تصريحات ماكرون دليل ساطع على تورط الرياض بدعم الإرهاب..
صرّح الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" بأن بلاده تنتظر من السعودية وقف تمويل الجماعات المتطرفة وفق ما تعهد به ولي العهد "محمد بن سلمان.
وقال ماكرون في مقابلة مع "فرانس 24" و"إذاعة فرنسا الدولية" إن باريس ستزوّد السعودية بلائحة المنظمات المتطرفة من أجل أن توقف تمويلها لهذه الجماعات وفق ما تعهد به بن سلمان. وأضاف "عندما ذهبت إلى الرياض، كان هناك حديث مع ولي العهد بهذا الخصوص، وقد تعهد بأن يوقف تمويل الجماعات الإرهابية، وإنه سيقوم بنفسه بهذا الأمر".
فماذا يدلل هذا التصريح الخطير وما هي أبعاده وانعكاساته؟
يمكن الإجابة عن هذا التساؤل من زاويتين تكمل إحداهما الأخرى:
الأولى: إن دعم السعودية للجماعات المتطرفة والإرهابية بات واضحاً جداً بعد أن وصل إلى حد النخاع ولم يعد بالإمكان التغطية عليه بأي شكل من الأشكال، خصوصاً بعد أن أخذ الإرهاب يضرب بقوة الدول الغربية لاسيّما الأوروبية ومن بينها فرنسا والذي أدى إلى مقتل وجرح الكثير من الأشخاص وتدمير مؤسسات حكومية ومدنية في هذه البلدان.
الثانية: إن تصريح الرئيس الفرنسي ومخاطبته لابن سلمان بهذه الطريقة تدلل على أن الأخير يتلقى الأوامر من العواصم التي يرتبط بها ويسير في فلكها وليس أمامه سوى الانصياع لهذه الأوامر، لأن الأدلة التي تملكها العواصم الغربية وغيرها حول دعم السعودية للإرهاب لايمكن إنكارها أبداً من ناحية، ومن ناحية أخرى إن هذه العواصم تنظر إلى بن سلمان باعتباره أداة لتنفيذ مآربها في المنطقة، وليس أمامه من سبيل لرفض ما يملى عليه في هذا الإطار.
والسؤال المطروح: ألم يكن الأجدر والأولى بابن سلمان الاستماع إلى نصائح دول المنطقة بالكف عن دعم التطرف والإرهاب الذي راح ضحيته الآلاف من الأبرياء في العديد من الدول وفي مقدمتها العراق وسوريا واليمن، أم أن هذه النصائح لم تكن جديرة بالاستماع لأنها صدرت عن عواصم إسلامية وعربية وليس عن عواصم غربية، وهذا بحد ذاته يكشف بأن مزاعم بن سلمان ونظامه بالتحرك في سياق مصالح المنطقة ليست سوى بالونات إعلامية سرعان ما تنفجر مع أول عارض يعترضها ليكشف زيفها وفراغها من أي محتوىً إنساني وقيمي، وليثبت أن آل سعود ما هم إلّا أدوات طيّعة بيد قوى أجنبية لاتريد الخير والأمن والاستقرار للمنطقة، بل لا تهمها سوى مصالحها ولو كانت على حساب دماء وأرواح الشعوب، وهو ما ثبت بالدليل أيضاً من خلال الوقائع التي شهدتها المنطقة خلال العقود الماضية.
وهنا لابدّ من إلفات النظر إلى أن بن سلمان ومن خلال التمعن بتصريح الرئيس الفرنسي والذي أشار فيه إلى أن ولي العهد السعودي وعده بوقف تمويل المنظمات الإرهابية بات يدرك تماماً بأن خيوط اللعبة قد تكشفت ولم يعد بالإمكان المراوغة بشأنها بعد أن حان وقت تصفية الحسابات، لأن الدول الغربية ومنها فرنسا قد وجدت الفرصة سانحة لتضع ما لديها من أدلة على دعم السعودية للإرهاب بين يدي بن سلمان لتحقيق أهداف من بينها إخضاع الأخير لمزيد من طأطأة الرأس وتوظيف ذلك في سبيل إرغامه على تنفيذ جميع ما يطلب منه، طالما أن البقاء في السلطة مدة أطول يستدعي منه السير بهذا الاتجاه مهما كانت التنازلات ومهما كانت الأضرار التي تلحق بالسعودية وعموم المنطقة.
ومن حقنا أن نتساءل: من الذي أوصل نظام آل سعود إلى هذه النهاية البائسة؟ أليست طبيعة الحكم المتطرف الذي تنتهجه والذي لم يألو جهداً في دعم المتطرفين والإرهابيين، خصوصاً على يد بن سلمان الذي لم يجد فرصة إلّا واستغلها لهذا الغرض.
وتنبغي الإشارة هنا أيضاً إلى أن الدعوات التي صدرت من دول إقليمية للسعودية للكف عن دعم الإرهاب سبقت بكثير دعوة ماكرون للرياض في هذا المضمار، لكن يبدو أن كافة هذه الدعوات لن تجد أذناً صاغية من بن سلمان ما لم يصاحبها إجراءات عملية ترغمه على النزول عند رغبة المجتمع الدولي الذي لم يعد يتحمل إراقة المزيد من الدماء وإزهاق أرواح المزيد من الأبرياء بسبب دعم الرياض للتطرف والإرهاب والذي بات أشهر من نار على علم وباتت نتائجه الوخيمة والكارثية قاب قوسين أو أدنى من تحويل دول غربية بكاملها إلى مستنقع للإرهاب في حال أتيح المجال لابن سلمان ومن يقف إلى جانبه لتنفيذ مخططه الرهيب الرامي إلى حرق الأخضر واليابس في سبيل بقائه على رأس الهرم السلطوي. وهنا لايسعنا إلّا أن نسأله: إلى متى سيواصل هذا السلوك الخطير ؟ ألا يعلم بأنه سيجر عليه وعلى نظامه الويلات لأن دماء الأبرياء التي تلطخت بها أيادي المتطرفين والتكفيرين والإرهابيين المدعومين من قبله بالمال والسلاح والإعلام وكل ما له علاقة بهذه الأعمال الإجرامية لن تذهب سدى وهذه سنّة إلهية لن تحول ولن تتبدل.
الخلاصة:
الجميع ينتظر ما ستؤول إليه تصريحات الرئيس الفرنسي التي طالب بها بن سلمان بالكف عن دعم الإرهاب، رغم أن المواقف الغربية لايمكن التعويل عليها لأنها تنبع من مصالح مادية لاعلاقة لها بحقوق الإنسان رغم تشدقها بالدفاع عن هذه الحقوق، وهذا ما كشفته الأيام والوقائع والأدلة على ذلك كثيرة لايمكن إحصاؤها فضلاً عن ذكر مصاديقها.
ارسال التعليق