التغيير

تجمع الأوساط العسكرية على وصف محمد بن سلمان بأنه أفشل وزير دفاع في تاريخ آل سعود بعد أن قوض أمن المملكة وفشل في تحصينها.

وعلى مدار أعوام توليه سلسلة مناصب أبرزها وزارة الدفاع، حفل عهد محمد بن سلمان بالانتكاسات والإخفاقات وفشل في حماية أمن المملكة رغم ما أنفقه من أموال طائلة.

وتواجه المملكة عدة تهديدات أولها من الجارة إيران وعملياً للدولتين مواجهة مسلحة في عدد من الساحات منذ سنوات كثيرة.

فالمملكة تحارب ضد أنصار الله في اليمن؛ وثمة منشآت نفط وناقلات نفط للمملكة تعرضت لمهاجمة من جهات مختلفة عدة مرات؛ كما هناك هجمات سايبر متواترة تنفذ ضد المملكة.

ويزيد وجود إيران في العراق الشعور لدى القيادة في المملكة للمرة الأولى بأنها طهران تحاصرها من كل الجهات.

كل ذلك، إضافة إلى تخوفها من المشروع النووي الإيراني وأهميته لحرية نشاطات إيران في المنطقة.

في ظل الحرج، لم يتهم آل سعود إيران بشكل مباشر بسبب ضعفهم مقارنة معها، وبسبب حاجة إلى الاهتمام بأمنهم بأنفسهم. ولكن ساد فهم في المملكة بخصوص قلة طرق الرد ضد هجوم من هذا النوع.

التهديد من اليمن. خلال سنوات الحرب الست، نجح أنصار الله في تنفيذ عدد كبير من عمليات التسلل عبر الحدود إلى المملكة مع أخذ أسرى، وأحرجوا جيش آل سعود المزود بأفضل أسلحة الغرب.

مع ذلك، تنجح المملكة في الاحتفاظ بالحدود الطويلة وتمنع عمليات واسعة النطاق في عمق أراضيها. أساس التهديد من حدود اليمن يأتي من البعد الجوي، ويتمثل بالإطلاق الحاد للمسار، الذي استمر لسنوات، نحو بلدات تقع على الحدود ونحو أهداف في المنطقة التي فيها مطارات ومنشآت نفط ورموز للنظام.

يتم بين حين وآخر إطلاق النار على أهداف عسكرية واقتصادية ومدنية في عمق المملكة. في القطاع البحري المجاور لليمن أثبت أنصار الله القدرة على المس بناقلات النفط في البحر الأحمر، وحتى مهاجمة سفن قرب ميناء جدة وميناء ينبع.

التهديد من العراق. يشكل العراق تهديداً مضاعفاً بالنسبة للمملكة، لأسباب: أولاً، في الدولة مجموعة قوات مسلحة قد تتوجه ضد المملكة إذا صدر لها أمر بذلك.

ثانياً، قد تتسلل جهات سنية راديكالية، من بقايا داعش، عبر الحدود البرية الطويلة وتنفذ عمليات ضد أهداف في المملكة. أيضاً الحدود مع الأردن تشكل تحدياً مشابهاً لتسلل جهات معادية ووسائل قتالية إلى المملكة.

الساحة الداخلية. هناك عناصر خطر أخرى في أوساط السكان الساخطين وقوات الأمن وحتى داخل العائلة المالكة نفسها. عمليات الانقلاب التي يتبناها بن سلمان، تسرع التوترات الداخلية التي تزيد خطر المؤامرات السرية والنفوذ الأجنبي في المملكة.

السايبر: من الطبيعي أن معلومات رسمية قليلة جداً تنشر حول موضوع تهديدات السايبر على المملكة. في الوقت نفسه، يبدو أن المملكة من بين الدول الأكثر مهاجَمة في العالم في مجال السايبر.

عند تعرض البنى التحتية لـ “آي.تي” بهجمات ثابتة من جهات معادية، فثم تقدير بأن إيران هي مصدر معظم الهجمات التي تركز على البنى التحتية، مثل الكهرباء والطاقة والمياه والتحلية ورموز الحكم.

التنافس على التفوق العسكري

التهديد الأكثر جوهرية الذي تواجهه المملكة الآن هو الهجوم بالصواريخ والطائرات المسيرة الدقيقة، الذي يمس بمنشآت النفط والبنى التحتية الحيوية، ومحطات التحلية وإنتاج الكهرباء.

يتعلق التهديد المحتمل بأربعة مجالات، وهي هجوم في الوقت نفسه في عدة جبهات ونحو جميع المملكة، وقدرات دقة مثبتة، لا سيما أمام منشآت استراتيجية ثابتة ومعروف مكانها، وفجوة في الإنذار من هجوم مفاجئ واختراق استخباري وعملياتي.

لإيران ترسانة كبيرة من صواريخ كروز وصواريخ أرض – أرض والطائرات المسيرة في الشرق الأوسط، تغطي كل أراضي المملكة ، وضمن ذلك منشآت استراتيجية على شاطئ البحر الأحمر.

وتحسين الدقة والمدى وزيادة القدرة على القتل، إلى جانب قدرة إيران على الإطلاق من عدة ساحات، كل ذلك يضع عقبات جوهرية أمام قدرة الدفاع الجوي للمملكة.

عملياً، هوجمت المملكة في السنوات الأخيرة من ثلاث ساحات (حتى لو لم يكن في الوقت نفسه)، وقدرة الدقة الإيرانية تم إثباتها بالإصابات في الهجوم على منشأة “أرامكو” في أبقيق.

من أجل الوصول إلى هذا المستوى من الدقة، احتاجت إيران إلى تخطيط مسبق لـ “بنك أهداف” ومعلومات استخبارية نوعية (مسبقة وفي الوقت الحقيقي). من هنا، يبدو أن المملكة قابلة للاختراق أمام نشاطات إيران لجمع المعلومات في أراضي المملكة.

رغم التمويل الضخم الذي استثمر في أنظمة الدفاع في المملكة، لا سيما شراء التكنولوجيا الغربية المتطورة (بطاريات باتريوت 3، باك، أنظمة تي.اتش.اي.اي.دي)، إلا أنها تجد صعوبة في الصمود أمام الأحمال الزائدة، وستجد صعوبة في إحباط هجوم واسع النطاق في عدة ساحات في الوقت نفسه.

هذا يثير التساؤل حول قدرة المملكة على توفير تحذير كاف من هجوم مفاجئ، لا سيما إذا لم يتم نقل معلومات استخبارية حساسة لها من الولايات المتحدة في الوقت الحقيقي.

وثمة نقطة ضعف عسكرية أخرى تتمثل بمحدودية قدرة المملكة البحرية. رغم أن مسارات الملاحة في مضائق هرمز وباب المندب تشكل شرياناً حيوياً للمملكة، إلا أنها في مكان متدن بالنسبة لإيران في هذه الساحة. إيران من ناحيتها تستخدم بشكل كبير تكتيكات غير متكافئة، مثل سرب من عشرات السفن الصغيرة والسريعة التي تظهر فجأة، وصواريخ شاطئ وزرع ألغام بشكل كبير في منطقة الخليج.

إضافة إلى ذلك، يستخدم أنصار الله في ساحة البحر الأحمر زرع الألغام في البحر بشكل كبير وهجمات مندمجة بوسائل مسيرة (الطائرات المسيرة والقوارب المسيرة).

إن بناء القوة هذا لا يناسب تطور التهديدات التي تنبع من السفن السريعة التي يصعب تحديد هويتها. علاوة على ذلك، القدرات البحرية للمملكة في ساحة البحر الأحمر منخفضة بدرجة بارزة. وأمام ازدياد تهديد أنصار الله في الساحة البحرية، ستقف المملكة أمام قربة مثقوبة.

في البر، القيود التي يواجهها الجيش تشمل قوة بشرية صغيرة نسبياً، ونقصاً في إدارة الموارد، وبنية تحتية تكنولوجية ناقصة، وفجوات عميقة في القدرات القيادية.

صعوبات الجيش البري وجدت تعبيرها في عشرات الأحداث على الحدود مع اليمن وفي الخسائر التي تكبدتها خلال سنوات. هذه القيود تناقض بشكل كبير كمية الموارد الضخمة التي تستثمرها المملكة في الأمن.

إن اعتماد المملكة على أرباح النفط لتوفير معظم نفقاتها، يؤثر أيضاً في قدرتها على إدارة ميزانية أمنية متعددة السنوات وتحقيق أهداف الأمن وبناء القوة التي وضعتها.

على سبيل المثال، في السنوات الأربع التي سبقت تدخل المملكة في اليمن، زادت النفقات على الأمن في المملكة 63 في المئة.

ولكن في العام 2020 حدث هبوط في حجم الاستثمار الشامل في الأمن 37 في المئة للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في اليمن. ويبدو أن ذلك بسبب انخفاض أسعار النفط والموارد التي فرضها وباء كورونا.

ولإثبات ذلك، فإن نفقات الأمن في المملكة في العام 2020 بلغت 57.5 مليار دولار. أي 10 في المئة أقل من العام 2019. ورغم ذلك، بقيت المملكة هي مستورد السلاح الأكبر في العالم، حيث 11 في المئة من إجمالي السلاح الذي ينتج في العالم يوجه للسوق في المملكة (80 في المئة من هذا السلاح مصدره الولايات المتحدة، 10 في المئة بريطانيا والباقي مصدره دول أخرى).

يبدو أن المملكة تستثمر جهوداً وأموالاً كبيرة لتطوير أدوات ورؤى لمواجهة التهديد المتزايد في مجال السايبر، الذي يظهر بأنه الخاصرة الرخوة لنظام آل سعود.

ولكن جهات داخلية تضع صعوبات أمام المواجهة. أولاً، الانقسام الداخلي في نظام آل سعود. والصلاحيات ذات الصلة تنقسم بين كثير من مراكز القوة التابعة لوزارات وهيئات مختلفة. وهو الوضع الذي يصعب على صياغة وتنفيذ سياسة إلكترونية موحدة توفر الاستجابة الأمنية للاحتياجات المتنوعة للمملكة.

وثمة عائق آخر يتعلق بذلك، وهو تدهور التكنولوجيا النسبي في المجتمع المحلي. هذه المشكلة غير الخاصة بالسايبر، تعكس ضعف المملكة التي ما زالت بحاجة إلى البنى التحتية، البشرية والتكنولوجية، المطلوبة للوصول إلى قدرات متطورة.

وصناعة تكنولوجيا المعلومات تشكل حوالي 0.4 في المئة فقط من الناتج الإجمالي للمملكة. وتعتمد المملكة بالأساس على المساعدات الخارجية لاحتياجاتها المدنية المرتبطة بالإنترنت.