سلطتي السعودية والإمارات تستكملان عهرهن بمناصرةِ الصهاينة
ليس بعيدا عن الجسر الاقتصادي الذي أُعلنت نوايا الشروع بتنفيذه في أيلول الماضي -الجسر الذي يربط الهند بالجزيرة العربية بالكيان الإسرائيلي فأوروبا- كان الحديث يجري في شهر تموز/ يوليو الماضي عن استباق المشروع الضخم إياه بمشروع ممر تجاري يربط دويلة الإمارات فالكيان الإسرائيلي مرورا بالجزيرة العربية واليوم للحديث تتمة
وعلى الرغم من الحديث الواسع والمتكرر الذي جرى حينها عن العزم الـ "إسرائيلي- السعودي" لتشييد هكذا ممر تجاري رغم عدم إتمام التطبيع الرسمي بين "البلدين"، والذي تزعم "السعودية" عدم استكماله قبل استرضاء الفلسطينيين، فلم يصدر أي نفي رسمي من الجانب العربي حول الأمر، كيف لا والمودّة بين بنو سعود والصهاينة قائمة منذ الأزل.
واستكمالاً لمشاريع الأمس التي جمّدها طوفان الأقصى، يجري الحديث اليوم عن المشروع إنطلاقاً من بلد عربي آخر سبق أن طبّع مع الكيان الإسرائيلي مقابل صفر للقضية العربية، الإمارات العربية المتحدة.
حيث تداولت وسائل إعلام صهيونية عن التوصل لاتفاق إماراتي- "إسرائيلي" يتم بموجبه تشييد جسر بري بين ميناء دبي وميناء حيفا المحتل، بهدف "التغلب على تهديد اليمن بإغلاق الممرات الملاحية"، على حد زعم الوسيلة الصهيونية. حيث أن هذا الممر إن تمّ سيوفر ممرا بريّا بديلا عن البحر لنقل البضائع القادمة من الشرق إلى الكيان الإسرائيلي.
وهذا يقع ضمن المساعي الإسرائيلية للهروب من الخطر اليمني المُحدق بسفنه وتجارته البحرية، فلجأ إلى مرتزقيه من العرب. وإن صحّت معلومات الصحيفة الصهيونية "يديعوت أحرنوت" حول توقيع هكذا اتفاقية، فمن المؤكد أن يكون الأمر جرى بالتنسيق مع حكم آل سعود في الجزيرة العربية لأن الخط لا يمكن إلا أن يمر عبر اراضيهم.
وفي وقت سابق كان مستشار الأمن القومي جيك سوليفان أكد في مؤتمر صحفي هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة تناقش إنشاء "قوة عمل بحرية في البحر الأحمر" مع حلفاء أمريكا، بهدف "ضمان حرية الملاحة في مضيق باب المندب".
وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، من المتوقع أن يسافر المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، إلى منطقة الخليج هذا الأسبوع "للتنسيق بشأن حماية الأمن البحري في البحر الأحمر".
تفاصيل التقرير الصهيوني:
بحسب الصحيفة الإسرائيلية فإن شركة تراكنت الإسرائيلية وقعت الاتفاقية، وأوضحت على لسان رئيسها التنفيذي حنان بيردمان "أن السفينة التي تُبحر من الإمارات إلى ميناء حيفا تستغرق أسبوعين، لكن مع النقل البري بالشاحنات يمكن الوصول إلى حيفا في أربعة أيام".
أكدت الشركة أنها بدأت بالفعل بتشغيل الجسر البري، وأوضحت أن الاتفاقية وُقعت مع شركة الخدمات اللوجستية "Puretrans FZCO" من دولة الإمارات، التي تعمل بالتعاون مع شركة الموانئ "DP WORLD"، للتعاون في مجال النقل البري للبضائع على الطريق الذي يربط ميناء دبي والسعودية والإمارات والأردن، وميناء حيفا.
وذكر موقع روتر العبري، أن الطريق البري الجديد الذي حصل على موافقة وزارة الحرب وحكومة نتنياهو، سيوفر رحلة سريعة بديلة عن قناة السويس، وبسعر تنافسي.
وأبلغت الشركة عن تقدم في المفاوضات مع شركة لوجستية من البحرين، التي تقدم أيضاً الخدمة للجيش الأمريكي، وتعمل في الإمارات والشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا والقوقاز، والتي سيتم ربطها أيضاً بمشروع الجسر البري.
مشروع ما قبل الحرب على غزة:
وعن الممر التجاري الذي جرى الحديث عنه سابقا بمعزل عن الحرب الدائرة اليوم في غزة وما تبعها من تهديدات يمنية طالت الملاحة الإسرائيلية، كانت قد أفادت صحيفة المونيتور عن مصادر في وزارة خارجية الكيان الإسرائيلي عن أن "العمل قد بدأ في مشروع الممر التجاري الذي يربط البلاد بالمملكة العربية السعودية ، وأنه سيعمل حتى لو لم يتم تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميًا".
وأضاف الموقع أن "التطبيع الجزئي قائم بين البلدين في الأساس، حيث سمحت السعودية، على سبيل المثال، لإسرائيل باستخدام مجالها الجوي للرحلات الجوية إلى الإمارات والبحرين".
وكانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الصهيونية قد أفادت في السابع من تموز/ يوليو الماضي أن "إسرائيل والولايات المتحدة تعملان على خطة لإنشاء جسر بري تجاري مستمر يربط الأردن وإسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ويؤدي من الخليج الفارسي (العربي) مباشرة إلى الموانئ البحرية الإسرائيلية"، مستشهداً بمسؤولين إسرائيليين كبار.
وكان قد جاء في وثيقة لوزارة الخارجية حصلت عليها الصحيفة عينها، أن "اتفاقيات إبراهام غيرت الواقع السياسي في منطقتنا وفتحت طرق نقل جديدة. سيكون مشروع الربط البري الإقليمي بين دول الخليج وإسرائيل بمثابة تغيير لقواعد اللعبة من شأنه أن يرفع مستوى التجارة العالمية في الشرق الأوسط، ويحسن مكانة إسرائيل كمركز لنقل البضائع من الشرق الأقصى إلى العالم الغربي ويسلط الضوء على دور الولايات المتحدة في المنطقة".
وأما ما بعد طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي الدموي الذي شُنّ على غزة بدعم دولي، أكدت وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيتارامان، خلال فعالية في نيودلهي، أن حرب "إسرائيل" على قطاع غزة تثير المخاوف بشأن التحديات الجيوسياسية التي يواجهها الممر الاقتصادي متعدد الأطراف الذي تدعمه الولايات المتحدة والذي يربط الهند بأوروبا.
وقالت سيتارامان إن "الصراع الدائر في إسرائيل وغزة دليل مقلق على التحديات الجيوسياسية التي يواجهها الممر الاقتصادي".
وفي استذكار للمشروع، يتألف المشروع الذي أُعلن عنه في أثناء قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، وهو يربط قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا- من ممرين منفصلين أحدهما يربط الهند بالخليج العربي والآخر يربط الخليج العربي بالكيان الإسرائيلي فأوروبا، في منافسة واضحة لمبادرة الحزام والطريق الصينية.
ويقول خبراء إن الدول المستفيدة من المشروع هي الهند ودول الخليج العربي والأردن و"إسرائيل" والاتحاد الأوروبي، لكن هؤلاء يعتقدون أن المشروع الصيني يعد قابلا للتطبيق أكثر مقارنة بالمشروع الأميركي.
وكما رجّحت القراءات، فإن هذا المشروع يندرج في إطار المبادرات الرئيسية التي يدفع باتجاهها البيت الأبيض لمواجهة النفوذ الصيني المتنامي في المنطقة، فخطة البنية التحتية للشرق الأوسط لإدارة بايدن هي جهد واضح لمواجهة مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين. وهو -بحسب القراءات السابقة- يأتي أيضاً في وقت تدفع فيه واشنطن نحو إبرام اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية.
اصطفاف إماراتي فظ مع العدوان:
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" في وقت سابق، أن سرباً من الطائرات الأمريكية وصلت إلى قاعدة الظفرة الجوية في أبوظبي بهدف دعم الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة.
ونقلت الصحيفة عن البنتاغون، أن سربا من طائرات A-10 وصل قاعدة الظفرة في الإمارات لدعم الاحتلال الإسرائيلي وردع أي هجمات قد يتعرض لها.
وقاعدة الظفرة الجوية هي مطار عسكري تقع على بعد حوالي 32 كم جنوب العاصمة أبوظبي، وتشغل من قبل القوات الجوية الإماراتية والأمريكية والفرنسية، وانطلقت منها العديد من العمليات العسكرية ضد طالبان في أفغانستان، وداعش بالعراق.
وعلى خلاف معظم الدول العربية، التي حاولت أن تمّع على موقفها الحقيقي من العدوان على القطاع فحملت بعضها الاحتلال الإسرائيلي السبب الرئيسي في إطلاق عملية "طوفان الأقصى"، قالت وزارة الخارجية الإماراتية إن "طوفان الأقصى" تمثل "تصعيداً خطيراً وجسيماً" بحق الإسرائيليين، في تماهٍ متعمّد مع الخطاب الغربي.
وأبلغ الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن أبوظبي تقف مع إسرائيل بكامل إمكانياتها العسكرية والسياسية والإعلامية في حربها على الفلسطينيين.
ومُنِي النظام الإماراتي بخيبة أمل شديدة على إثر التطورات التي تشهدها إسرائيل بفعل عملية المقاومة الفلسطينية تحت اسم طوفان الأقصى.
وشدّدت الإمارات في بيان لوزارة الخارجية على ضرورة وقف التصعيد، والحفاظ على أرواح المدنيين. وقدمت "خالص التعازي لجميع الضحايا الذين سقطوا جراء أعمال القتال الأخيرة"، في شمل وقح لأرواح الفلسطينيين مع أرواح الصهاينة، وللفعل الإستيطاني مع الفعل المقاوم.
وأكدت الوزارة أن دولة الإمارات تدعو إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والوقف الفوري لإطلاق النار لتجنب التداعيات الخطيرة.
ارسال التعليق