حصاد النظام السعودي من عدوانه على اليمن، بعد رحيل العام 2016 ودخول العام 2017
مما بات واضحاً، أن النظام السعودي أراد من شن عدوانه الظالم وغير المبرر على الشعب اليمني المسلم والمسالم، أن يجعل من اليمن منصته لاعتلاء خشبة المسرح، وبالشكل الذي تريده الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وباقي القوى الغربية الاستعمارية ومنها بريطانيا وفرنسا تحديداً.ذلك من خلال تحقيق عدد من الأهداف، كما يرى أغلب المحللين والمراقبين ومنها ما يلي:
أولاً: تحويل اليمن إلى قاعدة عسكرية وأمنية واقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية والى الكيان الصهيوني والقوى الغربية، فاليمن كما هو معروف يتمتع بموقع جغرافي استراتيجي مهم، فهو يشرف على عدد من البحار والخلجان، تشكل عصب التجارة الدولية، والنظام السعودي كان يتوقع انه بإمكانه السيطرة على هذا البلد وتنصيب نظام موال له سواءً كان هذا النظام من مرتزقته، الرئيس السابق الفار عبد ربه منصور أو نائبه الأحمر أو من حزب الإصلاح، أو من عملاء آخرين وبالتالي الهيمنة على الأوضاع في اليمن وتحويله إلى قاعدة أمريكية صهيونية سعودية لتحقيق باقي الأهداف، التي يشكل تحقيقها إنجازاً للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة. ذلك أن الإدارة الأمريكية الأوربامية- إذا جاز التعبير- أرادت التعويض عن إخفاقاتها في سوريا وفي العراق ومناطق أخرى، تلك الإخفاقات التي تسببت في تراجع المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، بل وفي تصدعه أيضاً، أرادت التعويض عن تلك الإخفاقات، بالانطلاق مجدداً وفي تصدعه أيضاً، أرادت التعويض عن تلك الإخفاقات، بالانطلاق مجدداً في هذا المشروع من اليمن، ولذلك أعلنت الحرب كما هو معروف من واشنطن، حيث أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بدأ شن الحرب على اليمن من هناك أي من أمريكا.كما يفسر تبرم رئيس أركان الجيوش الأمريكية الأسبق كولن باول من تطاول العدوان، أن الاميركان كانوا يعولون كثيراً على السيطرة السعودية على اليمن لتحويلها الى قاعدة عسكرية يحققون من خلالها المزايا التالية :
1- تحويل موانئ اليمن الاستراتيجية والكثيرة إلى مراتع ومقرات ثابتة لسفنهم وقواتهم البحرية وأساطيلهم العسكرية، والتي يحاولون من خلالها السيطرة على مضائق البحار، وممرات التجارة الدولية وما إلى ذلك.
2- تحديد الدول المنافسة أو الصاعدة، مثل الصين وروسيا وإيران، من خلال عسكرة اليمن وموانئها وسواحلها، ومن خلال زرع العشرات من القواعد العسكرية والمطارات في المحافظات اليمنية، وبالتالي فرض هيمنة عسكرية وجوية وبحرية على كل تلك المنطقة، وضمان مزايا ومكاسب استراتيجية وأمنية في أي معركة أو حرب مع تلك القوى المنافسة المشار إليها، أو الاستفادة من هذه المزايا في ابتزاز هذه القوى وممارسة الضغوط العسكرية والأمنية عليها، حتى بدون الحرب.
3- تحقيق مكاسب تجارية واقتصادية، من خلال السيطرة على مضائق هذه التجارة كما أشرنا، او من خلال السيطرة على الموارد الاقتصادية اليمنية مثل النفط والمعادن التي تقول دراسات بعض المراكز البحثية الاستراتيجية الأمريكية أن اليمن يجثوا على بحيرة من النفط سيما في المناطق الجنوبية بالإضافة إلى المعادن المهمة والتي مازالت بكراً من ناحية الاستثمار، وللإشارة يرى الكثير أو البعض من الخبراء، أن أحد أهداف العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن، هو السيطرة على هذه المكامن النفطية والمعدنية التي تختزنها أرض اليمن.
4- تحويل اليمن إلى قاعدة حماية لمشايخ الخليج وأمرائه العرب، سيما النظام السعودي، من ثورات الشعوب في دول الخليج تحديداً، ومن احتمالات تمدد النفوذ لدول أخرى مثل روسيا والصين، أو أي دولة أخرى مناوئة للاميركان والصهاينة، وفضلاً عن ذلك، أرادت أمريكا من اليمن قاعدة متقدمة لحماية أفريقيا من التمدد الصيني والروسي ايضاً ومن التأثير الإيراني.
5- منح السعودية موقعاً عسكرياً وأمنياً وحتى اقتصادي مهم، يؤهلها للعب الأدوار المناطة بها، في إطار المشروع الأمريكي الصهيوني، والتي سنتعرض إليها بعد قليل، والأكثر من ذلك تكريس هيبة وقوة النظام السعودي داخلياً لأنه يعاني من تحديات كثيرة على الصعيد الداخلي بسبب سياساته الخاطئة والظالمة تجاه الشعب الجزيري الذي يقبع الآن حتى نير ظلم وعبودية آل سعود، ذلك فضلاً عن أن الهيمنة على اليمن تمكّن بن سلمان وأباه الملك من سيطرتهما الكاملة على مقاليد السلطة وبالتالي التحرر من قيود منافسة بقية الأمراء، الذين يرون اليوم في سياسات بن سلمان وابنه في المشاريع الصهيونية وكشفها ارتباط آل سعود بالكيان الصهيوني، وهو ارتباط عضوي ظل طيلة الحقب الماضية خفياً يجري وراء الكواليس.
ثانياً :تحويل اليمن إلى قاعدة أمريكية صهيونية سعودية عسكرية واقتصادية،من شأنه أن ينقل السعودية إلى مرحلة جديدة، تتمكن فيها من استنساخ تجربتها اليمنية، في سوريا والعراق، ولعل المتابعين والصحفيين يتذكرون عندما شن النظام السعودي "عاصفته " ضد الشعب اليمني قبل أكثر من عشرين شهراً، كيف ملأ كتّاب وعملاء السعودية وحلفائها، الدنيا ضجيجاً وصخباً تمحور حول مطالبتها "بعاصفة حزم " سعودية في سوريا وأخرى في العراق وهكذا، لان السياسيين السوريين والعراقيين القريبين من النظام السعودي، ممن يسمون أنفسهم بالمعارضة، كانوا على دراية بأن المشروع الأمريكي الصهيوني يقضي بالسيطرة على اليمن، من أجل ما كانوا يسمونه تحقيق ما تريده أمريكا من القضاء على دكتاتوريات المنطقة "!!
ثالثاً : كان النظام السعودي يطمح من خلال نجاح عدوانه على الشعب اليمني، إلى تبوأ موقع قيادي للمنطقة العربية، بل وحتى للعالم الإسلامي، وكان تشكيل ما يسمى بالتحالف العربي الذي ضم دول الخليج باستثناء سلطنة عمان، والسودان والأردن والمغرب وموريتانيا، ليس ليشكل ذلك غطاء للعدوان فحسب، وإنما ليكون هذا التحالف نواة التحالف عريض من الدول العربية يصبح فيه النظام السعودي الآمر والناهي فيه، بحيث يتمكن من خلاله، أي من خلال هذا الحلف توظيف إمكانات دول الحلف في إطار الخطط السعودية التي ترسم للمنطقة في الدوائر الأمريكية والصهيونية، ولعل أهم ما يهم النظام السعودي هو توظيف الطاقات العسكرية لتلك الدول، أي يستخدم جيوشها لتحقيق الأهداف التي يتحرك المشروع الأمريكي الصهيوني من أجلها في المنطقة".
كما أن إعلان بن سلمان الارتجالي عن ما يسمى بالتحالف الإسلامي بقيادة السعودية أيضاً يدخل في إطار الطموح السعودي الآنف، وهو أن يصبح هذا النظام قائداً للدول الإسلامية أو لبعضها، لتعزيز وتقويه موقعه، ولتوظيف إمكاناتها، وللإشارة أن أكثر هذه الدول التي أعلن بن سلمان أسمائها، استغربت الخطوة لأنها لم تعرف أي شيء عن هذا الحلف ولم يخطرها بن سلمان بأي معلومات عن تشكيل هذا الحلف ووظائفه ومهامه !! ولذلك رفضت الانضمام إليه مثل باكستان وماليزيا وغيرهما. وأرجح أن أكثر ما كان يراود آل سعود وما زالوا من وراء هذه الخطوة، هو تعزيز موقعهم الإسلامي اللازم لإشعال حرب إسلامية طائفية يتزعمون لوائها باسم السنة ضد الشيعة في إيران والعراق ولبنان والبحرين ومواطن أخرى. وإشعال المنطقة بمثل هذه الحرب مازال حلماً يسعى إلى تحقيقه الصهاينة وحماتهم الاميركان فلا تمر مناسبة أو فرضه، إلا ويحاول هؤلاء استغلالها وتوظيفها لإشعال مثل تلك الحرب.
رابعاً: محاصرة إيران وشن الحرب عليها، كما مر بنا، وكما بات واضحاً للقاصي والداني، أن النظام السعودي كان يطمح من شنه العدوان على الشعب اليمني تهيئة وخلق ظروف ومناخات سياسية وأمنية وعسكرية لمحاصرة إيران وشن الحرب عليها، وصولاً إلى إسقاط النظام الإسلامي فيها، وذلك بالمناسبة، هدف يدغدغ أحلام الصهاينة أنفسهم، كما هو معروف فأن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو صرح مراراً وتكراراً ومعه مسؤولون صهاينة آخرون، بأنهم ينسقون ويتحالفون مع دول خليجية على رأسها السعودية لأنهم لديهم عدد مشترك يسعون إلى مواجهته هو إيران...
على أن كل هذه الطموحات السعودية ذهبت أدراج الريح وتبخرت على صخرة صمود الشعب اليمني وبسالته وثباته، ليس هذا وحسب، بل تحول إلى كابوس يقض مضاجع آل سعود، ويشكل لهم صداعاً خطيراً، بات يهز استقرارهم ويهدد حتى وجودهم...لأن نتائج العدوان مع انتهاء العالم2016، ودخول العام الجديد2017، أصخت كارثية بالنسبة إلى النظام السعودي، إذ أرتد العدوان على هذا النظام بنتائج عكسية تماماً لما كانوا يطمحون إليه...صحيح أنهم دمروا البنية التحتية للشعب اليمني، ودمروا كل شيء هذه البلاد الوادعة لكنهم لم ينالوا من صمود وعلو هامات أبناء هذا الشعب، وتحديهم للعدوان وتكبيد السعوديين وحلفائهم ومرتزقتهم الخسائر القادمة، كما تنقل وكالات الأبناء العالمية يومياً وقائع المعارك وتطورات الميدان...
حصاد آل سعود من العدوان لحد الآن
كما ذكرنا،ولأكثر من مرة، فيما تقدم من السطور، فأن العدوان السعودي ترك انعكاسات وآثار في غاية الخطورة على النظام السعودي، نشير إلى بعض منها، لأننا تعرضنا لها في مقالتنا السابقة، وتعرض لها الكثير من الكتاب والمتابعين، ولذلك نكتفي بالتعرض إلى المهم منها...بما يلي :
أولاً : انكشاف وجه النظام السعودي الإرهابي، فبات الإرهاب في التداول الإعلامي والسياسي الغربي يعني النظام السعودي، والنظام السعودي يعني داعش، وهكذا فكل هذه المسميات لجوهر واحد هو الفكر التكفيري الذي نشأ عليه النظام السعودي وهو الفكر الوهابي، واليوم ولأول مرة تجد الإعلام الأمريكي والغربي وتجد السياسيين في البلدان الغربية وأمريكا، تجد الكل في هذه الدول يتحدث عن النظام السعودي لتؤم وكأصل للفكر الإرهابي التكفيري الذي بات يشكل خطراً على العالم، ولاحظنا كيف ان الكونكرس الأمريكي أصدر قانون جاستا محملاً السعودية مسؤولية تفجيرات برجي التجارة العالمي في نيويورك عام2001م وكيف ان بعض المسؤولين الغربيين بات يطالب بتقليم أظافر هذا النظام الإرهابي مصدر الإرهاب الذي بات يهدد العالم.
وثانياً: السقوط الأخلاقي المدوي أمام الرأي العام الإسلامي، بعد هذه المجازر التي ارتكبها ويرتكبها في اليمن، وبعد هذا التدخل السافر في مأساة الشعبين السوري والعراقي، وبعد هذا التناغم مع الكيان الصهيوني والحماس العسكري والأمني الذي يبديه النظام السعودي في المضي بعيداً في دعم المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة وضد تطلعات ومصالح الأمة إسلامية، ولقد اعترف المسؤولون الصهاينة بالتعاون السعودية على كل الأصعدة، سيما العسكرية والأمنية في مواجهة إيران وسوريا الأسد وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية. هذا الانسياق الأعمى نحو المشروع الصهيوني الأمريكي جاء نتيجة شعور آل سعود بالخطر على عرشهم، متوهمين أن الارتماء العلني في الأحضان الصهيونية يمكن أن ينقذ هذا العرش، الذي أصبح أكثر هشاشة وأكثر عرضة للسقوط بعد هذه الهرولة المخزية للارتماء في أحضان الصهاينة.
وثالثاً : فشل النظام السعودي في أن يصبح رقماً صعباً في المعادلة التقليمية، فعلى عكس طموحاته في العدوان على اليمن كما أشرنا، أصبح مورد إزدراء واستهزاء المعلقين والخبراء الأمريكيين والغربيين فهذا يقول إن الجيش السعودي نمر من ورق رغم انه مسلح بأحدث الأسلحة الأمريكية، وهذا يقول إن النظام السعودي هٌزم في حرب اليمن رغم الدعم الأمريكي الغربي له، وباتت هذه الحرب تهدد وجود النظام السعودي والحديث حقيقة للمتابع لما تكتبه الصحافة الأمريكية والغربية اليوم حول هزائم وفشل النظام السعودي في عدوانه على اليمن.
ورابعاً: ولأن النظام السعودي خسر الجولة وخسر في أن يصبح رقماً صعباً في المعادلة الإقليمية وخسر رهانات الأسياد الأمريكان والغربيين المعقودة عليه قبل شن العدوان، فهو خسر أيضاً في أن يكون نداً للجمهورية الإسلامية وفي أن يحاصر تأثيرها وما يسميه النظام السعودي نفسه تمددها في المنطقة، وهذا ما بات يصرح به الإعلام الغربي والأمريكي صدامة في هذه الأيام ،ويلقي باللائمة على سلمان وابنه لأنهما لم يأخذا بنصيحة الرئيس اوباما عندما دعاهما إلى الحوار مع إيران والتفاهم على حل أزمات المنطقة بدلاً من مواصلة لغة التصعيد والتوتر مع الجمهورية الإسلامية في إيران، وما عزز عزله النظام السعودي، هو الصفعات التي تلقتها أدواته التكفيرية في سوريا والموصل.
وخامساً: تصاعد الخلافات الداخلية بين أركان النظام بسبب عقم سياسات بن سلمان وأبيه، التي يرى الكثير من الأمراء، أن هذه السياسات سوف تنتهي بزوال ملك بني سعود وبتشردهم وبتعرضهم إلى المطاردة والقتل على أيدي أبناء الجزيرة الناقمين على هذا النظام الظالم. وهناك العشرات من التقارير التي تنشرها الصحف الأمريكية والبريطانية حول الصراع المحتدم بين أجنحة الأمراء في الأسرة السعودية، وحول جرائم هذه النظام وحول تدهور الوضع الاقتصادي في السعودية، وحول احتمالات انفجار الوضع الداخلي في السعودية، الخ...وكل ذلك يؤشر إلى تدهور مكانة هذا النظام الإرهابي على الصعيدين الإقليمي والدولي.
بقلم : عبد العزيز المكي
ارسال التعليق