طالبي اللجوء السعوديين سيصل إلى 50000 بحلول عام 2030
ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن السعودية تعيد إحياء الجهود الرامية لإعادة المعارضين إلى البلاد، وذلك في مسعى للحد من الأضرار التي قد تلحق بها من معارضي الخارج. وقالت الصحيفة: إن الرياض تعمل على إغراء منتقديها في الخارج بالعودة إلى المملكة، وتلجأ لتحقيق ذلك إلى تقديم ضمانات بشأن سلامتهم وتأكيد عدم تعرّضهم للمساءلة لاحقاً. وأشارت إلى أن السلطات، وبعد مرور تسعة أشهر على حادثة قتل المواطن الصحفي جمال خاشقجي التي ألحقت أضراراً بالغة بسمعة المملكة، تحاول منع سعوديين آخرين ممَّن يعيشون بالخارج من التعبير عن مخاوفهم تجاه ولي العهد محمد بن سلمان وطريقة إدارته للبلاد.
وكشفت دراسة جديدة أجرتها المملكة أن عدد طالبي اللجوء السياسي السعوديين سيصل إلى خمسين ألف شخص بحلول 2030.
ونصحت الدراسة، وفقاً للصحيفة، سلطات الرياض بتبني سياسة أقل تشدّداً مع المعارضين من خلال منحهم إغراءات لضمان عودتهم إلى البلاد.
وقالت فايننشال تايمز: إن سياسات ابن سلمان دفعت العديد من المواطنين المعارضين ورجال الأعمال إلى الهجرة إلى عواصم غربية خلال السنوات الأخيرة. وتشير بيانات وكالة اللاجئين الأممية إلى أن 815 سعودياً على الأقل تقدّموا بطلب للجوء عام 2017، مقارنة ب 195 عام 2012. وتعد المملكة المتحدة وكندا وألمانيا من بين الوجهات الرئيسية لطالبي اللجوء السعوديين.
ومن بين هؤلاء طلاب أرسلتهم الحكومة للدراسة في الخارج، ولكنهم قرّروا عدم العودة، وهناك نساء فررن من نظام الوصاية الذي يمنح الرجل السلطة النهائية على حياتهن. ولا توجد منظمة أو مظلة تجمع المنفيين السعوديين معاً، إلا أن تعاونهم واتصالهم يمثل تحدياً جديداً للحكومة السعودية، التي تحاول البحث عن طرق لجذب المستثمرين الخارجيين، بغرض دعم خطط ولي العهد ورؤية 2030.
وكانت عدة تقارير غربية قد أكدت أن السعودية سعت خلال العامين الماضيين إلى التجسّس وملاحقة معارضين في الخارج واستدراجهم للعودة إلى البلاد ثم اعتقالهم وإخفائهم.
وقالت فايننشال تايمز: إن سياسات ابن سلمان دفعت العديد من المواطنين المعارضين ورجال الأعمال إلى الهجرة إلى عواصم غربية خلال السنوات الأخيرة.
وفي محاولة جديدة لمنع السعوديين الذين يعيشون في الخارج من مواصلة التعبير عن قلقهم ونقدهم من قيادة ولي العهد، يحاول المسؤولون الآن إقناع النقّاد والمعارضين بالعودة إلى وطنهم وإعطاء تأكيدات لهم على أمنهم وسلامتهم حالة عودتهم. ونقل الكاتب عن سعودي يقيم في المنفى وصله عرض بالعودة، قوله: “عادة ما يتصل بك شخص قريب من القيادة أو وسيط آخر، ويقول لك: لدي رسالة شخصية من ولي العهد، يعدك ألا يحصل لك ضرر أو سجن لو قرّرت قبول عرضه”.
وأشارت الصحيفة إلى أن محاولات جلب المُعارضين في الخارج لا تزال قائمة حتى بعد جريمة قتل خاشقجي، الذي كان يقيم في فيرجينيا وأدى مقتله العام الماضي في قنصلية بلاده في إسطنبول، إلى أسوأ أزمة دبلوماسية مع الولايات المتحدة منذ هجمات سبتمبر.
وأضافت أن ضيق القيادة العليا من السعوديين المنفيين أدى بالديوان الملكي إلى طلب إعداد دراسة حول الموضوع، وذلك حسب شخصين يعرفان بالأمر. ولن يتم نشر الدراسة التي لا تزال تحت المراجعة، ولكنها تقدّر عدد طالبي اللجوء السعوديين ب 50.000 شخص، وذلك بحلول عام 2030. وأوصت الدراسة الحكومة تبني نهج لين مع المعارضين وتقديم محفّزات لهم للعودة، بدلًا من الضغط عليهم أو زيادة مقاومتهم للعودة.
وتشير الصحيفة إلى أن عدداً صغيراً من الإسلاميين السعوديين لجأوا في التسعينيات من القرن الماضي إلى العواصم الغربية، خصوصاً لندن وواشنطن، وعاد بعضهم بعد صفقات مع الحكومة. إلا أن عدداً أكبر بات يبحث عن طرق للجوء إلى الخارج في السنوات الأخيرة، بعدما انحسرت مساحة النشاط وحرية التعبير في المملكة.
ونقلت الصحيفة عن ناشط سعودي يقيم في أوروبا قوله: “ما يثير القلق الكبير هو أن هذه المجموعة تقوم بعمليات لوبي في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والكونجرس في الولايات المتحدة”، مضيفاً: “لقد لعبوا دوراً مركزياً في ردة الفعل السلبية ضد السعودية في الأشهر الأخيرة، لأنهم كانوا يعملون بطريقة غير مسبوقة، ولو ظلوا صامتين لنسي المجتمع الدولي وتحرك للأمام”.
وكشفت تقارير صحافية محلية سعودية في عام 2016 عن تحذيرات مجلس الشورى، المعين أعضاؤه من قبل الملك، عن مخاوف من وجود مليون سعودي في الخارج، وطالب السلطات “بالتحقيق في هذه الظاهرة وأسبابها قبل أن تتحوّل إلى ورطة اجتماعية وسياسية”. وكانت المُقرّرة الخاصة في قضايا القتل خارج القانون في الأمم المتحدة قد أصدرت تقريراً، الشهر الماضي، قالت فيه: إن هناك أدلة موثوقة تشير إلى أن ولي العهد والمسؤولين البارزين في الحكومة السعودية ضالعون في مقتل خاشقجي، ودعت إلى تحقيق مستقل في جريمة قتله. ورفضت السعودية التقرير ووصفته بالمتحيز.
وبحسب إيمان الحسين، الزميلة الزائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فقد أسهمت طريقة التغيير الاقتصادي والاجتماعي من أعلى إلى أسفل بخلق حالة استقطاب داخل السعودية، ودفعت بعض الناس إلى الخروج، حتى ولم تكن دوافعهم سياسية محضة. وقالت: إن “مناخ الخوف وعدم الوضوح الناتجة عن التغيرات الجذرية التي تم تطبيقها حتى هذا الوقت قد تستفيد لو كانت هناك مساحة للنقاش الذي يؤدي إلى تعدّدية في الآراء”. مضيفة: “لو تم تعزيز موقف وسطي فيمكن من خلاله احتواء الأمور في داخل البلد”.
وتختم “فايننشال تايمز” تقريرها بالإشارة إلى قول الحسين: إن “مناخ الخوف وعدم الوضوح الناتج عن التغيرات الجذرية التي تم تطبيقها حتى هذا الوقت، قد تستفيد الدولة منه لو كانت هناك مساحة للنقاش الذي يؤدي إلى تعددية في الآراء”، وأضافت: “لو تم تعزيز موقف وسطي فإنه كان يمكن من خلاله احتواء الأمور في داخل البلد”.
ارسال التعليق