حراك 15 سبتمبر/أيلول بدأ.. السعودية تستنفر أجهزتها الأمنية والعسكرية لمواجهة ثورة الشعب
استنفرت السلطات السعودية أجهزتها الأمنية والعسكرية منذ ليل أمس استعدادًا لمواجهة التحركات الشعبية التي ستشهدها المملكة اليوم تلبية للدعوات التي أطلقها عدد كبير من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أسبوع للتحرك رفضًا لسياسات آل سعود الجائرة.
وقد استقبت السلطات حراك 15 سبتمبر/أيلول الذي لم يسبق أن حُشد لتحرّك مشابه له في المملكة حتى عام 2011 حين خرجت المظاهرات المطلبية في المنطقة الشرقية، بمحاولة إغلاق موقع “تويتر” في السعودية، منعًا لبثّ أخبار الحملة المقرّرة اليوم أو تغريدات المؤيّدين لها.
ومنذ ليل أمس، انتشرت قوات الأمن السعودية بشكل كبير في مناطق المملكة لتوقيف كلّ من يشارك في فعاليات حراك 15 سبتمبر/أيلول. وفجر اليوم، استكملت حملة الاعتقالات التي تشنّها على كل من تظنّ أنه لها دور مؤثر في الحراك، فأوقفت الشيخ محمد حلواني وأغلقت مسجد الملك فهد تعتقل الشيخ القطامي وأغلقت مسجده في أم الحمام في الرياض.
كذلك أغلقت مساجد مدينة عنيزة ومسجد ابن عباس والشوارع المحيطة في الطائف ومسجد بن نحيت في النظيم بالرياض واعتقلت المؤذن، فيما تحدّثت أنباء عن اعتقالات في مطار الرياض بعد سماحهم بسفر الأمير خالد بن طلال من دون إذن مسبق من وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان حسب الأوامر الأخيرة بشأن سفر الأمراء.
نداءات حراك 15 سبتمبر/أيلول
صفحة حراك 15 سبتمبر/أيلول الرسمية على “تويتر” أكدت أن نشاطها سلمي يهدف إلى معالجة الفقر والبطالة وأزمة السكن وإزالة أسباب الجريمة والتفكك الأسري ورفع الظلم عن المرأة والضعوف وتحسين مستوى الخدمات وإطلاق المعتقلين.
ونشرت تفاصيل المسجد المرشح للتجمع في مدينة جدة مسجد محمد بن عبد العزيز – التحلية، إضافة الى قائمة المساجد التي يمكن أن يتوجّه إليها الأفراد الذين لم يتمكّنوا من إنشاء مجموعات لصلاة العشاء لينطلقوا منها للحراك وهي في الرياض وجدة وينبع الصناعية والخبر والأحساء والدمام وسكاكا وجيزان وبريدة وحائل وتبوك وأبها والمدينة وعرعر.
الحملة توجّهت الى المتردّدين بالمشاركة بالقول إن التأخير في إيقاف عجلة الظلم والفساد لن يؤدي إلّا الى تمادي الظالم وتوسيع دائرة الفساد ومزيد من المعاناة للشعب المقهور.
وخاطبت أتباع المشايخ والمثقفين الذين اعتقلوا حديثًا ومن هم على قائمة الاعتقال، قائلة يفترض أن تقتنعوا الآن أن السلطة لا ينفع معها المداراة ولا السكوت ولا حتى دعمها ضدّ المعارضين، خاصة أنها كافأت رموزها بتوقيفهم واتهامهم بالتجسّس.
ونصحت المتخوّفين ممّا يُقال في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي من قبل أزلام السلطة بأن عليهم أن يدركوا أن كلّ هذا سينهار في اللحظة التي ينكسر فيها الحاجز حتى لو بتجمع صغير.
وحذّرت حملة الحراك الجهاز الأمني من أن إقدامه على القمع هو جريمة مضاعفة شرعًا وعرفًا، وبالتالي هي قمع لأهله وإخوانه لصالح عدوّ ظالم وفاسد ومجرم.
ونصحت الحملة المشاركين في الحراك باختيار أماكن بعيدة عن تجمّع الأجهزة الأمنية ومضاعفة الحذر.
حراك 15 سبتمبر/أيلول
“فايننشال تايمز”: ابن سلمان على خطى ابن زايد
بموازاة ذلك، أشارت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية في تقرير لها الى حملة الإعتقالات التي تنفذها السلطات بحق المعارضين أيا كانت انتماءاتهم، معتبرة أن الخطوة تأتي من محمد بن سلمان الذي يحاول تطبيق سياسة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في تنفيذ الإعتقالات في بلاده، ضد تيار “الإخوان المسلمين”، وهو ما يفعله ابن سلمان الآن.
وبحسب الصحيفة، يعتبر آل سعود منذ فترة طويلة “الإسلاميين” أكبر تهديد لقبضتهم على السلطة، ولكنهم حرصوا على موازنة علاقاتهم مع رجال الدين والإسلاميين الأكثر تشددا الذين يتمتعون بالدعم عبر المملكة المحافظة، وفق الصحيفة.
وتنقل الـ”فايننشال تايمز” عن مراقبين قولهم إن ولي العهد السعودي يتبنى الآن تكتيكات مماثلة لتلك التي استخدمها حليفه ولي عهد أبوظبي الذي تابع حملة عدوانية ضد الإسلاميين مثل أنصار الإخوان المسلمين، فيما وصفت الداعية المعتقل سلمان العودة بأنه كان أحد قادة حركة الصحوة، الذي دعا إلى إجراء إصلاحات سياسية محلية في المملكة في التسعينات.
ولفتت الصحيفة إلى أن أسباب اعتقال الدعاة في الرياض وُلد من رحم الأزمة الخليجية، إذ أن رفضهم لانتقاد قطر، ورفض تأييدهم لإعلان الرياض بفرض حصار إقليمي على الدوحة، شكل الأساس الذي دفع السلطات إلى استخدام آلة الاعتقالات ضدهم وزجّهم في المعتقلات.
انتقادات حقوقية لحملة التوقيفات العشوائية
حملة التوقيفات العشوائية في المملكة استدعت صدور انتقادات من قبل عدد من المنظمات والهئيات. حركة “التوحيد والإصلاح” وجماعة “العدل والإحسان” المغربيتان، ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” انتقدت حملة الاعتقالات التي شملت إصلاحيين سعوديين بينهم عدد من الدعاة البارزين، وطالبت بإطلاقهم فوراً.
وناشدت “حركة التوحيد والإصلاح” السلطات السعودية المبادرة الفورية إلى إخلاء سبيل العلماء والدعاة والمفكرين المعتقلين مؤخرًا، دعاة الإصلاح السلميين المعتقلين كافة بسبب الرأي وإسداء النصح.
كما حثت جماعة “العدل والإحسان” السلطات السعودية على التراجع الفوري عن هذه الخطوة غير المحسوبة وإلى إطلاق جميع المعتقلين، وأعلنت عن تضامنها معهم، داعيةً جميع الأحرار هيئات وشخصيات إلى مؤازرتهم.
وقالت الجماعة إن اعتقال العلماء والدعاة بالسعودية جاء بشكل مفاجئ ومن دون تقديم أي مبررات، وفي سياق مناكفات سياسية ضارة بالأمة تعرفها منطقة الخليج.
من جهته، قال الباحث في شؤون الشرق الأوسط في منظمة “هيومن رايتس ووتش” آدم كوغل إن الاعتقالات التي شملت 20 شخصًا على الأقل، بينهم الداعيتان البارزان سلمان العودة وعوض القرني، تعكس بشكل كبير طريقة تعامل السعودية مع المعارضة السياسية أو الدينية.
ارسال التعليق