بعد "تبرئة الكبار" من دماء خاشقجي.. تدويل القضية هو الحل
التغییر
فاجأ نظام آل سعود الرأي العام العالمي، الإثنين، بإصدار أحكام قضائية أولية لم تمس مقربين بارزين من ولي عهد آل سعود محمد بن سلمان، يشتبه بضلوعهم في اغتيال الصحفي الإصلاحي السعودي، جمال خاشقجي، ما دفع حقوقيين ومعنيين إلى التأكيد على ضرورة تدويل القضية، رغم رفض الرياض.
بعد نحو عام من جلسات غير علنية وعدم إعلان أسماء المتهمين، أعلنت النيابة العامة التابعة لآل سعود عدم توجيه تهم لسعود القحطاني، وهو مستشار لأبو منشار، بجانب تبرئة أحمد عسيري، النائب السابق لرئيس استخبارات آل سعود، ومحمد العتيبي، القنصل السعودي السابق بمدينة إسطنبول التركية حين ارتكاب الجريمة.
هذه الأحكام حفزت حقوقيين عربيين ومنظمة دولية وأسرة حقوقية سعودية محتجزة على العودة إلى خيار أهمية إجراء محاكمة خارج السعودية، بالتزامن مع رفض تركي وانتقاد أممي ودولي لتلك الأحكام.
وفي 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، اختفى خاشقجي (59 عامًا) عقب دخوله قنصلية بلده في إسطنبول، وبعد 18 يومًا من الإنكار، أعلنت الرياض مقتله، إثر ما قالت إنه "شجار" مع سعوديين.
وبعد نحو ثلاثة أشهر بدأت محاكمة المتهمين غير المعروفين إعلاميًا، دون الكشف عن مكان الجثة حتى الآن، ومع رفض لتدويل القضية.
محاكمة دولية
محمد جميل، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، قال للأناضول، إن "الأصل في الظروف الطبيعية مع افتراض أن السعودية تتعامل مع القضية بنية حسنة وشفافية هو أن يتم عقد اتفاقية مع تركيا لتسليم المتهمين لمحاكمتهم وفق معايير دولية معروفة، لكن هناك تعنت من الرياض".
وبشأن إعراب أسرة خاشقجي عن رضاها عن الأحكام، أكد أن "القضية جريمة قتل عمد ولها طابع دولي عابر للحدود، وتنازل العائلة أو تصالحها وحصولها على تعويض مادي ليس له أي أثر على الدعوى الجنائية".
وأشار إلى أن قضية خاشقجي "قيد التدويل بالفعل (..) لدينا لجنة تحقيق دولية خلصت إلى نتائج، ولو أنها قضية محلية لما كانت هناك لجنة".
وشدد على أنه "عندما يكون هناك تدويل للمحاكمة والسير بإجراءات صادقة لإنشاء محكمة، فإن هذا يعني ضغوطًا وعقوبات على نظام آل سعود لتسليم المتهمين".
ورأى أن "المحاكمة شابها بطلان مطلق نظرًا لسريتها وعدم شفافيتها، وجاءت الأحكام غير منطقية نتيجة للتلاعب بسير المحاكمة".
واستدرك: "لكن كل ذلك مرهون بتحول ما على المستوى الدولي والضغط من باب عدم الاعتراف بهذه المحاكمة وعدم معقوليتها وتشكيل محكمة دولية".
رسالة إرهابية
متفقًا معه، قال المدير الإقليمي للمنظمة العربية، مصطفى عزب، للأناضول، إن "غياب العدالة في نظام آل سعود يجعل تدويل قضية خاشقجي أمرًا ضروريًا، خاصة وأن هذه القضية ليست جريمة قتل عادية، وتشكل انتهاكًا دبلوماسيًا جسيمًا، إضافة إلى ما تحمله من رسالة إرهابية للصحفيين في العالم".
وأضاف عزب: "أي حديث عن محاكمات داخل السعودية هو محض عبث".
وتابع: "فمن المعروف أن السلطة القضائية التابعة لآل سعود لا تتسم بأي قدر من الاستقلال قد يتيح لها توجيه اتهام لفرد أمن عادي، فضلًا عن قيادات بارزة في النظام السعودي، وعلى رأسهم (محمد) بن سلمان".
العقول المدبرة
أعلنت مقررة الأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالاماردر، في تغريدات الإثنين، أن "العقول المدبرة (لاغتيال خاشقجي) لم يمسها التحقيق أو المحاكمة، وهذا يتنافى مع العدالة، والجريمة يتحملها نظام آل سعود".
ومعربة عن رفضها للأحكام، قالت منظمة العفو الدولية، في بيان، إنه "لا يمكن أن تتحقق العدالة لجمال خاشقجي إلا بإجراء تحقيق دولي مستقل ونزيه".
هذه المحاكمة الدولية هي خيار يبحث عنه السعوديان وليد وعلياء الهذلول، شقيقا الناشطة المحتجزة لجين، من أجل محاكمة القحطاني، الذي تتهمه الأسرة بتعذيب ابنتها والتحرش بها، بعد تأكد إفلاته من قضية خاشقجي، وفق ما أعلنا عنه عبر حسابهما بـ"تويتر"، الإثنين.
"عدالة راسخة"
واصفًا الإثنين بأنه "يوم تاريخي"، اعتبر عبد الرحمن اللاحم، محامٍ مؤيد لولي عهد آل سعود، من منظور رسمي، أن "أحكام قضية خاشقجي صارمة وحاسمة، وأثبت صحة كلام القيادة بأن كل من تورط في هذه الجريمة سينال عقابه"، بحسب ما نقلته فضائية "العربية" التابعة لحكومة آل سعود.
كما نقلت عن فهد الشقيران، كاتب سعودي، قوله إن "قضاء آل سعود مؤسسة عريقة أثبتت للعالم أن هناك قضاءً وإجراءات دقيقة ويمكن لآل سعود أن يصلوا إلى إصدار أحكام وفق الأدلة المتوفرة"! حسب زعمه.
خيار التدويل
مع إعلان الأحكام الأولية في قضية خاشقجي، ترصد الأناضول أبرز المواقف بشأن خيار تدويل القضية:
-23 ديسمبر/ كانون الأول 2019.. تبرئة الكبار
أصدرت محكمة تابعة آل سعود أمس الإثنين، أحكامًا أولية بإعدام 5 أشخاص (لم تسمهم) بين 11 مدانًا، وتبرئة القحطاني وعسيري والعتيبي.
وثمة اتهامات لولي عهد آل سعود بأنه من أصدر الأمر باغتيال خاشقجي، وهو ما تنفيه الرياض.
وصفت الخارجية التركية الحكم السعودي بأنه "بعيد عن تلبية تطلعات أنقرة والمجتمع الدولي"، ويعبر عن "قصور أساسي في تجلّي العدالة ومبدأ المساءلة".
وجددت الإعراب عن تطلع تركيا إلى تعاون قضائي مع سلطات آل سعود في جريمة اغتيال خاشقجي.
- 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.. تقصير سعودي
مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، قال داخل الكونغرس، إنه تم إبلاغ آل سعود بأن هناك تقصيرًا في العملية القضائية لمحاسبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي.
- 30 سبتمبر/أيلول 2019.. محاكمة وطنية ودولية
قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في مقال كتبه لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن السعي إلى عدم بقاء الجناة من دون عقاب هو "دَين علينا لعائلة جمال خاشقجي".
وتابع: "نؤمن بأن العدالة لن تتحقق إلّا على يد المحاكمة الوطنية والدولية".
- 21 يونيو/ حزيران 2019.. مطالبة بتحقيق أمريكي
حمل تقرير أممي، أعدته أغنيس كالامارد، المسؤولية الأولية عن اغتيال خاشقجي لمحمد بن سلمان.
ودعا التقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي إلى البدء بتحقيقه الخاص بشأن الجريمة.
وانتقدت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية (شبه رسمية) هذا التقرير، معتبرة أنه "غير محايد وفاقد للمصداقية".
- 14 يونيو/ حزيران 2019.. مشكلة دولية
قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إن "جريمة قتل خاشقجي مشكلة دولية".
- 14 مارس/آذار 2019.. مذكرات توقيف
أعلنت وزارة العدل التركية أن المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول) أصدرت "نشرات حمراء" لاعتقال وتسليم 20 شخصًا مطلوبين للاشتباه بهم في قضية خاشقجي، في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، و21 ديسمبر/ كانون الأول 2018، و1 مارس/ آذار 2019.
-3 مارس/آذار 2019.. انتقاد أمريكي
قال التقرير الأمريكي لحقوق الإنسان في العالم لعام 2018 إن حكومة آل سعود لم تقدم شرحًا مفصلًا لاتجاه التحقيق بشأن مقتل خاشقجي.
- 25 يناير/ كانون الثاني 2019.. فريق مستقل
أعلن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في بيان، أن فريقًا مستقلًا سيزور تركيا للوقوف على "طبيعة ومدى المسؤوليات الواقعة على دول وأفراد فيما يتعلق بقتل خاشقجي".
- 21 يناير/كانون الثاني 2019.. تحقيق دولي
قال تشاووش أوغلو إن تركيا أنهت استعدادها من أجل تحقيق دولي، وستقدم على هذه الخطوة خلال الأيام المقبلة.
- 4 يناير/ كانون الثاني.. مطالبة بتحقيق دولي
طالب مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في بيان، بـ"إجراء تحقيق مستقل بمشاركة دولية".
- 25 ديسمبر/ كانون الأول 2018.. 3 مسارات
تطرق تقرير بعنوان "تدويل قضية مقتل خاشقجي: الاحتمالات والآفاق"، نشره مركز الجزيرة للدراسات (غير حكومي)، إلى احتمالات المواجهة القضائية الدولية.
وناقش التقرير 5 خيارات: هي نظر المحكمة الجنائية الدولية، أو إنشاء محكمة خاصة كمحاكمة قتلة رئيس وزراء لبنان، رفيق الحريري عام 2005، أو تشكيل فريق تحقيق دولي محايد، أو المحاكمة في دولة ثالثة، أو احتجاج تركيا بمسؤولية الدولة السعودية وليس الأفراد.
وخلص التقرير إلى أن المقترح الأول غير واقعي لأن المحكمة الجنائية مسؤولة عن جرائم الحرب والإبادة، وليس من اختصاصها القتل الجنائي، والخيارات الثانية والثالثة والرابعة ستكون صعبة لغياب الموافقة من قبل نظام آل سعود.
أما الخيار الخامس فلم يتم من جانب أنقرة، خاصة وأنه يتطلب اعتذارًا من آل سعود، وترضية للجانب التركي، الذي انتهكت الرياض سيادته.
ورأى التقرير أن الضغوط الدولية الجدية ستكون سببًا في تدويل القضية، مستدركا "لكن هناك غياب للضغوط الدولية الجدية".
- 3 ديسمبر/ كانون الأول 2018.. تأييد فرنسي للتدويل
أعلنت الخارجية الفرنسية، في بيان، عن تأييدها "منح قضية خاشقجي بُعدا دوليا".
-5 ديسمبر/ كانون الأول 2018.. تمسك بالتدويل
قال تشاووش أوغلو: "لن نتردد في اللجوء إلى التحقيق الدولي إذا حصل انسداد في مسار قضية خاشقجي".
وأعلنت المفوضة الأممية السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، أنه يجب إجراء تحقيق دولي لتحديد المسؤول عن الجريمة.
- 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018.. عقوبات كندية أمريكية
أعلنت الخارجية الكندية فرض عقوبات على 17 مواطنًا سعوديًا لارتباطهم بالجريمة.
وقبلها بنحو أسبوعين أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على 17 سعوديًا، بينهم القحطاني والعتيبي.
- 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2018.. خرق للقانون الدولي
قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إن اغتيال خاشقجي "خرق لأعراف القانون الدولى".
- 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2018.. الأسرة تطالب بالتدويل
دعا عبد الله، نجل خاشقجي، في أول بيان له عبر حسابه بـ"تويتر"، إلى "تشكيل عاجل للجنة مستقلة وحيادية ذات طبيعة دولية لتقصي الحقائق حول ملابسات اختفائه والأنباء المتضاربة عن مقتله".
لكن عقب صدور الأحكام، الإثنين، اعتبر عبد الله وشقيقه صلاح، في بيان، أن قضاء المملكة أنصف والدهما.
ارسال التعليق