تقرير لها، إلى أن الإمارات كانت منذ أوائل عام 2015 حليفاً رئيسياً لجهود السعودية الرامية إلى طرد الحوثيين المدعومين من إيران من مناطق شاسعة من البلاد؛ حيث وفرت الآلاف من القوات البرية بالإضافة إلى الأسلحة والمال، في حرب تعرضت لتدقيق هائل وإدانة -هي الأوسع نطاقاً- من قِبل المجتمع الدولي، بسبب المخاوف من ارتفاع الخسائر البشرية.
ونقلت الشبكة عن بيتر سالزبوري، كبير محللي اليمن في مجموعة الأزمات الدولية، قوله: إن انسحاب الإمارات يُعتقد أنه يرتبط بالخسائر العالية التي لم يعد من الممكن تبريرها. من الصعب تحديد تكلفة المجهود الحربي التي تكبّدها الإماراتيون؛ لكنها تصل إلى المليارات دون احتساب المعونات والمساعدات التنموية. غير أن الخسارة الكبرى كانت لسمعتهم التي يعتزون بها؛ فقد واجهوا انتقادات مستمرة لم تتوقعها أبوظبي، ولا سيّما من واشنطن، بسبب دورهم في الحرب.
ونقلت الشبكة عن فارشا كودوفايور، كبيرة محللي أبحاث دول الخليج في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قولها: بالنظر إلى أن الإمارات لديها قوات برية في اليمن أكثر من السعودية، فإن التكلفة كانت على الأرجح عاملاً يؤدي إلى هذا القرار. إن سرعة الانسحاب تثير الدهشة؛ هذا يدل على أن أبوظبي حريصة على التخفيف من أي ضرر تكبّدته سمعتها نتيجة لتورطها في اليمن، لا سيّما مع تنامي المشاعر المعادية للسعودية في (الكونجرس)، وسعي (الكابيتول هيل) إلى محاسبة السعوديين.
وتقول الشبكة إن الإماراتيين يدّعون رسمياً أن الانسحاب يتماشى مع اتفاق السلام الهش الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في ديسمبر لوقف القتال في ميناء الحديدة، وهو مركز استراتيجي للإمدادات الإنسانية وشريان الحياة الاقتصادي للبلد الذي مزّقته الحرب. ورغم تأكيد الرياض على توافق أهدافها مع أهداف أبوظبي في اليمن، فإن هناك توقعات بأن يؤثّر الانسحاب الإماراتي تدريجياً على العلاقات الاستراتيجية بين الحليفين.
ويأتي إعلان الإمارات تقليص قواتها وسط توترات متصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران التي أسقطت طائرة أمريكية بدون طيار على مياه الخليج الاستراتيجية في أعقاب سلسلة من الهجمات على ناقلات النفط التي ألقت واشنطن باللوم فيها على إيران، التي بدورها نفت تورطها في ذلك. كما يأتي تحذير سيناتور ديموقراطي أمريكي من أن واشنطن قد تقطع مبيعات الأسلحة إلى الإمارات بسبب تقرير يفيد بأن الإمارات شحنت صواريخ أمريكية إلى قوات القائد العسكري خليفة حفتر في ليبيا، وتنفي الامارات هذه المزاعم. وقال السيناتورروبرت مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إذا تأكدت أخبار صحة شحنة الصواريخ المزعومة، فسيكون ذلك انتهاكًا خطيرًا للقانون الأمريكي وخرقا لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا بالتأكيد.
وخارجيا تلاحق القضايا والإدانات الإمارات بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب في اليمن، والتعذيب. وهذه القضايا لا تطارد السلطات الإماراتية وحدها بل شركات مرتزقة عملت مع الإمارات في اليمن. ونهاية العام الماضي رفعت منظمة التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات “عدل” مدعومة بـ 1000 وثيقة وشهادة بمحكمة الجنايات بباريس ضد ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، تتهم الدولة بالضلوع في جرائم حرب في اليمن.
وفي شهر مارس 2019 تقدم مكتب محاماة انسيل الفرنسي، بدعاوى قضائية ضد مرتزقة فرنسيين يعملون لصالح شركة خاصة أمريكية، لاتهامهم بارتكاب جرائم حرب ضمن النزاع اليمني بتمويل من الإمارات. إضافة إلى ذلك وخلال أعوام الحرب الأربعة عانت الإمارات من خسائر في الاقتصاد، حيث أصبحت الدولة تعاني من اقتصاد هشّ، وتضاعف الجبايات على المواطنين والمقيمين للتخلص من عجز الموازنة الذي تفاقم في الدولة. ويبدو أن لحرب اليمن تأثيرا كبيرا إلى جانب رعاية حروب أخرى في مصر وليبيا وتونس؛ لكن اليمن هي أقسى تلك الحروب التي تحولت إلى ثقب أسود يلتهم المال العام ويمكن الإشارة إلى أن الدولة بدأت تعاني بالفعل من سوء تلك المؤشرات وأصبحت تزيد من فرض الضرائب والرسوم الحكومية على المواطنين والمقيمين. ولا تعلن الإمارات أي أرقام رسمية حول إنفاقها العسكري، لكن التقديرات تظهر أنها تنفق قرابة 1.3 مليار دولار شهرياً (على أقل تقدير) في اليمن، في العمليات البرية والجوية ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ما يصل إلى (16 مليار دولار) سنوياً.
ارسال التعليق