انقلاب الترفيه في السعودية يثير تساؤلات حول الهوية
أبرزت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن انقلاب الترفيه ونشر الإفساد والانحلال في السعودية يثير تساؤلات مواطني المملكة حول الهوية وضياع قيم المجتمع.
وسلطت الصحيفة الضوء على التحول الثقافي السريع بالسعودية والذي يثير جدلا واسعا بين السعوديين أنفسهم في بلد يعرف بأنه قبلة المسلمين.
قبل حوالي أربعة عقود أبرم النظام الملكي السعودي صفقة منحت السلطات الدينية شديدة المحافظة سيطرة واسعة على الثقافة في مقابل ولاء رجال الدين للتاج، بحسب الصحيفة الأميركية.
وساعدت الصفقة على وقف موجة التطرف السياسي في السعودية والتي كانت تجتاح الشرق الأوسط، ولكنها أدت إلى أن تصبح المملكة واحدة من أكثر الأماكن المغلقة في العالم.
ومنذ وصوله لولاية العهد عام 2017، عمل محمد بن سلمان على تهميش السلطات الدينية في محاولة للانفتاح ونشر الإفساد والانحلال.
وساهمت تحولات وريث العرش البالغ من العمر 37 عاما في المملكة بالسماح للمرأة بقيادة السيارة وحضور الملاعب الرياضية وإلغاء قوة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (شرطة الأخلاق) وفتح البلاد للترفيه من حفلات البوب إلى الأفلام والأحداث الرياضية التي تم حظرها في السابق باسم الالتزام الديني الصارم.
في ديسمبر الماضي، استقطب مهرجان موسيقي ضخم في حي البلد بجدة حوالي 25 ألف شابا يحتفل وسط هذه المدينة الساحلية السعودية القديمة على البحر الأحمر.
وعلى الرغم من قلة الانتقادات العلنية للمهرجان الذي حول شوارع البلد إلى حفل موسيقي في الهواء الطلق، إلا أن سعوديون يجادلون بشأن ما إذا كانت بلادهم تتغير بسرعة كبيرة بعد أن كانت لعقود مغلقة.
بالنسبة للبعض، فإن تجاور التقليدية يرمز إلى السعودية الجديدة. وقالت لولا محمد، محاسبة تبلغ من العمر 23 عامًا، “علينا أن نكون منفتحون على الأشياء الجديدة”. وأضافت أن المهرجان كان حدثا “يقدر موروثي ويحتضن المستقبل أيضا”.
وجد آخرون أن إقامة مهرجان للموسيقى الصاخبة ذات الطابع الغربي في الغالب بحي مصنف على مواقع التراث العالمي لليونسكو أمر مثير للقلق.
قال حسن أحمد، 31 عاما تاجر في حي البلد: “إنه أمر مزعج للغاية أن هذا المكان، المرتبط بشكل وثيق بتاريخنا وتقاليدنا الإسلامية، أصبح الآن مسرحًا للصخب وأضواء النيون والموسيقى”.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن هذا الجدل يثار على وسائل التواصل الاجتماعي وحول موائد العشاء في جميع أنحاء المملكة.
وظهر في المهرجان الذي أطلق عليه اسم “بلد بيست” بعض الموسيقيين من الخارج، بما في ذلك مغني الراب الأميركي، بوستا رايمز، لكنه جاء على الهوية القديمة لحي البلد التاريخي.
وبحسب الصحيفة، تم إعداد المسرح ليبدو وكأنه واجهة منزل قديم في قرية البلد، فيما ملأت رائحة البخور الهواء، وحتى النادلين يقدمون القهوة السعودية والتمر بالزي التقليدي.
وكان مغني الراب السعودي، مؤيد النفيعي، يرتدي الزي التقليدي بينما يصدح على مسرح “بلد بيست” وهو يصرخ باللغة الإنكليزية “اصرخوا بصوت عال يا أهل جدة”.
قالت سارة خالد، المستشارة البالغة من العمر 31 عامًا، التي تزور مسقط رأسها جدة من العاصمة الرياض، “أحب أنهم ظلوا صادقين مع هوية البلد الحقيقية”.
وأضافت “نحصل على المشهد الاحتفالي وكذلك المشاعر الرمضانية”، في إشارة إلى المهرجان السنوي الذي يقام في البلد خلال شهر رمضان المبارك.
بعد حظر طويل، أعادت السعودية تقديم الموسيقى في الأماكن العامة خلال السنوات الأخيرة مع امتلاء قاعات الحفلات الموسيقية والليالي المفتوحة بسرعة.
وخططت الحكومة لبدء دروس الموسيقى في المدارس العامة، ولكن كان هناك رد فعل عنيف بين الآباء على هذه الفكرة. وأجلت الحكومة الخطط، مشيرة إلى الحاجة إلى تدريب المعلمين.
وقال علي الشهابي، وهو محلل سياسي سعودي غالبا ما يتفق مع آراء الأمير محمد، إن شعبية الأحداث مثل “بلد بيست” وغيرها من خيارات الترفيه العامة الجديدة، يجب أن يتم الحكم عليها بناءً على حضور عشرات الآلاف من السعوديين.
ومع ذلك، تقول صحيفة “وول ستريت جورنال” إنه “لا يوجد استفتاء موثوق به في المملكة العربية السعودية” يظهر حجم التأييد والمعارضة لأحداث الترفيه.
وقال الشهابي: “أعتقد أن هناك القليل من العلاج بالصدمة في استراتيجية الحكومة لأنه يقوم بإرسال الرسائل للمجتمع بأنه يمكنك أن تكون مبدعًا وأن تكون أكثر انفتاحًا ويمكنك تجربته”.
ارسال التعليق