دعوات حقوقية لشركة #مايكروسوفت بتعليق استثماراتها في #السعودية
جددت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، دعوتها إلى شركة "مايكروسوفت"، لتعليق استثمارها بإنشاء مركز جديد للبيانات السحابية في السعودية، إلى أن تُبيّن الشركة بوضوح كيف ستُخفف من خطر تسهيل "الانتهاكات الجسيمة" لحقوق الإنسان التي قد تحدث باستخدام ذلك المركز.
جاء ذلك في بيان مشترك الثلاثاء، وقعت عليه 18 منظمة حقوقية، محذرين من "خطر كبير من أن تتمكن السلطات السعودية من الوصول إلى البيانات المخزنة في مركز البيانات السحابية الخاص بمايكروسوفت؛ ما يشكل تهديدات فريدة ومباشرة لحقوق الإنسان والخصوصية".
وقال البيان إن "السجل الحقوقي المزري للحكومة السعودية، وتاريخها في مجال اختراق منصات التكنولوجيا للتجسس على النشطاء الحقوقيين، ونشر برامج مراقبة إلكترونية معقدة (منها برمجيات التجسس) ضد المعارضين، والأحكام الغامضة والفضفاضة في نظاميها لمكافحة جرائم المعلوماتية وحماية البيانات، كلها عوامل تثير شكوكا جدية بشأن في قدرة مايكروسوفت على تحمل مسؤولياتها الحقوقية في البلاد".
وفي فبراير/شباط الماضي، أعلنت "مايكروسوفت" عزمها الاستثمار في مركز للبيانات السحابية بالسعودية لتقديم خدمات الحوسبة السحابية للشركات، وهو ما دفع "رايتس ووتش" للتحذير من نقص تدابير الحماية القانونية في البلاد، واللائحة الطويلة للانتهاكات الحقوقية، والسجل الواسع في التجسس على المعارضين من خلال الوصول غير القانوني إلى البيانات الشخصية.
ردت مايكروسوفت على أسئلة "رايتس ووتش"، وأعربت عن التزامها بـ"مبادئ السحابة الموثوقة"، ونهجها في تشغيل مراكز البيانات في الدول أو المناطق التي توجد فيها تحديات في مجال حقوق الإنسان، لكنها طلبت عدم نشر ردها.
إلا أن البيان الجديد، نقل عن باحثة السعودية في "رايتس ووتش"، جوي شيا، قولها: "سجل الحكومة السعودية في انتهاك حقوق الخصوصية مع الإفلات من العقاب يُشكل خطرا جسيما على البيانات المخزنة داخل حدودها".
وأضافت: "ينبغي لمايكروسوفت إجراء عملية الإجراءات الحقوقية الواجبة والشاملة وعليها أن تُعلن بالتفصيل كيف ستُخفف الآثار السلبية المحتملة على حقوق الإنسان والمرتبطة باستضافة السعودية لمركز البيانات".
كما نقل البيان عن مديرة السياسات والمناصرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "أكسس ناو"، مروة فطافطة، قولها: "ينبغي لمايكروسوفت أن تثبت أن التزامها العلني باحترام معايير حقوق الإنسان ليس مجرد خطاب فارغ عبر تقديم تفاصيل علنية عن إجراءات العناية الواجبة وضمانات احترام الحقوق".
وتابعت: "ينبغي لمايكروسوفت أن تنتهز الفرصة لإظهار القيادة في قطاع التكنولوجيا عبر دخول مسؤول إلى السوق في مثل هذه الأسواق شديدة الخطورة وفي البلدان ذات السجلات الحقوقية السيئة مثل السعودية".
ويمنح نظام حماية البيانات الجديد في البلاد ولوائحه التنفيذية سلطات واسعة للهيئات الحكومية للوصول إلى البيانات الشخصية.
بينما يجرّم "نظام مكافحة جرائم المعلوماتية" في السعودية لعام 2007 "إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي".
وحذر البيان من أنه يمكن أن تستخدم السلطات السعودية هذه المادة لإجبار مايكروسوفت على تسليم بيانات المستخدمين المتعلقة بأشخاص متهمين بمثل هذه التهم الفضفاضة والتعسفية وغير المحددة تحديدا جيدا.
علاوة على ذلك، يتطلب "الإطار التنظيمي للحوسبة السحابية" في السعودية من جميع مقدمي خدمات الحوسبة السحابية إزالة المحتوى "غير القانوني" أو حظره جغرافيا بناء على طلب السلطات السعودية، وفق البيان.
وتابع: "يتعين على مايكروسوفت أيضا إخطار الحكومة السعودية دون تأخير غير اضطراري، في حال اكتشافهم لوجود أي محتوى أو أي معلومات أخرى في نظام الحوسبة السحابية يمكن أن يشكل مخالفة للأنظمة والتشريعات في المملكة"، منها نظام مكافحة جرائم المعلوماتية.
وتابع البيان: "تثير انتهاكات السعودية المعتادة للحقوق الأساسية، منها الحق في الخصوصية والحق في حرية التعبير والرأي، مخاوف جدية بشأن قدرة مايكروسوفت على الوفاء بالتزاماتها الحقوقية بموجب مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان".
وزاد: "تتحمل مايكروسوفت مسؤولية احترام حقوق الإنسان بشكل مستقل عن رغبة الدولة في الوفاء بالتزاماتها الحقوقية".
وينص بيان مايكروسوفت العالمي لحقوق الإنسان، على التزامها بتنفيذ حقوق الإنسان في أعمالها وتقنياتها واحترام مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية في جميع مكاتب مايكروسوفت وسلاسل التوريد في البلدان والأقاليم التي تعمل فيها.
وقالت المنظمات إنه ينبغي لمايكروسوفت بذل عملية الإجراءات الحقوقية الواجبة والشاملة بحيث تتضمن مشاورات هادفة مع المجموعات المهددة أو المحتمل أن تتأثر، منها المنظمات الحقوقية في المنطقة.
واستطردت: "ينبغي لها أيضا أن تنشر النتائج بالكامل، بما يشمل الخطوات التي ستتخذها مايكروسوفت للتخفيف من مخاطر تسهيل الانتهاكات الحقوقية المرتبطة بعمليات مركزها للبيانات في السعودية".
وتابع: "يتعين على مايكروسوفت أيضا توضيح أنواع الطلبات الحكومية المتعلقة بالبيانات الشخصية في مركز البيانات السحابية التي لن تمتثل لها مايكروسوفت في حال تعارضها مع الالتزامات الحقوقية".
ومنذ تولّي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان السلطة في 2017، نفّذت السلطات السعودية موجة اعتقالات استهدفت مدافعين حقوقيين، ونشطاء بارزين في مجال حقوق المرأة، ورجال أعمال بارزين، وكبار أفراد العائلة المالكة، ومسؤولين حكوميين.
وسعت السلطات السعودية مرارا إلى تحديد هوية المعارضين المجهولين والتجسس على مواطنيها من خلال اتصالاتهم الرقمية.
وفي 2018، وجد "سيتيزن لاب"، وهو مركز بحوث كندي، أن هاتف ناشط سعودي مقيم في كندا اختُرِق ببرمجية تجسس؛ ما سمح بالوصول الكامل إلى ملفاته الشخصية، والرسائل، وجهات الاتصال، والميكروفون، والكاميرات.
كما كشف تحقيق آخر نشره "سيتيزن لاب" في يناير/كانون الثاني 2020، عن استهداف معارضَين سعوديَين منفيَين آخرَين، وهما صحفي في "نيويورك تايمز" وموظف من "منظمة العفو الدولية".
وفي يوليو/تموز 2021، كشف مشروع "بيجاسوس" أن الحكومة السعودية كانت أحد العملاء الحكوميين المحتملين لمجموعة "إن إس أو" في برنامج التجسس بيجاسوس.
كما اتُّهِم اثنين من موظفي "تويتر"، في 2019، بالوصول إلى البيانات الشخصية لمعارضين سعوديين استخدموا المنصة، واتُّهِما لاحقا بالتجسس لصالح السعودية.
وأنشأت السلطات السعودية أيضا تطبيق "كلنا أمن"، وشجعت المواطنين على استخدامه لمراقبة النشاط على الإنترنت والإبلاغ عن أي نشاط إجرامي.
وفي أغسطس/آب 2022، حكمت السلطات السعودية على مواطنة تدعى سلمى الشهاب، طالبة دكتوراه في بريطانيا، بالسجن 34 عاما فقط بسبب نشاطها على "تويتر".
وقبل شهرين من اعتقالها، أُبلغ عن تغريدات سلمى للسلطات على تطبيق "كلنا أمن"، وفقا لصحيفة "الجارديان".
كما يواجه ثلاثة أعضاء من قبيلة الحويطات حاليا خطر الإعدام الوشيك بتهم متعلقة بالإرهاب بسبب مقاومة إجلاءهم القسري من أراضيهم من أجل بناء مدينة "نيوم" العملاقة.
وسبق أن أعرب 5 مقررين خاصين للأمم المتحدة، بالإضافة إلى خبراء حقوقيين أمميين، عن قلقهم وحثوا "جميع الشركات المعنية، بما في ذلك المستثمرون الأجانب، على ضمان عدم تسببهم أو مساهمتهم أو ارتباطهم بشكل مباشر بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان" في السعودية.
كما حثّت "رايتس ووتش" ومجموعات حقوقية أخرى سابقا، "جوجل" على وقف قرارها بإنشاء مركز بيانات سحابية في السعودية إلى أن تتمكن الشركة التحديد بوضوح الخطوات التي ستتخذها لمنع أو تخفيف الآثار السلبية على حقوق الإنسان.
ارسال التعليق