على غرار صدام.. أسطورة بن سلمان تبدأ في الاهتزاز
بقلم: إبراهيم سمعان
أسطورة التحديث والإصلاحات التي روَّج لها محمد بن سلمان خلال الفترة الماضية، واحتلت عناوين الصحف العالمية بدأت في الاهتزاز، وذلك بعد حملة القمع والاعتقالات التي استهدفت العديد من النشطاء.
تحت عنوان “المملكة العربية السعودية.. خطوة إلى الأمام واثنتان للوراء”.. سلطت صحيفة “lenouveleconomiste” الناطقة بالفرنسية الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان التي تشهدها السعودية رغم الوعود الإصلاحية التي يتحدث عنها ولي العهد.
وقالت الصحيفة: يبدو أنَّ أسطورة أمير التغيير والإصلاح محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي الشاب، التي خلقتها وسائل الإعلام بدأت تهتز؛ ففي حين أن العالم رحَّب بحرارة بالتقدم الديمقراطي الكبير والوصول إلى الحريات الاجتماعية بعد عودة السينما والسماح بقيادة المرأة، انتشرت أخبار عن اعتقال 14 ناشطة سعودية.
وأضافت: إحدى هؤلاء لوجين الهذلول، التي التقطت صورة مع الأميرة البريطانية الجديدة، ميجان ماركل، في قمة مخصصة لمشكلات الشباب بكندا.
وأشارت إلى “أنه في الواقع، عندما ندقق في مبادرات هذا الأمير المتقلب، نجدها متناقضة بشكل جذري مع الصورة التي يروّج لها في وسائل الإعلام؛ فبعيدًا عن كونها بطلة للحداثة، اتضح أن مبادرات ولي العهد السعودي كلها مصادر للفوضى، مع عواقب حقيقية في كل من الوطن والإقليم”.
وأوضحت أن أول هذه المبادرات الحرب في اليمن، التي أطلق عليها اسم “عاصفة الحزم” وكانت بداية لإحدى العمليات العسكرية الأكثر كارثية في الشرق الأوسط، والشيء الوحيد الذي كان حازمًا في هذه العملية مذبحة السكان المدنيين؛ حيث نجم عن القصف أكثر من 40000 حالة وفاة بين المدنيين، وتسبب في أكبر أزمة إنسانية في الوقت الحالي مع ملايين اليمنيين المهددين بالمجاعة والكوليرا.
وأكدت أن الجيش السعودي، ومعظمهم من المرتزقة الكولومبيين والصِّرب، لم يتمكن حتى من اختراق المناطق الداخلية وأكثر من ألف كيلومتر من العاصمة الحوثية، وفي نهاية المطاف توحد الشعب اليمني في كراهية المملكة التي فشلت حتى الآن في إعادة عبدربه منصور هادي إلى صنعاء.
أما المبادرة الثانية فهو مشروع رؤية 2030 الشهير الذي يهدف إلى الحد من اعتماد الاقتصاد السعودي على قطاع النفط، تكتب الصحيفة: إن حجر الزاوية في هذه الرؤية هو طرح 5٪ من رأس مال شركة النفط الوطنية أرامكو في البورصة.
ومع ذلك، في أعقاب رفض بورصة نيويورك وبورصة لندن، رفضت الأسواق الآسيوية لهونج كونج وسنغافورة هذا الاكتتاب العام؛ حيث كان من الصعب بالفعل على هذه الأسواق أن تصادق على قائمة بعيدة عن توفير ضمانات الشفافية المطلوبة.
ثالثًا اعتقال أكثر من أربعمائة من الأمراء وكبار المسؤولين السابقين في المملكة واحتجازهم لمدة أسابيع في قفص مذهَّب أو ريتز كارلتون الرياض، بذريعة الفساد المزعوم، والحديث بشكل دائم على صورة الانفتاح الاقتصادي للبلاد. اتضح أنها لم تكن سوى عملية ابتزاز، وضعت نهاية حاسمة لمشروع جذب المستثمرين الأجانب. بحسب الصحيفة.
تجدر الإشارة إلى أنه قبل أسبوع من تحول هذا الفندق الفاخر إلى سجن، ذهبت شخصيات اقتصادية دولية مثل بيل جيتس إلى هناك لعقد مؤتمر يهدف إلى تقديم السعودية على أنها جنة للاستثمارات الدولية.
ولفتت الصحيفة كذلك إلى قضية استبعاد قطر من مجلس التعاون الخليجي، الذي كان من المفترض أن يُجبر هذا البلد الصغير على الانصياع، كانت أيضًا كارثة دبلوماسية وأحدثت عكس ما كانوا يسعون إليه، أي توطيد العلاقة مع إيران. في الواقع، لم تلتزم قطر بالمطالب السعودية فحسب، بل إنها حسنت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران من خلال رفعها إلى مرتبة تبادل السفراء.
من خلال هذه المسألة، حققت السعودية المستحيل: الجمع بين إيران وتركيا، اللذين كانا يتقاتلان في معسكرات المعارضة لسنوات عديدة في سوريا، وينطبق الشيء نفسه على حماس، التي جعلت إيران حليفًا جديدًا، مما جعل هذا البلد جارًا معقدًا لإسرائيل.
وتؤكد الصحيفة أنه مما زاد الطين بلة، احتجاز رئيس الوزراء اللبناني، الذي تطلب تدخل الرئيس الفرنسي للإفراج عنه، ففي السعودية يميل الناس كثيرًا إلى مقارنة ولي العهد بصدام حسين.
لقد كان صدام في السبعينيات يرمز إلى التحرّك نحو الحداثة وبعد نهاية الثمانينيات أصبح دكتاتورًا قاسيًا وحشيًا، وهذه هي الصورة التي من المرجَّح أن تتناسب مع الشخص المتوقع أن يصبح الملك القادم للسعودية.
ارسال التعليق