تصاعد السخط اليمني على التحالف السعودي
تزايد السخط الشعبي اليمني على التحالف السعودي الإماراتي وطالب نشطاء ومتظاهرون في عدة مدن يمنية بانسحاب قوات التحالف من اليمن وارتفعت هتافات داوية ضد السعودية ورفع المتظاهرون شعارات من بينها"لا تحالف بعد اليوم.. برع (برا) برع (برا) يا سلمان".
وقد أصبحت المظاهرات شبه يومية بعد أن ضاقت باليمنيين سبل الحياة، ولم يعد الملايين منهم قادرين على تحمل المزيد من سلوك التحالف بعد أربع سنوات من الحرب على بلادهم. وبحسب هؤلاء المتظاهرين، فقد تكشف الوجه الحقيقي لتحالف السعودية والإمارات، وبدت طموحاته واضحة في الاستحواذ والسيطرة على مقدرات البلاد، ومحاولة إطالة أمد الحرب، وخلط أوراق المشهد السياسي، وتدمير الوضع الاقتصادي، حتى أضحى الكثير منهم يتساءلون: هل جاء التحالف لإنقاذنا فعلاً أم لقتلنا وتبديد طموحاتنا في استعادة دولتنا؟ ولعل الاحتجاجات الغاضبة في عدد من المحافظات اليمنية أمس الأول، والمطالبة برحيل التحالف من البلاد؛ هي أكثر ما يلخص مخاوف اليمنيين من القادم الذي ينتظرهم، وتبرز جلياً كيف يخسر التحالف الشارع اليمني، وكيف فقد الناس ثقتهم به، وإدراكهم انحرافه عن أهدافه المعلنة في تخليصهم من الوضع الذي يعيشونه.
وفي سياق متصل، شهدت مديرية الشيخ عثمان بالعاصمة المؤقتة عدن، صباح السبت مسيرة جماهيرية للمئات من أنصار مجلس الحراك الثوري بزعامة حسن باعوم. وهتف المتظاهرون ضد التحالف السعودي الإماراتي وضد الحكومة الشرعية، وحملوا لافتات منددة بالتدهور الاقتصادي في البلاد، وسوء الأحوال المعيشية، وتدهور العملة الوطنية "الريال اليمني".
ويعتبر مجلس الحراك الثوري من أبرز فصائل الحراك الجنوبي المناهضة لتواجد التحالف السعودي الإماراتي، ويعمل بشكل مضاد لما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي شكلته وتدعمه الإمارات للعمل على فصل جنوب اليمن عن شماله وإنهاء الوحدة الوطنية.
وأوضح المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن اليمنيين اصطفوا في البداية خلف عاصفة الحزم عام 2015، معتقدين بأنها ستنقذ اليمن من انقلاب الحوثيين، "لكن تبين أن تلك الاعتقادات كانت خاطئة".
واستشاط اليمنيون غضباً بعد إقصاء التحالف السلطة الشرعية عن دورها الدستوري، كما حدث في عدن (جنوبي البلاد)، ويحدث في سقطرى والمهرة، حيث بدأ التمهيد لتلك التجاوزات من خلال تعطيل الموارد والمرافق السيادية للدولة اليمنية، وإبقاء الحكومة اليمنية رهينة الإقامة القسرية في المنفى، الأمر الذي أوقف عجلة الحياة في المناطق المحررة، وكرس وضعاً معيشياً مأساوياً.
كما أن فرض قوى جديدة على الأرض، مثل الأحزمة الأمنية والنخب الشبوانية والحضرمية؛ وكلها تشكيلات أمنية وعسكرية خارج إطار السلطة الشرعية. ولم يكتف التحالف بكل ذلك، وفقاً لحديث التميمي، ولكنه لجأ إلى إطالة أمد الحرب وتحريض الجماعات الانفصالية على التمرد تحت لافتات عديدة؛ من بينها الاحتجاج على فساد الحكومة، وتردي الوضع المعيشي، ليدفع بعد ذلك بخيار الانفصال في خضم هذا الوضع المعقد.
ولم يتوقف التحالف عند خلط المشهد السياسي فحسب، بل عمد منذ استعادة عدن عام 2015 من قبضة الحوثيين إلى تهميش قادة المقاومة، وممارسة عمليات الاغتيال ضد الأسماء البارزة، واستهداف أئمة المساجد وقادة الرأي في المجتمع العدني، إلى جانب عمليات الاعتقال والإخفاء القسري في سجون سرية والتعذيب الذي وصل في بعض الحالات إلى درجة الموت، والتنكيل بالمعتقلين وممارسة الاعتداءات الجنسية، والتعذيب بالكلاب الضارية كما كشفته تقارير دولية؛ وفقاً لحديث الناشط الحقوقي موسى النمراني.
كما ذهبت الإمارات عبر أدواتها في عدن إلى ملاحقة وتصفية قادة حزب الإصلاح ومداهمة مقراته وإحراق بعضها، وكل ذلك تسبب في حدوث خيبة أمل عند كثير من اليمنيين. ومؤخراً، لجأ التحالف إلى استخدام سياسة تركيع اليمنيين وإهانتهم عبر ضرب الاقتصاد الوطني للبلاد. ومن أبرز مظاهر الحرب الاقتصادية استمرار منع التحالف للحكومة اليمنية من تصدير النفط والغاز، وسيطرته على الموانئ اليمنية، كما تسبب نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن دون أن يقدم التحالف بعدها ودائع معقولة لرفد خزينة المركزي اليمني بتوقف مرتبات مئات الآلاف من الموظفين، الذين تحولوا إلى مقاتلين، أو جياع ليس بيدهم سوى المطالبة برحيله. وزادت السعودية الأمور سوءاً بطرد المغتربين اليمنيين من أراضيها، بعد أن كان يعتمد نسبة كبيرة من اليمنيين على تحويلاتهم، وهذه العملية كان لها الأثر البالغ في كشف حقيقة نوايا التحالف.
ارسال التعليق