ضريبة على الطرق لتنويع الإيرادات غير النفطية!
يبدو أن النظام السعودي يتبنى سياسة جسّ النبض والقيام بتجربة أداء تسبق اتخاذه لكل قرار يستهدف "جيبة المواطن". فبعد أن استولى على ثروات الأرض النفطية وإيراداتها بات يتفنن في ابتكار الأساليب التي تضمن دخول الإيرادات ووفرتها لغاية ضمان رفاهية "العائلة الحاكمة".
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر لقناة "العربية" السعودية عن "استعداد هيئة الطرق لتطبيق قرار فرض رسوم الطرق خلال عام من الآن، ليشمل طرقًا رئيسة لها طرق رديفة غير مدفوعة. وأكدت المصادر أن هيئة الطرق تبحث مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع الطرق وصيانتها وتحصيل الرسوم".
لتعود صحيفة السبق الإلكترونية وتنفي عن مصدر وصفته بـ"المسؤول" في وزارة النقل صحة ما يتم تداوله في بعض المنصات الإعلامية عن فرض رسوم على الطرق خلال العام القادم. حيث قال: ما تم بثه إعلاميًّا في إحدى القنوات التلفزيونية لم يستند لأي مصدر رسمي. أتى ذلك بعد الضجة التي أثارها الخبر بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي لناحية كونه بابا جديدا للاستئثار على المداخيل التي باتت لا تكفي أصلا بفعل تضخم الأسعار وغلاء المعيشة.
إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن فكرة الضريبة ليست بالجديدة، بل جرى شيوعها في العام 2020 ونفيها بالطريقة نفسها بعد أن أحدثت ضجة محلية حينها، سيما وأن تسريبها أتى بالتوزاي مع ما كان يعانيه النظام الاقتصادي الدولي بشكل عام والسوق النفطي بشكل خاص بفعل جائحة كورونا وتراجع مستوى الطلب على موارد الطاقة، بما عكسته من انخفاض في مستوى إيرادات "المملكة" .
ليس بتنوع الاقتصاد تنمو الإيرادات غير النفطية في "السعودية" إذا ، بل بزيادة زواريب إفقار الشعب. حيث روجت حكومة محمد ابن سلمان على ارتفاع الإيرادات تلك إلى مليار ريال في نهاية النصف الأول من عام 2022، وفق الميزانية السعودية نصف السنوية.
هذا وبدأ النظام السعودي منذ العام 2020، رفع ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات إلى 15 بالمئة، بعد أن كانت 5 بالمئة اعتبارا من مطلع 2018. وجاء رفع الضريبة، نتيجة لتضرر القطاع النفطي من تداعيات تفشي فيروس "كورونا" التى أدت لتهاوي أسعار النفط بوصفه مصدر الدخل الرئيسي للميزانية. كما سجل انكماش الاقتصاد السعودي بنسبة 1 بالمئة في الربع الأول من العام 2020، نتيجة انكماش القطاع النفطي 4.6 بالمئة. حيث سجلت أسعار النفط أسوأ أداء فصلي في تاريخها خلال الربع الأول من ذلك العام
وترافقت تلك الإجراءات مع وقف بدل غلاء المعيشة الذي كان يصرف للعوائل، وخفضت "السعودية" إنفاقها الحكومي لعام 2020 بنحو 13.3 مليار دولار. ووفقا لبيانات رسمية سابقة، سجل مستوى التضخم ارتفاعا بلغ 5.3 بالمئة في أبريل/ نيسام 2021 من 4.9 في الشهر الذي سبقه كاستمرار لانعكاس زيادة ضريبة القيمة المضافة.
وخلال عام واحد فقط، بلغت الإيرادات حوالي 295 مليار ريال بارتفاع نسبته 30.2 في المئة، فيما سجَّلت الضرائب على السلع والخدمات خلال عام 2020 نحو 232 مليار ريال، بارتفاع نسبته 41.8 في المئة.
هذا وقالت وكالة “رويترز” للأنباء إنَّ انخفاضاً طرأَ على سوقِ الأسهم السعودية وسط هبوط أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ شهر شباط / فبراير 2022.
وذكرَتِ الوكالة أنَّ “ارتفاع التضخُّم وارتفاع أسعارِ الفائدة أدّيا إلى إثارة مخاوف من حدوث ركود اقتصادي”. وأشارَتْ إلى أنَّ “ذلك قد يؤدّي إلى تراجُع الطَّلب على النفط، مما يعني خسائر بالغة على السعودية”.
ما ورد لا يمكن فصله عن الفشل الذي تمنى به مشاريع ابن سلمان "الخيالية"، سيما في رؤيته 2030 الرامية إلى تنويع موارد "المملكة" من بوابة جذب الاستثمارات الأجنبية وإطلاق مشاريع أقرب إلى الحلم من كونها قابلة للتحقيق ، كمشروع "ذا لاين" في مدينة نيوم، الأمر الذي وضع في إطار بيع الأوهام وتبديد الأموال من خلال عقد صفقات مع شركات هندسية واستجلاب أطقم أجنبية للعمل على مشروع رسمه خيال ابن سلمان متأثرا بأفلام الخيال العلمي.
وفي هذا الصدد قال الكاتب الأمريكي كاي سميث إن وضع الناس في صناديق مثل مدينة ذا لاين The Line السعودية لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمات النفسية والعقلية. وذكر سميث في سلسلة تغريدات عبر “تويتر” أن الناس أصبحوا الآن يفرون من المدن الكبرى بحثًا عن مساحة أكبر وهواء طلق ونقي.
وأشار إلى أنه “آمل ألا نضطر أبدًا إلى اختبار مدينة ذا لاين”، موجهًا سلسلة انتقادات لمحمد بن سلمان ومشاريعه. وتساءل: “لماذا لا يصلحون المدن التي لديهم؟ ولماذا يجب على البشر العيش في صندوق جامد بلا روح؟.. إنه أشبه بمدن الخيال العلمي البائسة”. وقال: “حين شاهدت إعلان ذا لاين أدركت مدى جهل من يصمم هذه الأفكار”.
ارسال التعليق