صحيفة: الرياض فشلت في تبييض انتهاكاتها لحقوق الإنسان
التغيير
نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن مساعي المملكة الإفلات من التهم والانتقادات التي تطاردها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "التغيير"، إن الاستراتيجية التي اتبعتها المملكة قبل بضع سنوات فشلت فشلا ذريعا في الأسابيع الأخيرة، وهو ما يتجلى في إخفاقها في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وفي قمة قادة مجموعة العشرين المنعقدة نهاية هذا الأسبوع التي كان الهدف منها تلميع هذه الانتهاكات.
على عكس كل التوقعات، تحصلت المملكة في شهر تشرين الأول/ أكتوبر على أقل عدد من الأصوات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لتتبدد بذلك آمالها في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان. في الأثناء، ضمنت دول أخرى مثل روسيا والصين وكوبا، التي تتبعها تحفظات مماثلة بين المنظمات الدولية مقعدا لها في هذا المجلس.
وأشارت الصحيفة إلى أن المملكة حصلت على 90 صوتا فقط في حين فاز العملاق الصيني بنحو 139 صوتا. ويبيّن هذا الأمر بشكل صارخ العزلة الدولية التي تحاول المملكة إخراج نفسها منها رغم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي استنكرتها المنظمات الدولية منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية بإسطنبول، وصولا إلى سجن الناشطين والمعارضين، ومقتل عشرات الآلاف في حرب اليمن المتورطة فيها.
ونقلت الصحيفة عن المعارض سعد الفقيه المقيم في لندن، ومؤسس الحركة الإسلامية للإصلاح، أن "استراتيجية المملكة مُقدر لها بالفشل، ذلك أن تهور محمد بن سلمان تجاوز بكثير المنطق الذي يفكر به". ويقول وليد الهذلول شقيق لجين الهذلول، إحدى الناشطات اللاتي اعتقلن قبل عامين ولا تزال في السجن، إن "استراتيجية العلاقات العامة للمملكة كانت كارثية وبلا نتائج".
في سعيها للوصول إلى هيئة الأمم المتحدة التي تأسست قبل 14 سنة وتتألف من 47 دولة، أعلنت المملكة الربيع الماضي عن سلسلة من الإصلاحات القانونية التي تضمنت الحد من استخدام عقوبة الجلد وإلغاء عقوبة الإعدام على الجرائم التي يرتكبها القُصر. ولكن منظمات حقوق الإنسان شككت في هذه الإجراءات.
من جانبه، أكّد علي الدبيسي، مدير المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أن "العالم لا ينخدع، فسلسلة الإصلاحات في المملكة ستظل حبرا على الورق، إذ لم يتغير شيء على أرض الواقع ولا يزال حكم الإعدام نافذا في ثلاثة عشر طفلاً". خلال السنة الماضية، أُعدم ستة أشخاص بسبب جرائم مزعومة ارتكبوها عندما كانوا قُصّرا. ولم يساعد المرسوم الملكي الصادر في نيسان/ أبريل على مراجعة عقوبة الإعدام الصادرة في حق ثلاثة شبان قبل بلوغهم سن 18 سنة والذين ما زالوا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام عليهم.
في الأشهر الأخيرة، تصاعد الضغط على المملكة وحاكمها "الفعلي" محمد بن سلمان. كما تقدم سعد الجبري - وهو مسؤول كبير في جهاز المخابرات - منذ سنوات، بدعوى ضد بن سلمان لإرساله فرقة إلى كندا لاغتياله، التي تنضاف إلى قضايا أخرى متعلقة بالتجسس الإلكتروني ضد المعارضين والصحفيين ورجال الأعمال مثل جيف بيزوس. كما رفعت شكاوى من داخل العائلة المالكة نفسها بعد إرسال بعض أفرادها إلى السجن.
وأشارت الصحيفة إلى أن عددا من الأمراء كسروا حاجز الصمت. حتى أن الأمير سلمان بن عبد العزيز بن سلمان بن محمد آل سعود، الذي تم اعتقاله في كانون الثاني/ يناير من سنة 2018 مع عشرات الأمراء الآخرين، قد وظف أحد أعضاء جماعة الضغط المعروفة في واشنطن مقابل مليوني دولار لمحاولة تخليصه من الاعتقال.
في الحقيقة، لم يتوقف قمع السلطات في المملكة. ففي نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر، أعلنت عائلة الناشطة لجين الهذلول، المسجونة منذ شهر أيار/ مايو 2018، أن ابنتهم دخلت في إضراب جوع احتجاجا على ظروف السجن. وتقول شقيقتها لينا، التي تشعر بالقلق الآن بشأن تدهور وضعها الصحي بسرعة، "خلال زيارة والديّ، أخبرتهم لجين أنها سئمت التعرض للإيذاء وعدم القدرة على التواصل مع الأسرة".
في السنة التي ينبغي أن تستضيف فيها "المملكة الجديدة" قمة مجموعة العشرين، التي طغت عليها جائحة فيروس كورونا، لم تنجح محاولات إغلاق قضية خاشقجي على وجه السرعة من أجل حماية محمد بن سلمان والمقربين منه، في تلميع صورة المملكة وتحسين مصداقيته الدولية.
ونقلت الصحيفة عن أنييس كالامار، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء التي تواصل التحقيق في جريمة قتل خاشقجي وملابساتها بما في ذلك مكان دفن الجثة، قولها إنها "لم تكن جريمة قتل فحسب، بل اختفاء وتعذيب وجريمة ضد تركيا والمجتمع الدولي والقواعد التي تحكم جميع دول العالم. لقد كانت جريمة عنيفة ووحشية وقاسية لا يمكن العفو عنها".
اعترف أندرياس كريج، المحلل الأمني في كلية كينجز لندن، لصحيفة الموندو بأن "قضية خاشقجي ستبقى حاضرة في جوهر أي خطاب حول المملكة وتقوض عالميا أي محاولات تبذلها لتلميع صورتها"، مضيفا: "حتى ضمن دول مثل الصين وروسيا التي لديها سجل مروع في مجال حقوق الإنسان، تبرز المملكة باعتبارها الدولة التي أمرت بقتل أحد مواطنيها في الخارج. وسيستمر ذلك طالما أن ابن سلمان لا يزال على رأس السلطة".
ارسال التعليق