انقلاب الجنوبيين في اليمن يعقّد وضع بن سلمان
إعلان الإدارة الذاتية أو انقلاب الجنوبيين في خمس محافظات يمنية، رغم أنه لم يكن بمستبعد ، لکنه جعل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة لمحمد بن سلمان من أي وقت مضى ، وخيبت آمال ال سعود الأخيرة في الهيمنة علی اليمن.
في الحقيقة إن قيام الجنوبيين بإعلان الإدارة الذاتية في اليمن إنما هو إجهاز علی اتفاق الرياض الذي لا يمضي سوی بضعة أشهر علی عقده وکان من المقرر أن يؤدي إلی تصفير جميع المشاکل العالقة فيما بين السعودية والإمارات وبالتالي الخلافات الموجودة بين عملائهما في اليمن أي الجنوبيين و منصور هادي.
وحتی عهد قريب فإن تصاعد وتيرة الاغتيالات في المناطق الجنوبية لاسيما في عدن وأخيرا فشل المحتلين في حل مشاکل مثل الفيضانات وانقطاع الکهرباء المتکرر و... قد أوصل أهالي الجنوب إلی إحاطة مفادها أنه من المستحيل توفير الأمن وتحسين سبل العيش في هذه المنطقة من اليمن في ظل استمرار حرب التحالف الدائرة وحرمان الناس من إدارة شؤونهم. من وجهة نظر الجنوبيين فإن الرابح الوحيد مما يجري في اليمن إنما هو السعودية وحکومة هادي، ولهذا فبالإعلان عن الإدارة الذاتية وبالطبع دون أن يستهدفوا السعودية رسميا ثاروا ضد الحکومة العميلة لهادي.
ويبدو أن هذا القيام بهذا الإجراء من قبل الجنوبيين قد جری تنفيذه بالتنسيق التام مع دولة الإمارات وأن "عید روس الزبیدي "و"هاني بريك " بهذه الممارسة إنما حققا مطالب الإمارات علی أرض الواقع.
وبالرغم من أن تمرد الجنوبيين هذا قد سبق له مثيل وتجلی بشكل متكرر في شكل اشتباكات وطرد قوات هادي، لکن يبدو أن صراع ابن سلمان مع الأزمات النفطية والحج والمشاكل الداخلية الناتجة عن صراع السلطة بين معارضي سلطة ولي العهد، والهجمات المکثفة من قبل مؤسسات حقوق الإنسان علی حكومة سعود في مواجهة المعارضة، وتفوّق الحوثيين وامتلاکهم لليد العليا في حربهم مع السعودية، وتعاظم الازدواجية بين أهداف وطموحات السعودية والإمارات تجاه اليمن، کل هذه العوامل وفرت الظروف الأنسب للجنوبيين لإعلان الإدارة الذاتية.
ينقسم جنوب اليمن حالياً إلى شطرين: إماراتي وسعودي، وفي محافظات عدن ولحج وأبين، يتولى المجلس الانتقالي وفي الحقيقة الإمارات اليد العليا، کما تلعب السعودية الدور الغالب في حضرموت وشبوة ومهرة. وتأسيسا علی ما سبق يبدو أنه إذا ما نجح الجنوبيون في توحيد مختلف المحافظات في جنوب اليمن، فلن يكون من المستبعد أن يُضطر بن سلمان إلى التخلي عن دعمه لهادي خلال صفقة مدروسة. ومن البدهي أن هذا الاختيار سيكون صعبًا للغاية بالنسبة لابن سلمان. لأنه من ناحية ، يجب عليه أن يؤيد من دون إرادة، انتصار الإمارات في اليمن ، ومن ناحية أخرى أن يستودع ذريعته الوحيدة (دعم حکومة هادي) بشأن التدخل في اليمن وشن الحرب عليه طوال ست سنوات.
ويشهد اليمن منذ 2015 حرباً مدمرة تتواضع أمامها جرائم الحرب بين التحالف السعودي ـ الإماراتي والميليشيات التابعة له من جهة، والحوثيين الشيعة من جهة ثانية بذريعة اعادة عبد زربه منصور هادي الى سدة الحكم، حيث تسببت هذه الحرب بمقتل وإصابة عشرات الآلاف، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال بحسب احصائيات منظمات دولية إنسانية، ناهيك عن المجاعة، والأمراض المزمنة، التي خلفها الحصار، الذي فرضه التحالف على الشعب اليمن الفقير.
ارسال التعليق